الأعمال الوطنية الثمينة تعيش وتَبقَى وتلمع كالذهب، وتعبر كل الأجيال، فرغم مرور 65 عامًا على مولد أغنية «بالسلام إحنا بدينا» لكوكب الشرق أم كلثوم؛ فإنها كانت حاضرة ترسم ملامح حدث عظيم صنعته القيادة المصرية باقتدار فى شرم الشيخ أرض السلام. تقول كلمات الأغنية الخالدة التى كتبها الشاعر بيرم التونسى ولحنها محمد الموجى: بالسلام إحنا بدينا.. بالسلام ردت الدنيا علينا.. بالسلام يا سلام.. يا سلام.. يا سلام.. يا سلام بالسلام.. بالمحبة.. الدنيا تحيا ليه يكونوا ناس فى ناحية.. وناس فى ناحية مَهما كنا.. ومَهما كنتم.. من حقوقنا.. إحنا وأنتم الحياة.. والسلام يا سلام.. يا سلام للحبايب.. إحنا مَدّينا الأيادى رَحّبت بينا الأمم من كل وادى تحيا فى النور.. كل أمّة.. والحقيقة نشوفها لمّا نبتعد عن الظلام.. بالسلام. الأغنية قدمتها كوكب الشرق أم كلثوم عام 1960 عقب عودة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من أمريكا بعد حضوره جلسة بالأممالمتحدة المسماة ب«دورة الرؤساء»، وأسعد خطاب «ناصر» كل المصريين والعرب أمام الرئيس جون كيندى وزعماء وقادة الدول، ممثلاً موقف مصر ودول عدم الانحياز، تحدّث «جمال» عن حق الاستقلال ودعم السلطات والحكومات الشرعية، وأعلن موقفًا داعمًا لدولة فلسطين ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلى، ودافع عن حق فلسطين فى الاستقلال والتحرُّر وبدور مصر ومُدن القناة فى صد العدوان الثلاثى عام 1956.. وطلب «ناصر» أيضًا فى خطابه باتخاذ إجراءات وقواعد نزع السلاح وإنهاء الحروب.. هذا الخطاب أسعد كل المصريين ومنه خرجت الأغنية للحياة واستقبلها الجميع بحرارة وسعادة عارمة، وبعد 19 عامًا عادت شمس الأغنية تسطع بعد معاهدة السلام «المصرية- الإسرائيلية» وقّعت فى واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة فى 26 مارس 1979 برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر والرئيس أنور السادات وتحولت الأغنية إلى تريند ورددها المصريون. وتعود كلمات الأغنية ولحنها الجميل إلى الأذهان مرة أخرى بعد 46 عامًا لترسم فرحة المصريين وتترجم موقف مصر الثابت والراسخ والخالد من القضية الفلسطينية فى اتفاق شرم الشيخ للسلام، وفى شهرها الأصلى «أكتوبر» لتعزف سيمفونية السلام فى أرض مصر برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكى رونالد ترامب بحضور 30 من زعماء العالم فى حدث تاريخى اعتمد على الموقف المصرى فى دعم القضية الفلسطينية فى المحافل الدولية وبناء رأى عام عالمى داعم لوقف إطلاق النار ورفض التهجير بما يليق بتاريخ مصر وريادتها عبر العصور والتصدى لكل المحاولات والضغوط والابتزاز. وأثمرت عن نجاح وقف الحرب وإحباط مخطط التهجير، وكتابة ميلاد جديد للمنطقة العربية بعد مجهود الرئيس السيسي وعلماء جهاز المخابرات العامة وخبراء وزارة الخارجية بوضع خارطة جديدة للمنطقة العربية برعاية مصر «أم الدنيا» ورمانة الميزان «أمس واليوم وغدًا». «أغنية بالسلام إحنا بدينا» عبّرت بصدق عن عقيدة مصر وثباتها جيلاً بعد جيل رغم إهمال المحطات الفضائية بإذاعة هذه الأغنية الخالدة التى هى «خير من ألف أغنية» والتى تمثل الدور الحقيقى للفن فى معركة الوعى، تلك المعركة التى تقودها القيادة المصرية والجمهورية الجديدة بثقة واقتدار لاستعادة الشخصية المصرية التى توّجت إنجازاتها الكبيرة وتغيير وجه الحياة على الأرض بحدث تاريخى عظيم أسعد كل المصريين فى شهر الانتصارات.