عندما يجمع كل مدربى الحضرى فى تصريحات موثقة على وصفه بالمتمرد.. فلابد أن الأمر به شىء من الصحة، فلا يوجد - إذن - دخان من غير الحضرى. حارس المرمى الأشهر فى تاريخ الكرة المصرية ليس على صعيد موهبته ومستواه الفنى واللذين أهلاه للاستحواذ على لقب الأفضل فحسب، بل على مستوى رحلته الطويلة فى الملاعب بين الأندية التى تمرد عليها جميعا، حتى إنه تمرد على كرات دمه الحمراء مرتين «الأهلى والمريخ» وكرات دمه البيضاء «الزمالك» مرة. الحضرى انضم للأهلى عام 96 قادما من نادى دمياط وصنع معه تاريخه الكروى بعد أن أصبح الحارس الأول للمنتخب وحقق معهما إنجازات غير مسبوقة. الحضرى السنوات قضاها بين جنبات القلعة الحمراء التى منحته كل شىء وصنعت اسمه، لكن قرر الحضرى فى لحظة شيطانية وهو فى عامه الخامس والثلاثين المقامرة بها وباسمه وتاريخه وحب الجماهير له هرب إلى نادى سيون السويسرى المغمور رغم ارتباطه بعقد مع الأهلى مستندا إلى المادة 17 من لوائح الفيفا التى تتيح للاعب الذى تجاوز عمره الثامنة والعشرين أن يفسخ عقده من طرف واحد بشرط استيفائه مدة الحماية القانونية. الحضرى وقتها أوهم نفسه وأوهم الجميع بأن «سيون» سيكون محطة للانضمام إلى أحد الأندية الأوروبية الشهيرة، ولأنه يعشق التمثيل وقد قرر أن يمتهنه بعد اعتزاله للكرة بناء على نصائح من أصدقائه الفنانين، فقد قرر أن يتدرب عليه فى ملاعب الكرة، وكانت أولى الحصص التمثيلية الفاشلة التى لم يقتنع بها الجمهور عودته من سويسرا طالبا السماح من ناديه وجماهيره ونزوله للتدريب مع الفريق بعد أن رضخ لجميع العقوبات الموقعة عليه، لكن الحضرى لم ينجح فى حبك دوره الذى أعد له وسرعان ما عاد إلى سويسرا مهاجما مسئولى الأهلى وإدارته الفنية تحت ادعاءات واهية. لعب الحضرى فى صفوف سيون لموسم غير مكتمل لم يحقق فيها ما يشبع طموحاته كحارس مرمى لبطل أفريقيا، ورويدا رويدا بدأ فى الشعور بحجم الخطيئة التى ارتكبها فى حق نفسه وحق الجماهير التى طالما تغنت باسمه، ليقرر الابتعاد عن البرودة السويسرية والعودة للدفء المصرى. لكن على أطلال قرار الفيفا بفرض عقوبة على الحضرى قيمتها 900 ألف يورو، بالإضافة إلى الإيقاف لمدة 4 شهور ومنع سيون من قيد أى لاعب جديد لفترتى قيد متتاليتين نظرا للأضرار التى تسببا فيها للنادى الأهلى ورحيل اللاعب فى منتصف الموسم الكروى وبدون إذن ناديه. المانجو الأصفر جوزيه وصفه بالمخادع وانه لا يعرف معنى الوفاء وقادر على خيانة عائلته والناس كلهم مقابل المال حاول الحضرى مغازلة الأهلى للعودة لصفوفه بعد أن أبدى ندمه، لكن أمام رفض إدارة الأهلى الحاسم وتجاهل الزمالك لضمه قرر الانتقال إلى الإسماعيلى مضطرا وكعادة الحضرى الذى يهوى مغازلة الجمهور، قرر التخلى عن «بطيخته الحمرا» التى اعتاد تناولها بعد كل إنجاز مع الأهلى لتحتل «المانجو الصفراء» التى تعبر عن الدراويش لونا وإنتاجا فالإسماعيلية هى الأشهر فى زراعة المانجو فى مصر، وفى صفوف الدراويش قدم الحضرى مستوى جيدا، لكنه اكتشف صعوبة الحصول مع الإسماعيلى على بطولة وبدأ فى تنفيذ خطة «التطفيش للإفلات من قبضة الدراويش» المرتبط معهم بعقد حتى 2013 تارة يهاجم إدارة الإسماعيلى وزملاءه ويتهمهم بأنهم فاقدون لروح البطولات وتارة يلوح بعروض وهمية من البرازيل وإنجلترا وبلجيكا، وتارة أخرى يطالب بمستحقاته المتأخرة، نجحت