أن يتحقق الهدف وأن يتحقق التغير الذى كان أقرب للهلوسة منه إلى الحلم شىء يستحق من الجميع الاحتفال سواء من الذين شاركوا فعلا فى المظاهرات وغامروا بسلاماتهم الشخصية, بل بأرواحهم، أو بمستقبلهم الذى كان سيكتسى بالسواد أن لم تنجح الثورة عبر ملاحقة جهاز أمن الدولة، أو من الذين تصوروا أنفسهم من الثوار لمجرد أنه تأسف يوم ما لتردى ألاوضاع وغامر بأن ثار عليها ثورة عارمة ولكن فى داخلة نفسه لم يطلع عليها (أقصد تلك الثورة الدفينة) أحدا ألا ربما زوجته التى اعتبرتها من الشطحات العنترية وضمتها الى جانب حديثه و أحلامه عن حقه فى التعدد. وصنف آخر له أحد أقربائه من قرابة الدرجة الثانية وما دون شارك فى ميادين التحرير فعد نفسه من الثوارعلى اعتبار أن الحالة الثورية تنتقل بالوراثة عن طريق العائلة أو ربما بالتلامس من الاصدقاء والجيران . فلو نظرنا للأصناف السابقة سيكون جميع المصريين مشارك فى الثورة كلا حسب ظنه. ولما لا إذا كان أحد أقطاب النظام السابق ومؤطر باطل ذلك النظام بأطر القانون قد أعلن أنه كان سباق على الثوار فى رفض النظام السابق . ولكل ما سبق، فقد صار انتصار الثورة أشبه بفرح ابن العمدة الكل يريد أن يشارك أو يدعى أنه شارك، ولذلك فإن الجميع يرى لنفسه الحق فى الحصول على مكتسبات الثورة وذلك ليس لأنه مصرى (وكل مصرى سيحصل ولابد فى المديين الطويل و القصير على مكاسب الثورة). ولكن لأنه كان من الثوار وتلك ثورته وهو أولى الناس (هو وكل فئة ينتمى أليها فى كل حلقة من حلقات مكونات حياته) من غيره فى الحصول على المكاسب .وكأن الثورة قد قامت لتحقيق مطالبه هو والفئات التى ينتمى إليها فلابد أن تتحسن ظروفه هو والطائفة المهنية التى ينتمى إليها من راتب وساعات عمل وغيره. فإن كان طبيبا فهو يتصور أنها كانت ثورة الأطباء التى انتصرت على باقى طوائف المهن الأخرى من مهندسين ومحاميين وحرفيين وغيرهم وإن كان محاسبا فهو يتصور أيضا أنها كانت ثورة للتجاريين ضد باقى المهن وهكذا . أما بالنسبة لانتماءه السكنى فهو إن كان ينتمى لحى ما فلابد أن ينال هذا الحى حظه الضائع من الاهتمام. ورغم أن هذا حقه ويجب أن يناله ولكن تكمن المشكلة بأن المطلب لابد أن يتحقق الان وليس فيما بعد. وإن تأخر ذلك فلا مانع من قطع أقرب طريق رئيسى يمر بالحى وليضرب عرض الحائط بمصالح الجميع. ولما لا ما دام لم تتم مراعاة الحى صاحب الثورة الحقيقى وهو أولى من باقى الأحياء فى الحصول على مكاسب الثورة . أما أذا تحدثنا عن الانتماء العقائدي فحدث ولاحرج، فما بين مسلم صوفى كانت قد تأكلت قاعدته الشعبية فيما سبق الثورة، وسلفى كم عانى قبل الثورة من حجر أمن الدولة على نشاطه وسجنه واضطهاده، وكنيسة كم عاشت فى ظل نظام يحميها من تطرف صور لها أنه من الممكن أن يأكل عظمها بعد لحمها. فكانت تعيش وهم أنها فى أمن هو فى الحقيقة كاذب يدعى أنه يقيها من أخطار مصطنعة لتظل متعلقة بالنظام الساقط تكون الكنيسة كورقة من أوراق لعبته مع الانظمة الغربية والدولية. الآن