«يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين كل من اختلس أو أخفى أو أتلف قاعدة بيانات الناخبين أو بطاقات الانتخاب أو الاستفتاء أو أى ورقة أخرى تتعلق بعملية الانتخاب أو الاستفتاء لقصد تغيير الحقيقة في تلك النتيجة أو بقصد ما يستوجب إعادة الانتخاب أو الاستفتاء أو تعطيله»، هذا النص الذى جاء فى المادة 63 من قانون مباشرة الحقوق السياسية هو الوحيد الذى يتماس مع ما حدث فى عدد من الدوائر فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ويضع عقوبة على من ارتكب المخالفات التى أدت إلى إبطال الانتخابات وإعادتها في49 دائرة سواء بقرار من خلال الهيئة الوطنية للانتخابات أو بأحكام المحكمة الإدارية العليا، صحيح أنه لم تأتِ فى المادة كلمة تزوير بشكل مباشر، لكن النص يشير بشكل واضح إلى أن من أخفى بطاقات الانتخاب أو أى ورقة تتعلق بعملية الانتخاب بقصد تغيير الحقيقة فى النتيجة يعاقب بالحبس سنتين، وقد تم إلغاء الانتخابات فى هذه الدوائر بناء على طعون من مرشحين قالوا فيها إنه تم التلاعب بأصواتهم وبمحاضر الفرز وأيضا فى تجميع الأصوات، حيثيات محكمة القضاء الإدارى استندت فى أحكامها ببطلان النتائج إلى «نكول» الهيئة الوطنية للانتخابات عن تقديم المستندات التى طلبتها للرد على ما جاء فى دعاوى وادعاءات الطاعنين أو قدمت مستندات غير كاملة أو غير المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بمحاضر فرز اللجان الفرعية ورصد الأصوات فى هذه الدوائر، وهو ما اعتبرته المحكمة «يحول بينها وبين إنزال صحيح القانون على الوقائع» و«لم يمكنها من إعمال سلطتها الرقابية على أعمال الفرز وجمع الأصوات»، واعتبرت المحكمة «أن امتناع الهيئة الوطنية للانتخابات عن تقديم الأوراق المطلوبة منها قرينة فى صالح الطاعنين فيما يدعونه فى صحيفة الطعن»، الطعون احتوت على العديد من الأسباب التى يمكن لو صحت أن تنطبق عليها نص المادة 63 مثل تسويد بطاقات الانتخاب وتداول بطاقات إبداء الرأى خارج اللجان الفرعية والخطأ فى رصد الأصوات وتجميع الأصوات الإجمالية، ومنع المندوبين عنهم من حضور الفرز داخل اللجان الفرعية وطردهم منها بجانب حرمانهم من تسلم محاضر الفرز، وقال بعض الطاعنين فى دعواهم أن الأصوات التى حصلوا عليها والمعلنة من اللجان المشرفة على الانتخابات لا تتناسب مع الأعداد الغفيرة التى اقترعت لصالحهم، هذه الادعاءات يجب التحقيق فيها لأن المحكمة قالت إن عدم تقديم الأوراق المطلوبة هو قرينة فى صالح الطاعنين ما يعنى أن ادعاءاتهم بالتلاعب فى النتائج قد تكون صحيحة، وإذا كان هناك من يزعم أنه تم تسويد بطاقات الانتخاب وتداولها خارج اللجان وأن الأصوات التى أُعلنت تختلف عن الأصوات التى حصلوا عليها فعليا، فإن ذلك يعنى أن هناك تلاعبًا وإخفاء لأوراق الانتخابات بقصد تغيير حقيقة النتائج، وهو ما نصت عليه المادة وحددت عقوبة الحبس لمن يقوم بهذه الأفعال، بالطبع لا يمكن الجزم بأن هذه الادعاءات صحيحة فى مجملها، لكن إذا كانت المحكمة الإدارية أشارت إلى أنه من الممكن أن تكون هذه الأفعال المجرمة تمت بالفعل فمن الواجب التحقيق فيها ومعاقبة من قام بها، أو إعلان أن إلغاء النتائج كان فقط بسبب أخطاء مادية فى الجمع والفرز وأنها لم تكن مقصودة أو عن عمد، ويزيد من ضرورة التحقيق فى هذه الوقائع أن الهيئة الوطنية للانتخابات وبناء على توجيهات الرئيس بالكشف عن المخالفات التى شابت العملية الانتخابية قامت بإلغاء نتائج 19 دائرة، وهو ما يعنى أنها تأكدت من عدم دقة العملية الانتخابية وأن هناك تلاعبًا ما تم فيها، ولا ننسى أن هناك شكاوى من استخدام المال السياسى وهو ما ينطبق عليها نص المادة 65من قانون مباشرة الحقوق السياسية «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أعطى آخر أو عرض أو التزم بأن يعطى غيره فائدة من ذلك القبيل لنفسه أو غيره»، وما أكثر ما طالعتنا الاتهامات الموجهة لبعض المرشحين بشراء الأصوات وهو ما ينطبق عليه «أعطى لغيره فائدة»، إننا نريد انتخابات نزيهة، ونتمنى ألا يفلت مجرم من العقاب الذى يستحقه، فلا يمكن أن يمر التلاعب بأصوات ملايين المصريين فى 49 دائرة انتخابية دون أن يكون هناك عقاب لمن ارتكب هذا الجرم، للأسف على مدى تاريخ الانتخابات البرلمانية لم يعاقب أحد بتهمة التزوير على كثرة ما تم إبطاله من محكمة النقض بسبب التلاعب فى الأصوات فى انتخابات سابقة، ولعلنا هذه المرة نُعمل القانون ونطبقه وتكون البداية لردع كل من يتلاعب بأصوات المواطنين.