الذهب الابيض أصبح «فالصو».. وتحول القطن إلى «كابوس» يطارد كل الفلاحين، ومن ورائهم العمال الذين يعملون فى صناعة الغزل والنسيج.. فالمصانع التى كانت تصم الآذان من شدة أصوات المكن، أصبحت وحيدة تعانى من الشيخوخة المتعمدة والمثيرة للتساؤل، وبالتالى تحول موسم الحصاد من أفراح إلى أحزان وخراب بيوت يهرب على أثرها إلى زراعة الأرز الذى يفقد الأرض خيرها ويضيع المياه. الحكومة لا تتوقف عن الحديث عن الحلول والخطط التى ستنقذ القطن ذا التاريخ، والذى كان أساس الدورة الزراعية المصرية لسنوات كثيرة، والآن لا يجد الفلاحون من يشتريه بعد أن أصبح المستورد أرخص من المصرى سعرا، وترفض الحكومة دعم المدخلات كما تفعل كل دول العالم، وتدعم المخرجات، وكأنها تساعد الفلاح الأجنبى من جيب الفلاح المصرى، نرصد فى هذا الملف الأزمة الخطيرة ذات الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، معاناة الفلاحين عن قرب بعدما زرناهم وسط حقول القطن التى تراجعت مساحاتها من مليون فدان إلى 300 ألف فدان فقط، وتكلمنا معهم فى مصانعهم التى أصبحت مجرد خرابات ومخازن للخردة، وقالوا لنا: إن «سواقة التوك توك أكرم من العمل فى مصنع نسيج». وننشر فى هذا الملف خطوات الحل التى تقدمها الحكومة وخاصة الاستثمار لإعادة النظر فى الجمارك التى ألغيت عن القطن المستورد فى 2005 وجعلت القطن السورى والأوزباكى واليونانى أرخص فى التكلفة من المصرى، وتعتمد على إعادة الهيكلة الإدراية لهذه الشركات الخاسرة وتبدأ بمصانع المحلة الكُبرى وإيران للغزل والنسيج والعربية بوليفار وإندوراما شبين ومصر العامرية، ومن المهم تحديد أسعار مدخلات الصناعة وفق الأسعار العالمية.. ومراقبة الترانزيت لمكافحة التهريب. ومن ناحيته أكد رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة فى تصريحات خاصة ل «روزاليوسف» أنه من الظلم الحديث عن انهيار هذه الصناعة، لكنه اعترف بأنها تعانى من معضلات خطيرة تحاول الحكومة الآن حصرها، مؤكدا أن الكويز لم ينجح بشكل كبير فى إنعاش هذه الصناعة لأسباب سياسية.