فور تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدةالأمريكية، اقترح إمكانية استعادة بلاده السيطرة على قناة بنما ذلك الممر المائى الدولى الذى أعاده الرئيس الأمريكى الراحل جيمى كارتر لدولة بنما قبل 25 عامًا، مهددًا بإمكانية التدخل العسكرى لإنجاز هذا الأمر. وادعى ترامب أن القوات الصينية موجودة فى القناة وأن بنما تفرض رسومًا باهظة على السفن الأمريكية لاستخدام القناة وأن الصين لديها وجود مهدد للمصالح الأمريكية بالقناة، وأن هناك شكاوى تفيد بأن بعض الشركات الصينية تحصل على تعويضات عن عبور القناة بينما تدفع الشركات الأمريكية لشركات النقل البحرى مقابل العبور والتكاليف المرتبطة بها ولا يتم تعويضها. ووجه لويس سولا رئيس اللجنة البحرية الفيدرالية الذى عيَّنه الرئيس دونالد ترامب مؤخرًا، حزمة اتهامات لبنما مثل عقود الصين غير المطروحة للمناقصة لتشغيل ميناءين على جانبى القناة ومشاريع البنية التحتية الأخرى للقناة وإدارة شركة موانئ هوتشيسون تشغل ميناء كريستوبال على الجانب الأطلسى من القناة وميناء بالبوا على الجانب الهادئ من القناة. وتابع سولا «بعد عدم الدفع لمدة 20 عامًا جددوا العقد ودفعوا 7 ملايين دولار سنويًا للميناءين هذه الأصول تساوى من 5 إلى 7 مليارات دولار وبالتالى فإن شعب بنما لا يحصل على أى شيء مقابل تشغيل هذين الميناءين». وحذر «سولا» خلال مقابلة من نفوذ الصين المتزايد على بنما، قائلا أعتقد أن بنما على مدى السنوات الخمس الماضية كانت تقترب أكثر فأكثر من الصين وتبتعد عن الولاياتالمتحدة وان إحدى المشاكل الرئيسية هى أننا لم ندعم الشركات الأمريكية فى بنما لفترة طويلة نحن ندعم أنواعًا أخرى من المبادرات لكننى لم أر دعم شركة أمريكية ترغب فى العمل فى البنية الأساسية منذ فترة طويلة لقد رأيت الصين والبرازيل تستحوذان على 20 مليار دولار من خلال عقود مباشرة ونحن بحاجة بالتأكيد إلى اللعب هناك. الصين فى قناة بنما قامت شركات صينية مقرها هونج كونج خلال السنوات الماضية، ببناء مرافق موانئ على طرفى القناة وحصلت على عقود إيجار طويلة الأجل وبناء جسر عبر القناة ودارت مناقشات حول إمكانية إنشاء خط سكة حديد عبر البرزخ، ورغم التقلبات التى شهدتها العلاقة بين الصينوبنما بسبب الضغوط الأمريكية على بنما فمن الواضح أن بنما تدرك أن الصين كانت ولا تزال مصدرًا مهمًا لرأس المال اللازم لتطوير بنيتها الأساسية. وتعد بنما أحد المواقع العديدة التى تستثمر فيها الصين والتى تمتد من كمبوديا إلى سريلانكا وباكستان وأبوظبى ويجرى حاليًا افتتاح ميناء صينى فى بيرو وسوريا والسودان وليبيا. وتدرس الصين بدائل محتملة منها قناة فى نيكاراجوا وخط سكة حديدية فى كولومبيا ومشاريع اقتصادية صينية ضخمة لا تمس المصالح الأمريكية بشكل مباشر كما يدعى ترامب. وتمثل بنما أهمية كبيرة بالنسبة للصين لأنها أول دولة فى أمريكا اللاتينية توقع على مبادرة الحزام والطريق برنامج البنية الأساسية العالمى الذى أطلقه الزعيم الصينى شى جين بينغ، واقترحت الصين بناء خط سكة حديدية عالية السرعة بطول 250 ميلًا من العاصمة نحو الحدود الغربية مع كوستاريكا، وبناء خط مترو أنفاق جديد، كما بدأ اتحاد من الشركات الصينية بقيادة مجموعة لاند بريدج فى تطوير ميناء للحاويات. ردت الصين على اتهامات ترامب بشكل غير رسمى حيث نفى المسئولون الصينيون