لولا التحرير ما كان ما يطلقون عليه عرس الديمقراطية.. بصدور عارية لمواجهة نيران نظام فاسد ودوافع أخلاقية بحتة خرج شباب مصر إلى ميادين التحرير مضحين بأرواحهم مقابل أن تكون مصر كما يحلمون «حرية، ديمقراطية، عدالة اجتماعية» وقتها كان الأمل فى مستقبل أفضل لمصر يملأ قلوب الجميع، كنا نعتقد أن الثورة التى أخرجت أنبل وأطهر ما فى أعماق مجتمع طحنه الفساد والاستبداد لعقود طويلة قادرة على إفساح المجال أمام هذا الجيل الثورى الرائع للمشاركة فى تحمل أعباء القيادة والمسئولية، ولكن لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن، لم يتمكن هؤلاء حتى الآن من جنى ثمار ثورتهم، ففى حين تصدى الشباب لما يتعرض له الوطن والشعب من مهانة وكانوا فى طليعة الثوار، حيث واجهوا الموت بشجاعة منقطعة النظير كان هناك مئات الآلاف من المنتمين للتيارات الدينية لم يثوروا ولم يحتشدوا لنجدة هذا الوطن رغم تنظيمهم المحكم وإمكانياتهم وخبراتهم إلا بعد أن تأكدوا أن النظام ساقط ساقط، حيث كان فصيل منهم يفتى بأن الديمقراطية والخروج على الحاكم والتظاهر حرام شرعا، تحركت هذه الجماعات ولحقوا بقطار الثورة وتصدروا المشهد وكونوا أحزابا سياسية بمرجعية دينية وتمويلات عربية واستخدموا الدين لتحقيق أهداف دنيوية وسياسية، مستغلين فطرة المصريين فى إيمانهم وحاجتهم الحياتية فبدأت الرشاوى الانتخابية بتوزيع السلع الغذائية والأموال واللعب على وتر الدين وترويج أن انتخابهم يعز الإسلام ويدخل صاحب الصوت الانتخابى لهم الجنة، وانطلق التزوير، وفشلت الإدارة العليا للانتخابات فى التنظيم.. وهكذا يجىء إلينا برلمان 2012 حيث مصر تنتخب والتحرير ينتحب باكيا شهداءه وثواره الذين مهدوا لهذه الانتخابات.. زينة شبابك يا مصر لم تعط لهم الفرصة لكى يشاركوا فى جنى ثمارها وفتح الطريق أمامهم للإسهام فى بناء النظام الجديد.. ولكن الثورة مستمرة وهى المستقبل ونظام المخلوع هو الماضى الذى لن يعود.. وعندها مصر سوف تنتخب ولن تنتحب.