جذبت شخصية كليوباترا مبدعي الدراما والسينما منذ أن بدأ هذا الفن ليس فقط لأنها من أشهر الملكات التي حكمت مصر في العصر البطلمي لكن لأن حياتها كانت مليئة بالأحداث, والصراعات, والمؤامرت, حتي إبان فترة حكمها اصبحت حالة فنية مستفزة وحاول كثيرون تقديمها لكن لم تنجح الا اربع محاولات الأولي في عام1899 عندما قدمت السينما الصامتة فيلما عن حياتها والمحاولة الثانية عام1963 وجسدت شخصيتها في السينما العالمية إليزابث تايلور في فيلم كليوباترا الذي حصل علي العديد من الجوائز العالمية, وفي نفس العام قدمت شخصية كليوباترا في فيلم الفرعون, والمحاولة الرابعة جاءت في واحد من أسوأ عصور الدراما في العالم العربي ضمن هوجة السيرة الذاتية وهو ما قدمته الممثلة السورية سولاف فواخرجي في مسلسل يتناول قصة حياتها مسلسل كليوباترا واخرجه زوجها ومواطنها وائل رمضان ومن تأليف السوري قمر الزمان علوش, والذي وصفه النقاد بانه مجرد حواديت عن أمرأة ر ومانسية تحب كل رجل تقابله في حياتها, كما انه لا مرجعية تاريخية له, واشاروا الي انه فصل خصيصا لسولاف فواخرجي لتستعرض جمالها علي الشاشة.الانتقاد لم يقف عند النقاد وهاجمه ايضا اساتذة التاريخ اليوناني, وأتهموه بأنه يسئ لملكة بطلمية حكمت مصر, ويظهرها كعاهرة, ولا علاقة له بتاريخ مصر, وأحداثه التاريخية خاطئة, ويسيء لحقبة زمانية مهمة في تاريخ مصر القديم.
أساتذة التاريخ: سرقوا الشخصية كما يسرقون المتاحف أما اساتذة التاريخ فقد هاجموه وقالوا انه لا يستند لأي مرجعية تاريخية, وقال الدكتور عبدالحليم نورالدين أمين المجلس الأعلي للآثار المصرية الاسبق انه لا يملك أي احترام لمسلسل لم يراجع تاريخيا من أساتذة متخصصين في التاريخ الروماني, واليوناني, فما رأيته عبارة عن حواديت ليس لها علاقة بالحقائق, مضيفا انه يجب أن تكون للحبكة الدرامية حدود, وكما نحذر من اختراق المتاحف وسرقتها نحذر أيضا من اختراق التاريخ وسرقته. واضاف ان أحداث المسلسل لا تمت للتاريخ بصلة, فكليوباترا كانت ملكة بطلمية تمصرت, وهي يونانية الثقافة, والتقاليد, ولم تكن كما صوروها تحب كل من تقابلهم, فما رأيته مجرد حواديت عن قصص حب أمرأة, وليس تاريخ بلد, وتاريخ ملكة بطلمية حكمت مصر في العصر البطلمي. واشار الي ان كليوباترا من الملكات التي تحدث عنها التاريخ, وهناك موسوعات, وأبحاث عنها, وعن حياتها, حتي طريقة وفاتها ظلت مثار جدل حتي الآن, ولا أعلم لماذا لم يرجع صناع العمل الي أساتذة متخصصين في التاريخ الروماني, ليصححوا لهم الأخطاء التاريخية الفادحة. واضاف الدكتور محمد عبدالمقصود مدير الإدارة المركزية للآثار ان احداث المسلسل غير حقيقية, وكثير منها دراما لا تمت للواقع بصلة, فهي تمت كتابتها لجذب المشاهدين, لكنها لا تتحدث بشكل حقيقي عن الملكة كليوباترا. أو عصر البطالمة, فمن يرغب في كتابة دراما تاريخية عليه أن يعود الي المتخصصين, أو يكتب عملا بعيدا عن التاريخ, فلا يجب أن نتعامل مع التاريخ بأستهانة. ومن جانبه قال دكتور خالد غريب أستاذ الحضارة اليونانية بجامعةالقاهرة: هذا المسلسل أقل من أن نتحدث عنه, فهو خرج من اطار التاريخ, وكل عناصره فاشلة, فهذه ليست كليوباترا, حتي فيلم كليوباترا لإليزابيث تايلور لم يشوه كليوباترا كما فعل صناع هذا العمل.