فى بعض الأحيان.. أقصد فى أغلب الأحيان.. بل أعنى، فى كل الأحيان.. حين أقرأ أخبار الصحف والمجلات، ومعها صور أبيض فى أسود أو ملونة، للشخصيات المصاحبة للأخبار.. أشعر، أننى أريد أن أقفز من الشرفة، أو أتناول سم فئران، أو أستقيل من العالم، بجرعة زائدة من الحبوب المنومة. أخبار.. وصور لشخصيات، لا علاقة لها، من قريب، أو من بعيد، ب«أولويات المجتمع الجديدة»، التى ستنقذه، من وضعه، المتدنى.. المتخلف.. السلفى.. الذكورى.. المتجمد.. العنصرى.. المتليف.. المتيبس، والمحتل لآخر قائمة المجتمعات الناهضة، المتقدمة.. الساعية بجدية، إلى التجديد، والإبداع، وتحدى الموروثات المعطنة، ودفع ثمن هذا التجديد، والإبداع، والتحدى. يوم الأحد 30 مايو 2010 كان الاجتماع الأول، لشىء، أطلق عليه «بيت الشعر العربى». وكان الاجتماع، فى مقره، فى «بيت الست وسيلة».. وهو بيت أثرى، فى منطقة القاهرة التاريخية. وهذا الشىء الذى أسموه «بيت الشعر العربى»، يتبع صندوق التنمية الثقافية، فى وزارة الثقافة.. وله - بالطبع - مجلس «أمناء». رئيس مجلس أمناء، بيت الشعر العربى، الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى.. وأعضاؤه هم: عماد أبو غازى، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.. ومن الشعراء: عبدالرحمن الأبنودى.. محمد إبراهيم أبوسنة.. فاروق شوشة.. محمد حماسة عبداللطيف.. حسام نصار ومحمود قرنى.. ومن النقاد، سعيد توفيق، ود.كاميليا صبحى. شىء غريب جدا.. وشىء مرفوض جدا.. مجلس «أمناء»، «بيت الشعر العربى»، كله من الذكور، سواء ذكور يشغلون مناصب فى وزارة الثقافة.. أو ذكور شعراء.. أو ذكور نقاد.. والمرأة الوحيدة، ناقدة، وليست شاعرة. المفارقة، أن «بيت الشعر العربى» الذكورى، قد أخذ بيته، ومقره، من بيت أثرى «لامرأة».. وهى «الست وسيلة»!! هو مافيش شاعرات نساء، فى البلد؟ وقادرات على تحمل مسئولية الانضمام إلى عضوية «بيت الشعر العربى».. هذا إذا كانت هناك مسئوليات حقيقية، يقوم بها مجلس «الأمناء»، وليس مجرد، ديكور، أو ملء خانات.. وسد مساحات، كما يحدث دائما من مجالس «الأمناء»، فى أغلب الأنشطة، التى تتخذ لها مجلس أمناء. شعراء ذكور.. تتكرر أسماؤهم، ليل نهار، فى كل مناسبة شعرية.. وكل مؤتمر شعرى.. وكل مناقشة شعرية.. وكل برنامج شعرى، فى الإذاعة، والتليفزيونات الأرضية، والفضائيات.. وكل لجنة شعرية.. وكل ندوة شعرية.. وكل ترشيح شعرى لجوائز.. أو ملتقى شعرى، فى الخارج، وفى الداخل. «بيت الشعر العربى».. هو أحدث الأنشطة فى مجتمعنا المتخلف، الذى يجسد التضخم الذكورى.. والتمييز ضد النساء.. وعدم الاعتراف بالجنس الأنثوى من البشرية.. وانتهاك للمواطنة الشعرية.. وتثبيت الموروثات الذكورية المتخلفة العفنة، والتى جعلت حالنا كما هو الآن. إذا كان مَنْ يطلق عليهم «النخبة الثقافية» فى البلد، لهم التوجه الذكورى،.. وينتهكون مبدأ العدالة بين الجنسين فى الثقافة، وفى الشعر، ولا يعترفون بأن هناك شاعرات نساء، وواقفين عند مرحلة من الزمن، تجمدت.. أو لنقل، تجددت وأنتجت للشعر العربى، أسماء جديدة، من كلا الجنسين.. أسماء غير مستهلكة.. غير مكررة فى كل مناسبة، واحتفال، وندوة.. أسماء تكتب قصائد جديدة، وثائرة، شكلا، ومضمونا.. إذا كان هذا، هو تفكير «النخبة»، فليس من العدل، أن نلوم «غير النخبة»!! أين تلك الأسماء الجديدة، من الجنسين، من مجلس «أمناء» بيت الشعر العربى؟؟ الشىء الغريب أيضا، والمتناقض، أن «بيت الشعر العربى» أعلن أن من أولوياته، البحث عن الأسماء الشابة، فى الشعر، وإعطاءها حظها من الظهور، وعمل مسابقات للشعر الشبابى «لا يزيد السن على 35 سنة». إن هذا الهدف الأساسى، وهو التوجه الشبابى، لا ينعكس فى مجلس «أمناء» بيت الشعر العربى. أعتقد أن «أمناء»، جمع، لكلمة «أمين».. وهذا يجعلنى أتساءل، فى «بيت الشعر العربى»، مجلس «الأمناء»، سيكون «أمينا»، على أى شىء؟؟ المفروض أن مجلس «الأمناء»، يكون «أمينا»، فى الالتزام، بالفكر التحررى، الثورى، الجديد، النهضوى، غير الذكورى.. غير العنصرى.. غير المتجمد.. غير المتيبس، المبتكر.. المبدع.. غير التقليدى. وهو الفكر الوحيد، القادر على نقل مصر إلى رحلة الألف ميل، فى القضاء على أسباب التخلف، والتردى، والفساد، فى كل مجال. إن أى نشاط يستبعد النساء نصف البشرية.. نصف العالم.. نصف الكون.. لهو نشاط «باطل».. له بعد واحد ذكورى، وعين واحدة، عن النساء عمياء. ولذلك، فإننى أقول: إن «بيت الشعر العربى»، بيت تقليدى، مثل غالبية البيوت المصرية، والعربية، «بيت ذكورى».. وإن مجلس «أمناء» «بيت الشعر العربى»، جاءت بدايته بالفكر نفسه، الذى يناهضه أعضاء مجلس الأمناء، ولكن، على الورق فقط، أو أمام الكاميرا، أو فى افتتاحيات المؤتمرات. قناعتى هى، أن «بيت الشعر العربى» هو «باطل».. «باطل».. «باطل». ؟ من بستان قصائدى ؟ ألقي بغربتى واغترابى.. مأساتى.. وعذابى.. حزنى.. قلمى.. أوراقى.. أحلامى المبتورة، حلم انعتاقى فى قبرى شيدته بدمى على مقاس آلامى واشتياقاتى وأظل أنتظر تأشيرة الخروج من عالم كله ضد فرحتى وقناعاتى.