بقلم : محمود عامر لم أتابع كل حلقات مسلسل وحيد حامد عن الإخوان المسلمين، بل شاهدت الحلقة التى عن قتل القاضى الخازندار وتفجيرات حارة اليهود ومتاجرهم، ثم تابعت حلقة حوارية فى برنامج «القاهرة اليوم» بين اثنين من الإخوان المسلمين واللواء فؤاد علام بجانب المقدمين للبرنامج.. ولى كلمة حول هذا الحوار وحول مسلسل وحيد حامد على النحو التالى: يظن البعض أن المسلسل إنما القصد منه مهاجمة الإخوان وقد يكون ذلك صحيحاً ولا سبة فى ذلك، فتاريخ الإخوان تاريخ أسود لا ينكره إلا مكابر صاحب هوى، وفى المقابل هناك من يظن أن المسلسل لتمجيد الإخوان وأنا مع الرأيين فالمسلسل يرضى من يرغب فى مهاجمة الإخوان ويرضى من يرغب فى نشر فكر وأعمال الإخوان لأنه يعتقد بمشروعيتها فأول ملاحظاتى على المسلسل اسم المسلسل نفسه فاختيار العنوان دليل مدح وليس دليل ذم.. فلفظ «الجماعة» كمسمى لفظ مقبول شكلاً ومعنى فيد الله مع الجماعة وهذه غفلة من المؤلف لأنه لا يكتب من منظور شرعى وإنما يكتب من منظور أدبى أو فنى وكان الأولى اختيار اسم آخر يدل على الواقع الفكرى والعملى للإخوان، فالجماعة فى مفهوم الشرع لها معان كثيرة أهمها: الجماعة: من كانوا على ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهذا معنى عقيدى لا خيار للمسلم فيه. والمعنى الثانى: الجماعة بمفهومها السياسى الشرعى وهى من كانوا تحت إمرة حاكم مسلم متغلب له شوكة ولو كان ظالماً، وبالتالى فكل جماعة أعطت بيعتها لغير الحاكم الممكن المتغلب كفرقة الإخوان هى جماعة بدعية تندرج تحت مفاهيم الخوارج.. وتفجير حارة اليهود ومتاجرهم دون إعطائه البعد الشرعى اللازم يعد عند الجماهير الغفيرة من المفاخر والبطولات وهذا من المكاسب الكبيرة التى حققها المسلسل للإخوان، وكان على المؤلف أن يوجد حواراً فقهياً بسيطاً حول هذه النقطة، فاليهود فى ذلك الوقت مستأمنون وأهل ذمة لا يعاملون بمعاملة اليهود فى فلسطين، فاليهود فى مصر لم يكونوا محاربين وبالتالى لا يجوز الاعتداء عليهم، أما فى فلسطين فهم محاربون فمن أراد حرب اليهود فليذهب لفلسطين بإذن حاكمه، وكذلك المحاكمة الهزلية التى عقدها حسن البنا بعد مقتل الخازندار واختلف الحضور فى برنامج القاهرة اليوم حول علم حسن البنا بالاغتيال وإعطائه الأمر من عدمه، فالمؤلف رجح رواية عبدالعزيز كامل وكذلك اللواء فؤاد علام وشوش الحضور من الإخوان جمال نصار والعضو البرلمانى على هذه الواقعة، وغاب عن الجميع ما اتفق عليه بين الإخوان وغيرهم أن حسن البنا عقد محاكمة لعبد الرحمن السندى بعد مقتل القاضى ودار حوار اعترف به أكابر الإخوان كمحمود الصباغ ومحمود عساف ومصطفى مشهور ولم يلتفت البرنامج ولا سيادة اللواء ولا حتى مؤلف المسلسل أن مجرد اعتراف الإخوان بمحاكمة السندى واعتبار قتل الخازندار قتلا خطأ والحكومة النقراشية دفعت الدية نيابة عن الإخوان، وكلف التنظيم السرى بمهمة تهريب النتلة من السجن وهذا التاريخ لم يخالف فيه أحد ولم ينتقده وحيد حامد فى مسلسله لا هو ولا غيره. فمجرد الاعتراف بعقد