تعقيباً على مقال بعنوان «الجزية نائمة.. لعن الله من أيقظها!» للدكتور عبدالله النجار، ص 64 من العدد 4359 فى 2011/12/24 أضيف إليه أن البعض يعتقد أن الفتوحات الإسلامية كان من نتائجها إجبار أهل البلاد التى تم فتحها على اعتناق الإسلام بالقوة أو دفع الجزية كبديل، ولكننا نجد أن المسيحيين واليهود يعيشون فى البلدان العربية والإسلامية وتنتشر كنائسهم ومعابدهم والموجود بعضها من قبل ظهور الإسلام ولم يتعرض لها المسلمون بالأذى حتى فى أشد عصور الدولة الإسلامية تطرفا.. ونقرأ قوله تعالى عن الجزية: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) التوبة ,29 فإذا نظرنا فى الآية رأيناها تضع شروطاً محددة للجزية تقع على البعض من أهل الكتاب وممن تنطبق عليهم بعض الشروط مثل أن يبدؤوا بقتال المسلمين، ثم ينتهى هذا القتال بهزيمتهم بدلالة قوله تعالى (صاغرون)، وألا يكونوا من المؤمنين بالله ولا باليوم الآخر، وألا يحرموا ما حرم الله ورسوله من قتل وشهادة زور وفواحش. كما نجد أن كلمة قاتلوا تقال للدفاع مع عدم الاعتداء كما فى قوله تعالى: (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة ..190ويتساءل البعض عن قوله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) لماذا أمر الله تعالى بأخذ الجزية من أهل الكتاب فقط ولم يأمر بأخذها من سائر المحاربين للإسلام؟ ونرى أن جميع الكفار والمشركين المعادين والمحاربين للإسلام وأهله من غير أهل الكتاب إذا اندلع القتال بينهم وبين المسلمين وتفوق المسلمون عليهم فى القتال فليس للمسلمين إلا قتلهم أو أن يتوبوا ويسلموا، كما فى قوله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) من الآية 5 من سورة التوبة، وما يحدث فى الحروب عادة أن المنتصر فى الحرب إما أن يقتل عدوه أو يجعله يستسلم وقد يقبل استسلامه أو لا يقبل ويقوم بأسره. أما أهل الكتاب المحاربون للمسلمين أو من يقومون بمساندة الأعداء ضد المسلمين فقد جعل الله للمسلمين معهم خيارات إذا ما انتصر المسلمون عليهم، إما قتلهم أو أن يعلنوا توبتهم وإسلامهم أو أن يدفعوا الجزية ثم تركهم وشأنهم وبذلك يكونون قد عصموا دماءهم من القتل. لقد تم أخذ الجزية فى صدر الإسلام فى وقت كانت الظروف التاريخية تختلف عما هى عليه اليوم، والشروط الواردة فى الآية كانت متحققة وقتها وكانت الصدقات وجزء من الغنيمة مصدرين لدخل الدولة ولهذا فقد تم أخذ ضريبة من المسيحيين بدل الصدقات من حيث إنهم مواطنون، فكان هذا الإجراء الهدف منه تأمين دخل لتغطية أعمال الدولة وعلى رأس هذه الأعمال أن المسلمين كانوا يقاتلون ملزمين فى سبيل الله ولم يكن ذلك ملزماً لغير المسلمين بالقتال معهم، فكان إعفاؤهم من القتال أشبه ما يكون بالبدل النقدى الذى كان يدفع لمن لم يتم تجنيده، فاندمج مفهوم الضريبة مع مفهوم بدل القتال النقدى. أما الآن فقد تغيرت مصادر الدخل للدول وأصبح المسلمون والمسيحيون مواطنين فى وطن واحد لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، مع الالتزام بحقوق الإنسان وكرامته، والحفاظ على حرية الرأى والعقيدة.