أغنية طلب القهوة هى من أشهر أغانى فريق الجيتس المصرى الليّ كان من أوائل الفرق المصرية فى السبعينيات. بمجرد ما سمعت الأغنية اترسمت صورة بسيطة فى خيالى: فى قهوة بسيطة على ناصية شارع وريحة البن والدوشة الهادية كان فى واحد قاعد طلب فنجان قهوة والفنجان كان محطوط على الترابيزة... مستنى.. مستنى الليّ طلبه ولا مستنى صاحبه منعرفش لأنه مجاش والقهوة بردت وما اتشربتش. من أول جملتين فى الأغنية بنحس أن إحنا قدام لحظة خذلان فيها شخص طلب حاجة وقرر يختفى أو ميجيش. وده بالضبط زى ناس بنقابلهم فى حياتنا بيظهروا ويطلبوا القرب وبعدين يختفوا كأنهم ما كانوش موجودين. وبالرغم من أن التمن بتاع القهوة مدفوع وأن سعرها أتحط على الترابيزة (قرشين فكة ونص بريزة) صاحبها مشى بس ساب الفلوس. بس هل الفلوس دى تقدر تعوّض الفراغ اللى سببه؟ وهنا الكلمات البسيطة بتعرض صورة رمزية عن اختيارات بندفع تمنها حتى لو ما كملناش فيها. كأن الحياة دايمًا بتحاسب حتى على الخطوة اللى ما كملتش. ثم يأتى التساؤل: والليّ طلبها... ليه ما شربها؟ سؤال مباشر وبسيط لكن إجابته غامضة بس بتفتح تساؤل أعمق: ليه الناس تطلب حاجات مش عايزاها؟ ليه بتقرب وبعد كدة تبعد؟ ليه بتدى أمل وبعدين نسحبه؟ وهنا بنشوف بجمل مباشرة حالة من الحيرة والتوهان اللى كلنا بنعيشها فى العلاقات أو المواقف اليومية وحتى اختياراتنا فى مجملها. الأغنية أكنها كاميرا بترصد حالة الشخص وتعبيرات وشه ولغة جسده: كان قاعد ساكت ومكشر، كان قاعد سارح بيفكر وبشكل ضمنى بتقول أن هو موجود بس مش حاضر. وشه مش مريح وصمته تقيل وطبعًا عقله فى مكان تانى. وهو قاعد طلب القهوة من غير سكر ودة فيه معنى للمرارة، وبعدها بشوية لما طلب القهوة رد عليه الشخص اليّ طلبها منه وقاله عينيا بس كان رده بلاش. فبرر أن الليّ مشى ضرورى وراه مواعيد وهنا الراوى بيحاول يلاقى أى تفسير يريّح بيه نفسه. بس التبرير الحقيقى إن الشخص الليّ قدامه مش قادر.. مش عايز.. أو يمكن مش عارف يواجه. الأغنية مثال واضح للرمزية والقهوة المرة بتفكرنا إن مش كل حاجة بنطلبها بنكون جاهزين لها وممكن ساعات كتير يكون فى حكايات ما اتقالتش. أغنية جميلة كتبها مجدى نجيب ولحنها أحمد منيب بتفكرنا بنفسنا ساعات وفيها القهوة أكتر من مشروب.. هى حدوتة مصغرة للدنيا. طلب القهوة وماشربهاش، جبنا القهوة وهوا ماجاش حط تمنها على الترابيزة قرشين فكة ونص بريزة واللىّ طلبها ليه ما شربها؟ جبنا القهوة وهو ماجاش كان قاعد ساكت ومكشر، كان قاعد سارح بيفكر طلب القهوة من غير سكر، قلت عينيا بعد شوية جبت القهوة وقاللى بلاش.