فمع كل محاولتنا لتكذيب المؤرخين الرومان فيما كتبوا عن كليوباترا وشوهوها, هذا المسلسل شوهها أكثر من أي شيء أخر, ولا أعرف من أين جاءوا بهذه الأحداث فمنطقيا حين نكتب عمل درامي تاريخي يجب أن نعود للمتخصصين, فالملابس غير صحيحة وهي ملابس ترجع للرومان, وليس للمصريين, كذلك موقع الأحداث أتساءل أين هي الأسكندرية الحقيقية؟ كذلك الملامح الشكلية, فكليوباترا ملامحها مختلفة عن الممثلة التي قامت بالدور, والباروكة لها مواصفات مذكورة لماذا لم يرجعوا الي التاريخ ليصنعوا باروكة حقيقية, والحية التي وضعتها علي التاج, موجودة علي الجدران لماذا لم يشاهدوها. هذا المسلسل ليس قصة حياة كليوباترا انما قصة حب بين فتاة حلوة عرفت أو عاشت مع ثلاثة رجال, فكليوباترا التي يتحدثون عنها أعادت قوة مصر في الوقت الذي كان العصر البطلمي ضعيفا, لدرجة أن روما شعرت بخطورتها, وقالت أنها يمكن أن تكون سبب ضياع الأمبراطورية الرومانية. شخصية أغسطس التي قدموها لو رجعوا الي التاريخ, أو قاموا ببحث علي الأنترنت, أو شاهدوا تماثيله سيعلمون أنه كان رجلا نحيفا, وكان يطلق عليه الرجل النحيف, وليس بدينا كما ظهر فصورة كليوباترا علي علب السجائر أفضل من هذا المسلسل, فما حدث هو أنهم أخذوا الموضوع وبوظوه وحرقوه, ولن يستطيع أي شخص اخر أن يقدم كليوباترا, فكليوباترا أتحرقت في هذا العمل الذي أقل ما يوصف به أنه وضيع. فالعمل التاريخي الآن يدخل في نطاق الفهلوة, وتتحكم فيه شركات انتاج, وشركات اعلانات, ومايحدث هو تشويه للحضارة المصرية, فالمسلسل أظهر كليوباترا ملكة مصر كعاهرة, ومن قام بهذا العمل لا يعرف تاريخ مصر, وهو عدو, فمن يقول ان كليوباترا ابنة الملك بطليموس الذي أعلن أنه ملك مصر العليا, والسفلي, ولم يقل يوما أنه أجنبي, وكليوباترا التي وقفت في معبد دندرة وقدمت ابنها للالهة المصرية, كملك مصر كيف نصورها كعاهرة تقيم العلاقات والنزوات الغرامية. فمسلسل كليوباترا لا يمت لملكة مصر كليوباترا الا بالاسم فقط.
النقاد يختلفون حول المسلسل قال الناقد الفني أحمد يوسف ان مسلسل كليوباترا افتقد الرؤية الفنية, وعبر عن حالة اضطراب, واظهر الملكة كليوباترا كفتاة رومانسية, تحب كل رجل تقابله, وهو ما يتناقض مع حياة الصراع التي عاشتها. واضاف انه لم يستطع الامساك بخيوط شخصيتها فحينا يصورها علي أنها تحاول الحصول علي حب شعبها واحيانا قاسية تعشق السلطة لكنني وجدت نفسي أمام أمرأة لا تقوم بشئ غير حكايات العشق والغرام. ولا أعرف إذا كان زوجها