الأصوات الغنائية التي أفرزتها ثورة 25 يناير من أمثال «حمزة نمرة»، «رامي جمال»، «رامي عصام»، «عزيز الشافعي» آن لنا الاعتماد عليها في مسيرتنا الغنائية القادمة لعلها تصلح من شأن الأغنية المصرية، بعد حالة التردي الشديدة التي وصلت إليها والتي اعتمدت في الأساس علي اللحم الرخيص والأجساد العارية. الثورة التي أفرزت الأصوات الغنائية الجديدة لم تنس في زحمة الميدان أن تستدعي أصواتاً رائعة أبت علي نفسها التفاعل مع الغناء المسف الذي ملأ الساحة الغنائية في السنوات الماضية ففضلوا العزلة عن الدخول إلي دائرة الهلس مثل «عايدة الأيوبي» و«محمد عدوية». هؤلاء جميعاً كيف يرون مستقبل الأغنية المصرية في المرحلة القادمة؟! «حمزة نمرة» يري أن الساحة الغنائية لن تعود إلي الإنتاج الجيد إلا إذا توفرت له العناصر الرئيسية وعلي رأسها رأس المال الذي يمثل العملية الإنتاجية من نصوص جيدة وألحان متميزة أتمني أن تتحد كل كيانات الإنتاج الغنائي سواء الخاصة أو العامة للخروج بنا من عنق الزجاجة التي دخلنا إليها مُضطرين في السنوات السابقة نتيجة تضييق الخناق علي المطربين المصريين تحديداً لصالح المطربين العرب كذلك امتلاك السوق الغنائية بالإسفاف وظهور أصوات نشاذ سواء من الرجال أو أصوات لا يميزها سوي العري وإثارة الغرائز بالنسبة إلي النساء وساعدتهم علي ذلك الفضائيات المبتذلة التي هدفها الأساسي هدم القيم والأخلاقيات والذوق العام والفن الجيد. «رامي» يتمني أن تنتعش السوق الغنائية من خلال منتجين محترمين يسعون لإخراج جيلنا الغنائي من حالة اليأس التي أصابتنا نتيجة تردي المستوي الغنائي في السنوات الماضية والذي انعكس علينا بشكل كبير، خاصة أننا جيل يتحسس طريقه نحو عالم غنائي أفضل وأن كنت آمل ألا ينحصر فننا في دائرة المحلية أوعلي المستوي العربي فقط ويؤكد أنه ليس من النوع الذي ينظر إلي الخلف ويبني احتمالاته علي رؤية ضبابية لكنه يتمني أن يكون القادم أفضل. «جمال» يملؤه التفاؤل في الوقت الذي يستعد فيه لإصدار ألبومه الغنائي الثالث الذي يخوض به تجربته الإنتاجية الأولي بعد أن عجز عن العثور علي شركة إنتاج قادرة علي التعامل مع الأجيال الجديدة بشكل راقٍ بعد أن عجز عن العثور علي شركة إنتاج من الممكن أن تراهن علي أصوات شابة. «رامي جمال» يتمني خلال عام2012 أن يتم القضاء علي أهم جريمة دمرت السوق الغنائية وهي سرقة الأغاني قبل طرحها في الأسواق سواء عن طريق القراصنة الذين يعيدون طبع الألبومات بصورة رديئة من تحت السلم أو القراصنة الذين ينشرون الألبومات علي المواقع الإلكترونية والتي تدمر جيوب المنتجين. «عزيز الشافعي» استنكر حالة التراجع للسوق الغنائية وأكد أن بعض المنتجين يحاولون الخروج من دائرة الخسائر بتنظيم حفلات خارجية واللجوء إلي إنتاج ما يسمي ب«الميني ألبوم» وتوزيعه علي الفضائيات إلا أن هذه المحاولات لا تحقق نجاحا إلا بنسب ضئيلة. مشيراً إلي أن الميني ألبوم فشل تجارياً في العام الماضي وأضر كثيراً بسوق الكاسيت. «الشافعي» أكد أن ثورة الاتصالات هي السبب الرئيسي في تراجع سوق الكاسيت في مصر وسبب نكبة المنتجين المالية وأصبح المنتج الذي كان يطرح 5 ألبومات في العام لايقدر إلا علي طرح ألبوم واحد فقط. ويري «الشافعي» أن استمرار هذا التراجع يمثل