علي عكس كل التوقعات خرجت محصلة مشاهدة المسلسل التاريخي «كليوباترا» مؤسفة وبنتائج جاءت مخيبة بردود أفعال هزيلة علي المستوي التاريخي والدرامي، شملت اتهامه بالاعتماد علي وقائع تاريخية مشكوك في صحتها، ووصلت إلي حد الصدمة من أداء أبطاله بالرغم من أن بعضهم أصحاب رصيد فني كبير لدرجة وصفه بأنه ضعيف ومهلهل ووصل إلي حد العبث. الهجوم العنيف علي «كليوباترا» طال ديكوراته وملابس أبطاله وأحداثه غير المبررة، وبأنها أفقدت هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر الفخامة المعروفة عنها في المراجع والمرسومة علي جدران المعابد. تهمة تزييف التاريخ وتشويه وقائعه ووصف أحداثه بالفضيحة لخصتها تصريحات خرجت من وزير الثقافة فاروق حسني والأمين العام للآثار د. زاهي حواس بتأكيدهما أن العمل افتقدت تفاصيله، الإعداد والمراجعة والدقة.. غرابة الهجوم هنا لأن المسلسل يحمل شعار «صنع في مصر»، بإشراف وإنتاج مصري مباشر، وبأبطال مصريين وعلي رأسهم الممثل العملاق يوسف شعبان وفتحي عبدالوهاب ومعهم محيي إسماعيل، وبالاعتماد علي خبرة «سورية» متمثلة في مخرجه وائل رمضان وبطلته سولاف فواخرجي. وبعكس الصورة «العبثية» المرسومة لمسلسل «كليوباترا» تحدث يوسف شعبان ل «روزاليوسف» مدافعا عن أحداثه وأدائه فيه: - للأسف الشديد مسلسل «كليوباترا» تعرض لظلم كبير رغم الجهد المبذول فيه والاجتهاد الواضح من كل العناصر المشاركة في صناعته، ظلم فرضته الخريطة الدرامية المزدحمة والأحكام المسبقة، والمؤسف في رأيي ما قاله وزير الثقافة فاروق حسني ود. زاهي حواس الأمين العام للآثار بانطباع متسرع عن المسلسل والهجوم عليه بعد حلقتين من عرضه وكأنه «مكشوف عنهما الحجاب»، بأن ملابسه غير حقيقية وتفاصيله مزيفة، كيف يكون هذا الرأي بعد إذاعة حلقتين أو ثلاث منه؟! لكن نفس الانطباع أكده متخصصون في التاريخ الفرعوني رأوا تفاصيل مزيفة، ومشاهدون أكدوا أن يوسف شعبان لم يكن في أفضل حالاته؟ - مع احترامي لكل الآراء وبحكم تاريخي الفني أنا راض تماما عن أدائي في المسلسل ويكفي أن أذكر أن البعض رأي أنني قدمت أداء محترفا لشخصية «بطليموس الثاني عشر»، ولا أتصور أن من قال لي إنني قدمت أداء عالميا قد نافقني أو جاملني لأنني راض عن أدائي وأن الدور لم أقدمه من قبل، أشعر أني سخرت كل خبراتي في العمل بعد اقتناعي التام بتفاصيله بعد اجتهاد عناصره، وكنت في أفضل حالاتي الفنية، أما من قال إن بالأحداث تفاصيل مزيفة فأقول له فليأت بمصادره، وهنا يكون التقييم موضوعيا مع المؤلف الذي أري أنه استند إلي مراجع وكتب موثوق فيها، قرأتها جميعا وتأكدت من صدقها وصحة الرؤية الدرامية المرسومة حولها. بماذا ترد علي أحد الباحثين في التاريخ الفرعوني الذي أكد أن الملك بطليموس الثاني عشر لم يكن ملتحيا كما ظهرت، وأن ملابس الشخصية افتقدت للدقة؟ - لا أعرف من أين أتي بهذا، عموما أقول له: أثق تماما في المعلومات التي حصل عليها المؤلف السوري الذي اعتمد في الأساس علي كتب ومراجع تاريخية موثوق فيها، هذه الدقة فرضت نفسها علي كل تفاصيل العمل، ويكفي هنا أن أقول لك إن المشهد الذي كان من المفروض أن يصور في ساعة زمن كنا في بعض الأحيان نستغرق في تصويره 3 ساعات متواصلة وبأكثر من كاميرا، وهذا لا يحدث تقريبا في العديد من الأعمال التي نراها أو التي عملت فيها من قبل. شخصية «كاري» عشيق «كليوباترا» شخصية دخيلة علي الأحداث من صنع المؤلف، رآها البعض إحدي صور تزييف الأحداث والتاريخ؟ - هذه الشخصية فعلا من خيال المؤلف، فمن حق مبدع العمل الدرامي إضافة شخصيات لا تؤثر علي الأحداث، إنما تعطي دلالة علي الشخصية، والملكة كليوباترا كانت شخصية «بتحب الجنس» لحد المرض، والمؤلف هنا لم يظهرها علي أنها «عاهرة»، حتي نهاجمه، بل تصور شخصية من خياله لإضافة هذا المعني من خلال شخصية «كاري» اللص المحترف الذي أحبته كليوباترا. هل تري أن المسلسل، بعكس ما تردد، بلا أخطاء وأن شبهة التقصير غير موجودة سواء في أداء أبطاله أو مؤلفه؟ - مفيش أخطاء بالمصطلح الذي تقصده وأعترف بأن التقصير شعرت به عندما قرأت سيناريو المسلسل، وهذه المرحلة المهمة جدا في تاريخ مصر التي لم أكن ملما بها، رغم قراءاتي ومعلوماتي، بكل تفاصيلها، ففي هذا المسلسل لأول مرة أعيش هذه الفترة التي كانت مصر فيها تحت حكم البطالمة لمدة امتدت قرابة 300 عام، وفي الوقت نفسه اقتربت من هذه الشخصية «بطليموس الثاني عشر» وكيف أنه أحب مصر وشعبها وكان يرغب في المحافظة علي حدودها وباستماتة، وكيف أنه حمل كل هذا الحب لمصر ورغبته في إعداد ابنته للجلوس علي عرشها. البعض يؤكد أن المسلسل كان في حاجة إلي إعداد طويل ومراجعة وأن استعجال تنفيذه أصاب تفاصيله؟ - ليس صحيحا أن تنفيذه أصيب بلعنة الاستعجال، فقد عرض المخرج والبطلة الدور علي قبل التصوير بحوالي أربعة شهور، وقتها لم أكن أعرف المخرج لأن كل معلوماتي عنه أنه ممثل، لكن عندما جمعتني معه جلسات عمل أدركت موهبته وإمكاناته، وهنا يجب الإشادة بأداء سولاف وتمكنها من أداء كليوباترا، وأتصور أنها قدمت مستوي رائعا لهذه الملكة المصرية الشهيرة، هذه المهارات والإمكانات تأكدت منها أكثر أثناء التصوير وليس من باب المجاملة، فإن الأشقاء السوريين متميزون في الدراما التاريخية وإتقان اللغة العربية والدقة في كل شيء، والجميع لم يبخل عليه بجهد، هذا الإتقان تأثرت به أثناء تصوير كل مشهد، عندما كنت ألاحظ في عيونهم الإعجاب بعد كل مشهد، ولهذا أري أن معظم الآراء حوله كانت متسرعة، وأتصور أن إعادة المسلسل في توقيت آخر غير رمضان المزدحم بدراما من كل لون سوف تجعله يسترد مكانه اللائق به.