المحاكمة دليل إدانه أن قيادة الإخوان يعتقدون أنهم أصحاب سيادة وولاية على مجموع أعضائهم وعلى مجموع الشعب المصرى بدليل أنهم عقدوا المحكمة وأصدروا الأحكام، فتربص مجرمون وعقدهم العزم على قتل القاضى وتنفيذها لذلك عند حسن البنا ومجلس تنظيمه الفاسد الغاشم الجهول قتل خطأ، أريد الآن فقهاء مصر الأزهريين الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول بول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأوجعوا أدمغتنا بالشجرة التى كتب عليها لفظ الجلالة وغيبوا عقول المصريين بخرافات وأوهام بدوى طنطا، هل الصورة التى أمامنا فى مقتل القاضى على يد الإخوان قتل خطأ أم قتل عمد واستحلال دم معصوم؟ وهل يجوز التستر على المجرمين والسعى لتهريبهم من السجون؟ ثم يخرج الدجالون يقولون إن حسن البنا برىء من دم القاضى والرجل أى حسن البنا وديع مسكين حكيم زكاه الأكابر ومدحوه.. أى دجل أكبر من هذا؟ والأعجب أن برنامج القاهرة اليوم الذى يستأسد فى أمور بسيطة لم تظهر أنيابه فى هذه الوقائع الدموية، فلم ينتبه الحضور للرد على الإخوانيين إلا اللواء فؤاد علام فى البرنامج بأن حسن البنا ولو كان غير راض عن مقتل القاضى لماذا ترك عبدالرحمن السندى على رأس التنظيم السرى (التنظيم الإرهابى) بعد مقتل القاضى؟ وتابع ذلك قتل أحد أعضاء الإخوان أنفسهم لأنه يخالف التنظيم السرى وهو (سيد فايز) وهى رواية مستشار حسن البنا وأمين أسراره د. محمود عساف فى كتابه الإمام الشهيد حسن البنا كما أكدها الشيخ سيد سابق فى نفس المرجع. ثم تبع ذلك التخطيط لقتل محمود عساف نفسه والشيخ سيد سابق كما ذكر محمود عساف إلى أن نصل إلى اغتيال النقراشى.. كل ذلك والشيخ الوقور الوديع الرزين الحكيم المسكين المظلوم لا يحرك التنظيم ولم يأمر التنظيم وعلى المغفلين وما أكثرهم أن يرضوا بهذا الدجل لأننا لا نعمل شرعاً ولا نعمل عقلاً. إن أفضل ما فى المسلسل أن أظهر لنا حقيقة مدونة عبر المراجع التى كتبها الإخوان أنفسهم أن الإخوان المسلمين ألعوبة الأنظمة منذ الملك وحتى الآن بل كانوا ألعوبة للإنجليز والأمريكان ولو بالإيحاء.. راجع ما كتبه محمود عساف حول زيارة حسن البنا نفسه لسكرتير أول السفارة الأمريكية ببيته بعيداً عن أعين الحكومة ليتعاون معهم على محاربة الشيوعية! ويا أهل مصر قادة وشعوباً ومفكرين لا يعالج فكر الإخوان بمسلسلات ولا بفكر العلمانيين ولا بالديمقراطية، إن علاج فكر الإخوان وأخواتها إنما يكون بالإسلام الصحيح المسند والواضح بالبرهان الشرعى. والسؤال الآن: منذ بزوغ نجم حسن البنا وحتى الآن رغم المكافحات الأمنية مازال فكر الإخوان يمثل مساحة ليست هينة على العقول المصرية، فأين علماء الأزهر؟ سؤال برىء جداً ما هى المراجع الأزهرية التى ناقشت فكر الإخوان المسلمين من سنة 1928 وحتى 2010م حتى يتجنب الشعب هذه الفرقة المحظورة. أخيرًا أُذكر بمقال لعلامة الأزهر ومحدث مصر القاضى الفقيه العلامة أحمد شاكر- رحمه الله- كتبه بمناسبة قتل النقراشى وأقترح أن يُغير اسم المسلسل باسم «المحظورة»