المخرج وائل رمضان كانت عنده تعليمات بأن يصورها هي فقط, ويركز عليها في كل الكادرات, ويتجاهل باقي الشخصيات. واشار يوسف الي ان جميع الكادرات كانت في مستوي واحد, وكل الممثلين كانوا يواجهون الكاميرا, وكأنهم أمام مشاهد مسرح. ولفت الي ان اسلوب الاخراج أفقد الكادر عمقه, وأصبح الحدث ضحلا وفي مستوي واحد لا يتغير, ولو قارنا مسلسل كليوباترا بمسلسل سقوط الخلافة وهو الأخر عمل تاريخي سنجد أن هناك شيئا يسمي في الفن التشكيلي بالمنظور المائل فيعطي عمقا للكادر, لكن وائل رمضان أستخدم الكاميرا بشكل عامودي, فأصبح لا يملك ألا تحريك كاميراته بالطريقة المصرية يمين, وشمال, وزووم إن, وزووم أوت, بدون عمق. كما انه افرط في استخدام الموسيقي طوال المسلسل في الخلفية فأفقدها معناها وهو ما يعني ان الاخراج كان ضعيفا والكتابة أضعف. وقال ان التركيز علي سولاف طول الوقت علي طريقة نادية الجندي بأن تقوم بالمسلسل من البداية, للنهاية, أظهر المسلسل كأنه متفصل علي مقاس سلاف, وطبعا بما أنها بطلة العمل, كان واضحا جدا أنها كانت المتحكمة في كل التفاصيل والمسلسل بشكل عام سيئ. وتقول الناقدة ماجدة موريس ان مسلسل كليوباترا يقدم معلومات كثيرة عن أجواء عصر ملكة حكمت مصر, كما يحرك الخيال لدي المشاهد بالنسبة لعالم يكاد يكون مجهولا بالنسبة له, وأنا ككثير من المشاهدين لم أقرأ كثيرا عن الملكة كليوباترا, فهي بالنسبة لنا ملكة أسطورية, وشديدة الجاذبية, وأعتقد أن المسلسل توافرت فيه عوامل نجاح كثيرة فالاخراج جيد, والموسيقي جذابة, باستثناء بعض الملاحظات الفنية منها قيام سلاف أو كليوباترا بالدور من البداية والنهاية, وعدم استعانتها بفتاة صغيرة تقدم دورها وهي صغيرة فضلا عن القصور الانتاجي في المعارك الحربية. وعدم وجود مرجعية تاريخية دقيقة, لتبحث الأخطاء التاريخية, وبرغم اعجابي بسلاف, وبقيادة المخرج وائل رمضان الذي أستطاع أن يقدم روح العمل التاريخي, ألا أنه بلاشك يحتمل وجود أخطاء تاريخية سواء في المعلومات المقدمة, أو الملابس خاصة أنهم لم يستعينوا بمراجع تاريخية, أو مصممي أزياء مصريين, ومصممة الأزياء في المسلسل سورية, وهذا يثبت أن الدراما التاريخية السورية, ليست أفضل من المصرية. أما أهتمامها بجمالها طوال الحلقات فأعتقد أنه كان محاولة لمغازلة الأسطورة, فمن خلال المعلومات التاريخية, عرف عن كليوباترا أنها كانت تهتم بجمالها, عن طريق حمامات اللبن. والمشكلة الخطيرة في هذه الأعمال أنها تقدم معلومات يعتبرها الجمهور مسلما بها, لذلك فالسؤال المهم هو لماذا لم تتم الاستعانة بأساتذة التاريخ المتخصصين لمتابعة الأحداث التاريخية, والملابس, وجميع التفاصيل المتعلقة بالعصر الذي يقدم ؟ وأعتقد أن العصر البطلمي توجد عنه أبحاث, ودراسات كثيرة. كذلك توجد شخصيات لمعت في المسلسل رغم ان دورها كان صغيرا مثل علي حسنين, وخليل مرسي, وبهاء ثروت, وطلعت حمدي, وفرح دسيس, وأيضا هناك أدوار كانت سيئة مثل دور أنتونيو الذي قدمه وائل رمضان, وشخصية بطليموس الثالث عشر التي قدمها ابن سولاف حمزة رمضان مما أظهر العمل علي أنه عائلي سخيف, فالطفل كان غير مدرب, وسنه كانت لاتسمح بتقديمه للدور, وأعتقد أن السبب هو حرص صناع المسلسل علي سرعة تنفيذه, مما جعلهم يتغاضون عن أشياء كثيرة, وهذا يحدث في مسلسلات كثيرة, وبوجه عام فإن المسلسل كان محاولة لتقديم حياة الملكة كليوباترا, وكنت أتمني أن يكون أفضل. الناقد طارق الشناوي يري ان المسلسل علي المستوي التاريخي كان مغالطا لأحداث التاريخ وقد أعترف صناعه بأنهم لم يلتزموا فنيا بتاريخ كليوباترا, وتعجب من اعتبارهم ذلك حقا لهم. وبعيدا عن الترقب لمشاهدة المسلسل, أعتقد أن الترقب كان أفضل مما شاهدناه, فما قدم كان هزيلا, ولا يليق بالملكة كليوباترا, ولا الفنانين الذين قدموا العمل, فهو عمل رديء, ودون المستوي بداية من الملابس, ولغة التخاطب, وتفاصيل العصر, وأعتقد أن هذا النوع من الدراما التاريخية يجب أن يتوافر فيه الثراء البصري, ووائل رمضان كمخرج لم تكن عنده هذه النظرة, ولم يقدم ثراء فنيا. الناقدة ماجدة خيرالله قالت إن المسلسل من الناحية الفنية متميز, والسيناريو جيد, وفيه مجهود كبير, ورقي علي مستوي الحوار, ومعظم الشخصيات مناسبة, وتعرض لفترة زمانية لايعلمها أحد. أما الملابس حتي لوكانت بها أخطاء فالمسلسل يتحدث عن عصر لا يعلمه أحد, وموقع الأحداث هي الاسكندرية, وكان يعيش فيها بطالمة, ورومان, ومصريون, وجنسيات أخري, وكل منهم له ملابسه وطقسه, فلا يوجد كتالوجات تتحدث عن الملابس في هذا العصر, وأعتقد أن ماقدم كان أقرب للحقيقة, فحتي الرسومات التي علي المعابد لم توضح أزياء ذلك العصر, أتذكر أنه في عام63 قدم فيلم عن هذه الحقبة الفرعون وكان تحت أشراف شادي عبد السلام, وأعتقد أنه كان مرجعا لأعمال كثيرة خاصة في الملابس. وأضافت ماجدة أن مسلسل كليوباترا بعيد عن كل ما يكتب من ناحية الوقائع التاريخية والملابس فكليوباترا كانت موجودة قبل ميلاد المسيح, والأعمال العالمية التي قدمت هذا العصر سواء في سقوط الدولة الرومانية, أو غيرها كانت تقدم بنفس هذه الأزياء, ومن يعترض علي الملابس ويقل بأنها لاتناسب هذه الحقبة, فليقدم شكل الملابس في هذا العصر. أما عن الاهتمام بسلاف وظهورها من البداية للنهاية, فهذا طبيعي لأنها بطلة العمل, فمثلا فيفي عبده في مسلسل طوق نجاة موجودة في كل المشاهد, وكذلك ليلي علوي في مسلسل حكايات وبنعيشها وجرت العادة علي ذلك, المسلسل أسمه كليوباترا. وأكدت أن المسلسل فيه عيوب, لكن عيوبه لاتزيد علي حسناته, ومن يتكلم عن الأخطاء التاريخية فعليه أن يشاهد ملكة في المنفي وأضافت اعتراضي الوحيد في مسلسل كليوباترا هو أن سلاف فواخرجي كان يجب أن تفقد بعض الوزن, فرغم أنها تتمتع بلياقة عالية, ولكن كان يجب أن تفقد بعض الوزن.