أصبحت كل الطوائف العقائدية تضغط بالتظاهرات المليونية وقطع الطرق لتحقيق مطالب كانت فيما سبق لا تجروء أن تحلم مجرد حلم بجزء من معشارها، وأصبحت كل طائفة عقائدية تتصور نفسها صاحبة الثورة و أنها الأولى بقطف الثمار. فيا كل مصرى شارك فى الثورة، سواء نزل ميادين التحرير قبل 11 فبراير أو بعدها لآلتقاط الصور. نزل بنفسه أو كان ممثلا بابن أخته أو أحد قراباته، سواء شارك بالهتاف أو بقذف الحجارة يوم حادثة الجمل، أو حتى شارك بامتعاض داخل أعماق خفايا نفسه برفض النظام السابق.. يا كل هؤلاء قد نجحت الثورة. وهى وثمارها ملك جميع المصريين سواء أيدها أو عارضها فكل تلك المواقف صارت ماضى .وتلك الثمار لابد لها من وقت لتتحقق وما نراه الآن هى البذور لو تكالبنا عليها وحرمنها من فرصة النمو والاثمار فلن تبقى ولن تغنى من جوع لمن تحصلها . ويا كل منتمى لمهنة تعانى من ظلم أعلم أن رفع الظلم عن أهل مهنتك لاتكون على حساب باقى أصحاب المهن الآخرى .ويا كل منتمى لمدينة أو لحى لن يكون أنصاف هذا المدينة أو الحى على حساب أمثاله من الاحياء والمدن التى أيضا تعانى . يا أصحاب مختلف العقائد لن يكون تحقيق مطالب طائفتك بنسيان أن هناك أصحاب عقائد وطوائف أخرى لهم حق فى الوطن مثل ما لطائفتك من حق . وأخيرا، إن من شارك فعلا فى الثورة وغامر وقتما خاف السواد الأعظم، لا يمكن أن يغامر بضياع ووأد ثورته لتحقيق مكاسب عاجلة لفئة أو طائفة أو مدينة ينتمى أليها لآنه ثائر والثائر مضحى الثائر لا يكون انتهازى، لأنه لو كانت الانتهازية من خصاله ما ركب المخاطر والأهوال لإحداث ثورة يعلم وهو يشرع فيها أنه فى غالب الظن لن ينجو بحياته ليعيش ليرى نتائج ثورته وسيتنعم بثمارها أخرين غيره ولكنهم أخوانه بنو وطنه مصريين مثله . ولكن من ينتهز فوضى ما بعد نجاح الثورة ويعرض مصر لسيطرة فصيل عسكرى ما. يرى ذلك الفصيل فى ذلك إنقاذ مصر من فوضى قد تقضى على ألاخضرواليابس. ويكون ذلك مصداق لمقولة أن لمصر شعب غير مستعد للديمقراطية. إن ذلك الانتهازى ليس ثورى لأنه كما قلنا الثورى لا يكون انتهازى. ذلك الانتهازى لن يحزن كثيرا إذا ضاعت الثورة لآنها لم تكلفه شىء أصلا، ذلك الانتهازى لن يحزن إذا جاء نظام عسكرى قمعى مثل النظام السابق، لأنه قادر على التعايش مع القهر والذل ولايرى فى حرية ما بعد الثورة إلا استغلال الفوضى لتحقيق المكاسب فى ظل غياب البطش وعصى الأمن الغليظة الذى لا يحترم غيرها . يروى عن النبى سليمان عليه السلام تلك القصة: اختصمت امرأتان لدى النبى سليمان عليه السلام فى طفل تدعى كل منهما أنه ولدها. فلما طلب البينة لم يكن لدى أى منهما بينة، فحكم النبى سليمان بأن يشق الطفل شطرين بالسكين وتعطى كل واحدة منهما شطرالطفل. فوافقت أحداهما وسارعت الأخرى بالرفض. فعلم سليمان الحكيم عليه السلام أن من وافقت على قتل الطفل هى ليست أمه بل مدعية، أما أمه الحقيقة فتنازلت عن حقها فى حضانته حرصا على حياته). كذلك مثل الثائر الحق والانتهازى (الثائر المدعى)