خطراً كبيراً علي سوق الإنتاج الغنائي خاصة عمليات القرصنة التي تعرضت لها السوق دون أدني اعتبار لمسألة حقوق الملكية الفكرية. «رامي عصام» يري المستقبل الغنائي بمنظور مختلف، حيث يؤكد أن ما عاشته الساحة الغنائية من حالة تردٍ بين في المرحلة الماضية سيخلق بعد الثورة فكرا ووعيا ثقافيا جديدا وإن كان العائق الأكبر سيظل متمثلاً في شركات الإنتاج الغنائية والتي عزف الكثير منها عن الإنتاج بسبب الخسائر الفادحة التي أصابتها والتي أتمني إن تعود بعد أن ينصلح حال الغناء ويتم القضاء علي قراصنة النت في المرحلة المقبلة. ورغم ذلك لم ييأس «عصام»، وهو الآن يقوم بتحضير ألبومه الغنائي الأول وإن كان حتي الآن يبحث عن منتج له. بعد غياب 12 عاما استدعت الثورة من بين الأصوات الرائعة التي حجبت نفسها قصراً «عايدة الأيوبي» أكدت أن عودتها بأغنية «بحبك يا بلدي» التي غنتها من قلب الميدان جاءت تعبيرا صادقا عن كونها مواطنة مصرية قبل أن تكون مطربة عانت الأمرين من تردي الحالة الغنائية، لافتة أن مشاركتها في الثورة جاءت منذ اليوم الأول رغبة في التعبير عما تشعر به من انتصار إنساني ونفسي وهو ما دفعها إلي العودة الغنائية من جديد. وحول عودتها بالحجاب وإصدار ألبومها الأول (توسل ورجاء بجاه سيد الأنبياء) بعد هذا الغياب أعلنت اقتناعها الشديد بما وصلت إليه من الحالة الإيمانية الممزوجة بحب الوطن وهي الألوان الغنائية التي قررت ألا تتخلي عنها في المرحلة المقبلة سواء الغناء الديني أو الوطني والتي تقوم بتحضير ألبومين لهما حاليا متمنيا أن يكون السوق الغنائي القادم مهيئا للاستمرار. «محمد عدوية» كان وجوده في السنوات السابقة علي استحياء، فمنذ بدايته عام 1993 حتي عام 2004 لم يقدم سوي ألبومين فقط هما «هنعمل إيه» و«علمني أغني»، وفي 2004 قدم «الطيب أحسن» وبعده «كلمتين» 2006 ليكون «المولد» 2011 النقطة الفاصلة في حياته. التباعد الواضح بين محطات «محمد عدوية» كان بسبب زحام الأصوات الرديئة التي قضت علي الأخضر واليابس بالنسبة للأصوات الجيدة ولم تترق لها الفرصة والمساحة للظهور لتأتي الثورة وتعطي له أملاً من جديد. «عدوية» يبني أمله علي المنتجين الجدد الذين يؤمنون برسالة الفن وبالنهوض به من أجل الارتقاء بالذوق العام. من ناحيته وصف «محسن جابر» صاحب شركة عالم الفن عام 2011 بالعام الأسود لما عانته جميع شركات الإنتاج من خسائر باهظة.. جابر يري أن ما يحدث الآن من كساد في سوق الكاسيت سبق أن حذر منه، وطالب من الجهات المعنية خاصة وزارة الثقافة التدخل في حل تلك الأزمة الكبيرة، لكنه لم يجد تجاوبا في طلبه ويؤكد «جابر» أن الوضع سيزداد سوءا وسيستمر هذا التدهور في ظل استخدام التكنولوجيا المتطورة والقرصنة التي تتم لأي ألبوم قبل طرحه بالسوق من خلال بث هذه الأغاني علي شبكات الإنترنت، مما يضر المنتج مادياً لأن مبيعاته في السوق تنهار، فالمستهلك لن يدفع في منتج فلوسا مادام يستطيع الحصول عليه مجانا وبشكل سريع ومن هنا كيف يقوم المنتج بمواصلة الإنتاج في ظل النزيف المالي الذي يعاني منه. وأشار إلي أن فكرة «الميني ألبوم» كانت فكرة وسطية استطاعت من خلالها شركات الإنتاج القضاء ولو لفترة مؤقتة علي كساد سوق الكاسيت، ولكنها لم تنجح بالقدر الذي توقعته شركات الإنتاج.