وجود أى مصلحة فى انتهاك سيادة بنما أو إجبارها على الخضوع لمصالحها ضد واشنطن، وقالوا إن الصين ستحترم دائما القناة باعتبارها ممرًا مائيًا دوليًا محايدًا بشكل دائم. وندد الصينيون بالمخاوف الأمريكية بشأن الوجود المتزاي د لبكين فى أمريكا اللاتينية ووصفوها بأنها حملات تشويه، وقال العقيد تشو بو فى جيش التحرير الشعبى الصينى والذى يشغل الآن منصب زميل بارز فى مركز الأمن والاستراتيجية الدولية فى جامعة تسينغهوا فى بكين إن تصريحات ترامب الأخيرة حول الوجود العسكرى الصينى فى بنما كانت سخيفة لدرجة أنها لا تستحق ردًا محددًا ورسميًا من بكين وأن الصين لديها استثمارات عديدة فى مختلف أنحاء العالم وهى لا تقتصر على منطقة أو مكان. وأكد كوى شوجون مدير مركز أبحاث دراسات أمريكا اللاتينية بجامعة الشعب فى بكين ثقته فى أن علاقات الصين مع بنما ستستمر فى النمو على الرغم من الجهود الأمريكية لإحباطها. وأضاف إن ترامب قد يدفع بنما إلى الاقتراب من بكين أكثر وقال لديك رئيس أمريكى متسلط للغاية وشريك صينى عملى، وأضاف إنه فى مواجهة هذا الاختيار الإجابة ستكون واضحة. ويرى المحللون أنه نظرا للتحديات الاقتصادية التى يواجهها العالم والاستراتيجية المحتملة لهذه الظاهرة تحتاج الولاياتالمتحدة إلى صياغة استراتيجية للتنافس مع الجهود العالمية التى تبذلها الصين لتطوير وإدارة الموانئ فى عدد كبير من الدول ذات الموقع الاستراتيجى المميز وهو ما يستلزم تعبئة رأس المال العام والخاص على نطاق واسع. الواقع فى بنما رفعت بنما رسوم المرور عبر القناة منذ عام 2022 وترجع هيئة قناة بنما هذا إلى الحاجة إلى المزيد من الاستثمارات، حيث عانت القناة فى عام 2024 من الجفاف الذى فرض قيودًا على عدد السفن العابرة وأثر على الإيرادات. وتدرس هيئة القناة بناء سد بقيمة 1.6 مليار دولار لزيادة سعة تخزين المياه لتسهيل مرور السفن؛ حيث أن مرور سفينة واحدة عبر أقفال القناة قد يستهلك نحو 50 مليون جالون من المياه، فى ضوء لجوء هيئة القناة للحد من عدد الممرات اليومية عبر القناة وفى إحدى المراحل وصلت النسبة إلى 40 %. وأدى العدد المحدود من الممرات إلى مزادات لحقوق المرور مما أدى إلى تضخم التكلفة المتزايدة لشحن البضائع عبر القناة حتى أن بعض الشركات بدأت فى البحث عن طرق بديلة وطرق مختلفة لنقل البضائع. وظهرت بعض المشاريع مثل ممر السكك الحديدية عبر جنوبالمكسيك للتنافس بشكل مباشر مع قناة بنما وعلى المدى الطويل مع زيادة حجم التجارة وأحجام السفن. ويرى المحللون أن محاولة استعادة قناة بنما بالقوة العسكرية أمر خطير سيؤدى لتداعيات سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة لعدة أسباب، أولها أن عملية استعادة السيطرة على القناة ستتم فى ظل ظروف مختلفة للغاية عن تلك التى سادت أثناء عملية 1989، كما أن القناة تتضمن ثلاث مجموعات من الأقفال والسدود والأنابيب لنقل المياه ومزارع وخزانات للنفط وبحيرة كبيرة، الأمر الذى يعوق أى غزو، والحاجة للاستيلاء على مطار مما سيرفع احتمالية تدخل الشعب البنمى بشكل عنيف فى اشتباكات مباشرة مع القوات الأمريكية، وصعوبة التعامل مع المحتجين، ويهدد الاستيلاء على القناة بالطرق العسكرية التعاون الحالى من جانب الحكومة البنمية بشأن الهجرة المتدفقة شمالًا من فجوة دارين أخطر طرق الهجرة بين بنماوكولومبيا للوصول إلى أمريكا.