خطة الحضرى ودفع مسئولى الإسماعيلى إلى السماح برحيله. الفارس الأبيض مع تولى التوأم حسن قيادة السفينة البيضاء دبت الحياة فى شرايين الحضرى بعد أن فقد الأمل فى النجاة فى ظل إصرار الأهلى على لفظه للأبد، أقنع التوأم بشكل أو بآخر بضمه لصفوف الزمالك وهو ما حدث على الرغم من عدم حاجته إليه فى ظل وجود حارس عملاق بحجم عبدالواحد السيد تعاقد الحضرى مع الزمالك فى صفقة أثارت لغطا كبيرا بعد أن استغنى عن بقية مستحقاته لدى الإسماعيلى، على أن يتحمل الزمالك جزءا من الغرامة الموقعة من الفيفا على الحضرى. وفى الزمالك أبت جينات التمرد التى تتحرك داخله أن تترك الحضرى أثار المشاكل فاصطدم بالجميع بمن فيهم حسام حسن الذى أنقذه من العزلة وواجهته اتهامات من مدربه عماد المندوه بسبب الزمالك وجماهيره وهو ما مثل المسمار الأخير فى نعشه، لتنتهى تجربة سيئة فى تاريخه وهو ما عبر عنه الحضرى فى تصريحات إعلامية أعلن فيها الانضمام للزمالك. اكرامى وصف دموع الحضرى بانها تمثيلية انتقل الحضرى لنادى المريخ السودانى وتعاقد معه لمدة ثلاثة مواسم ليخرج من مأزق الفيفا، حيث تكفلت إدارة المريخ بحل كل التعقيدات القانونية الناجمة عن عقوبة الفيفا ضد الحضرى، بالإضافة إلى دفع مبلغ 700 ألف دولار لنادى الزمالك وجزء كبير من الغرامة للنادى الأهلى بخلاف ما تقاضاه الحضرى نفسه، وفى وسط الموسم الكروى السودانى وهو لم يتم موسمه الأول مع ناديه الجديد المريخ عاد الحضرى لممارسة ألاعيبه بعد أن تأكد من حل مشاكله مع الفيفا بدأ فى المراوغة والمطالبة بالرحيل بنفس الاستراتيجية التى يتبعها دائما فى الهروب الذى يعشقه، متعللا بظروف أسرية وهو ما تبعه بالهروب سرا للقاهرة وهو ما دفع رئيس نادى المريخ جمال الوالى إلى إصدار قرار سريع باتخاذ جميع الإجراءات القانونية فى حق الحضرى للحفاظ على حقوق المريخ ومنع انتقاله لأى ناد، كما قام بحل لجنة الكرة التى كانت تضم اثنين من أعضاء المجلس وحل المكتب التنفيذى للنادى لتقصيرهم إداريا بمنح الحضرى جواز سفره وهو ما مكنه من الهروب وهو ما أثار الصحافة السودانية التى انقلبت ضد الحضرى ووصفته بالخائن! ولكن الحضرى الذكى جدا واصل تلاعبه بالمريخ وإدارته وعاد معتذرا إلى الجماهير وخاض مع الفريق مباراة ضد فريق أهلى شندى مراهنا على نعمة النسيان التى حبا الله بها بنى الإنسان، وعلى الرغم من محاولات الحضرى الإعلامية لإخفاء هجوم الجماهير المريخية عليه فى أول لقاء بعد هروبه، فإنه بات من المؤكد انتهاء علاقة الحضرى بالمريخ وجماهيره خاصة بعد جلوسه مع رئيس النادى وإقناعه بالموافقة على رحيله دون استكمال عقده ليستفيد المريخ ماديا من الصفقة، ومازال يحدو الحضرى الأمل فى العودة للزمالك خاصة فى ظل قيادة حسن شحاتة «الأب الروحى له»، ولكن يبدو أن فرص انضمامه للزمالك ضعيفة للغاية، خاصة فى ظل رفض عبدالواحد المعلن له وتهديده بترك النادى، وأيضا رفض الجماهير له بعد هجومه على الزمالك، وتبدو فرصة انضمام الحضرى إلى نادى المقاصة أفضل خاصة فى ظل الحالة المادية الجيدة التى يحظى بها النادى وهو ما يوفر مقابلا ماديا جيدا للحضرى الذى يعشق الأموال وبنهم شديد. والسؤال المطروح الآن هو: هل سيكون هروب الحضرى هو الأخير أم أننا سنرى هروبا آخر من المقاصة «فى حالة انضمامه له» بدعوى عدم تناسب النادى مع طموحات «السيد الحضرى»؟!