تاريخ طويل من العطاء الذى لا ينتهى، تاريخ تم سطره بأحرف من نور كلما يمر عليها الزمن تزداد إضاءة وبريقًا، تاريخ من الأغانى الخالدة فى تاريخ وضمائر الشعوب العربية عندما تستمع إليها بصوت «الست» أم كلثوم تلهب الأحاسيس والمشاعر وتبث بها روحًا جديدة من الحماس والأمل وعدم الاستسلام، كلمات وألحان رنانة بصوتها تعيد إليك أمجادًا، والمواقف الصعبة التى مر بها الشعب المصرى بل والعربى من انتصارات وانهزامات جعلتها بصوتها انتصارًا جديدًا داخل قلب وعقل كل مواطن عربى.. تغنت أم كلثوم ب33 أغنية وطنية تقريبًا، وكانت وكأنها توثق التاريخ كالمؤرخين بصوتها الذى لا يتكرر. اقرأ أيضًا| ماسبيرو يحتفى ب «أم كلثوم» فحتى الآن عندما تستمع إلى أغنية أو قصيدة «مصر التى فى خاطرى وفى فمى، أحبها من كل روحى ودمى» تشعل بداخلك روح الانتماء وتشعر وأن هذه الكلمات وحدها هى من تصف شعورك تجاه حب الوطن والمحاربة من أجله وهى الأغنية التى تم إنتاجها عام 1952 وقبل ثورة يوليو. وبدأت أم كلثوم غناء الأغانى الوطنية عام 1928 بغناء قصيدة لأحمد رامى فى رثاء سعد زغلول وألحان محمد القصبجى وكلماتها «ان يغب عن مصر سعد فهو بالذكرى مقيم، ينضب الماء ويبقى بعده النبت الكريم خلدوه فى الأمانى واذكروه فى الولاء واندبوه فى الأغانى». ومن أشهر أغانيها الوطنية هى «والله زمان يا سلاحى» النشيد الوطنى الذى سجلته أم كلثوم عام 1956 أى بعد العدوان الثلاثى على مصر من أجل بث روح المقاومة والحماس وعدم الاستسلام ونفض روح الهزيمة والاستعداد لمرحلة جديدة من البناء سواء بناء مشاعر جديدة للانتصار مع بناء قوات الجيش مرة أخرى من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل. وتقديرًا وحبًا للرئيس جمال عبد الناصر غنت ثومة له 3 أغانٍ فى مناسبات مختلفة فتغنت «يا جمال يامثال الوطنية» عام 1954 من كلمات بيرم التونسى وألحان رياض السنباطى وكانت هذه الأغنية بمناسبة. اقرأ أيضًا| احتفال بالذكرى 50 على وفاة أم كلثوم غدا في متحف الطفل وعبرت عن رفضها لقراره بالتنحى بالغناء «قم واسمعها من أعماقى» تحثه وتناشده على البقاء فى الحكم، ومثلما قدمت رثاء لزعيم الأمة سعد زغلول قدمت أيضًا رثاء للزعيم الراحل جمال عبد الناصر قصيدة لنزار قبانى بعنوان «رسالة إلى الزعيم» عام 1970 ولأنها فنانة حقيقية تشعر بالمسئولية فرفضت إذاعتها عبر الإذاعة المصرية خاصة أنه تصادف يوم إذاعتها يوم تولى الرئيس السادات فرفضت إذاعتها نفس اليوم وهى كانت من أغانيها الوطنية. ومن القصائد الهامة فى حب مصر «مصر تتحدث عن نفسها» لشاعر النيل حافظ إبراهيم وتلحين رياض السنباطى وغنتها أم كلثوم عام 1951. وقامت عام 1958 بغناء قصيدة «نشيد الجلاء» لأحمد رامى وألحان محمد الموجى وفى نفس العام أيضا تغنت أم كلثوم لثورة «23 يوليو» بأغنية «منصورة يا ثورة الأحرار» كلمات عبد الفتاح مصطفى وألحان رياض السنباطى.. ولأنها مطربة العرب الأولى وصوتها كان يسطر تاريخ البلدان العربية الشقيقة فقد غنت أم كلثوم وفى نفس العام 1958 للعراق الشقيق «بغداد يا قلعة الأسود» بمناسبة سقوط الملكية وإعلان الجمهورية فى العراق بكلمات محمود حسن إسماعيل وألحان رياض السنباطى. وكأنها شاهدة على التاريخ وكل أزمة أو هزيمة مرت بها مصر تحولت إلى انتصار لم نشعر به إلا بصوتها وكأنها تسطر تاريخ مصر بصوتها، ومن كلمات صلاح جاهين وألحان السنباطى قدمت أم كلثوم أغنية «راجعين بقوة السلاح» عام 1967وتم إذاعتها قبل النكسة بأيام ومع حالة الهزيمة التى شعر بها الشعب إلا أن الأغنية أصبحت حافزًا جديدًا للعودة مرة أخرى، الانتصار وعدم الاستسلام، لترفض أم كلثوم روح الهزيمة وتبث روح الحماس من جديدة والدعوة للانتصار لتقدم أغنية «حق بلادك» فى نفس العام كلمات عبد الوهاب محمد وألحان رياض السنباطى. اقرأ أيضًا| أحمد موسى: أم كلثوم أغانيها خالدة رغم 50 عامًا وفى نفس عام الهزيمة غنت «الست» الرافضة لروح الهزيمة أغنية «إنا فدائيين» كلمات عبد الفتاح مصطفى وتلحين بليغ حمدى.. وعام 1958 كانت أغنية «بالسلام إحنا بدينا بالسلام» من كلمات بيرم التونسى وألحان محمد الموجى كرسالة من مصر لكافة الدول. ومن الهزيمة للانتصار والإنجازات غنت أم كلثوم أغنية «قصة السد» عام 1959 مع بداية الإعلان عن بناء السد العالى من كلمات عزيز أباظة وألحان رياض السنباطى، وفى عام 1961 غنت أم كلثوم «ثوار» بحضور الرئيس جمال عبد الناصر كلمات صلاح جاهين وألحان رياض السنباطى. روح ثومة القوية الحماسية والتى لم تعرف للهزيمة عنوانا فكانت تبث حماسها ليس لمصر فقط بل لكل الدول العربية فغنت لفلسطين وللمقاومة الفلسطينية عام 1969 «أصبح عندى الآن بندقية».