سلوى رمضان.. دعاء.. سحر.. هاجر محمد فتيات فى عمر الزهور.. فى الخامسة عشرة من العمر.. وهى المرحلة الإعدادية.. ومثلهن.. آلاف من الفتيات من أجل الطفلة الأنثى التى هى أم المستقبل.. المدرسة.. والتى نبنى عليها الآمال لتعلو ببلدنا.. فهى أم رجال المستقبل. ماذا حدث لهن؟ وصلت كل منهن فى التعليم للمرحلة الإعدادية.. لقد طلبت من سلوى.. أن تقرأ لى سطراً فى الجريدة كما كان يفعل أهالينا لاختبارنا. ولكن وياللأسف لم تستطع أن تفك حرفا واحدا.. ومثلها ياسمين لم تكتب كلمة واحدة سليمة.. ومثلها دعاء.. وغيرهما.. وغيرهن.. وغيرهن.. كثيرات وكثيرات.. كيف نجحت كل منهن.. كيف نجحن فى المرحلة الابتدائية من أعطاهن الدرجات حتى ينتقلن للمرحلة الإعدادية.. وكيف نجحن فى الإعدادية ومن الأمين الذى صحح امتحاناتهن وأقر أنهن ناجحات وأنهن اجتزن المرحلة الإعدادية.. ومن مدير التعليم الذى سمح له ضميره الحى أن يوقع بأن هؤلاء الطالبات اجتزن المرحلة الإعدادية. هذه الأسماء حقيقية.. ومثلهن الآلاف ممن تخرجن فى الإعدادية من التعليم العام. ماذا كان مصير هؤلاء الفتيات؟! المصير المحتوم القديم مثل كل بنات مصر وبنات العرب زمان.. طبعا كل بنت تنتهى من الإعدادية ولأن المدرسة الثانوية أو الفنية غير صديقة للفتاة أى تقع فى حى آخر.. فسلوى مثلا تسكن فى البساتين والمدرسة الثانوى التجارى فى السيدة زينب والدراسة مسائية.. تحتاج مصاريف مواصلات وتحتاج حراسة من أى تحرش أو ما هو أسوأ والأب بالكاد يجد قوت يومه وبالكاد استطاع أن يعلمها حتى هذه المرحلة هى وأخواتها.. فيسقط فى يده ويصل إلى المحصلة النهائية وهى أن البنت مكانها من الأول هو المنزل وبلاها تعليم.. وتقعد تنتظر ابن الحلال.. وطبعا أصبحت لقمتها صعبة وعزيزة.. ولأن الدنيا صعبة والمعيشة قاسية فلابد أن يكون عندها نظر وفى عينها حصوة ملح فلابد أن تعمل بلقمتها.. ولأن سوق العمل نادرة.. فالشىء الوحيد أمامها هو العمل خادمات فى المنازل.. بنات جميلات.. صغيرات.. يعملن خادمات بدلا من إكمال تعليمهن لأن بعضا من معلمينا الذين يجب أن نقف لهم تبجيلا خدعوا بناتنا وادعوا أنهن تعلمن. جيل كامل من بناتنا من الطبقات التى تسمى المهمشة.. أمهات المستقبل.. فى عمر الخامسة عشرة.. إما خادمات فى المنازل.. أو يبيعهن أبوهن فى سوق الزواج لمن يدفع أكثر.. ومن أى ملة.. ومن أى جنسية. وضاع الجهد والأموال التى أنفقت والجهود التى بذلت والتى مازالت.. كأنها قربة مقطوعة.. ولكم أن تتخيلوا الجيل الذى ستنتجه هؤلاء الأمهات المقهورات.. وصاحبات المصير المجهول. أحمد جمال الدين موسى.. مهمتك صعبة.. التعليم الإلزامى أكذوبة مثل كل الأكاذيب التى كنا نعيشها.. التعليم مثل الماء والهواء.. ولكن لا أحد يتعلم.. ولذلك وصلت الأمية إلى 17 مليوناً. كفى ثورة وحان وقت المصارحة ووقت التكاتف ووقت العمل لإنقاذ الأجيال القادمة وإنقاذ بلادنا.