يتسم مجلس الشيوخ بالهدوء والحماس.. الخبرة والحداثة.. اليقظة دون تسرع.. وكم كبير من التنوع.. ولكننى أشعر أن دورنا فيه لا يقف عند ما نصت عليه اللائحة من اختصاصات الشيوخ فحسب، بل يشمل هذا الدور ما هو أكبر من ذلك بكثير. مجلس شيوخ مصر الجديد هو مجلس حكماء وحكيمات بالرغم من أنه يشمل شبابًا وشابات.. وتأخذ فيه مقترحات وتعديلات ومشروعات القوانين حقها فى المناقشة، ومنها تغليظ عقوبة ختان الإناث.. إذ تصدرت موافقة المجلس على تغليظ العقوبة الصحف والمواقع الإلكترونية وبخاصة أنه جاء فى شهر مارس، شهر المرأة والطفلة أيضًا.. ولكن السؤال: هل هذا يكفى؟ الحقيقة أن ما يحدث ببساطة هو أن يتفق الأب والأم والطبيب أو من يحل محله على ختان طفلة صغيرة بريئة لا تفهم ولا تعرف حقوقها ولا تستطيع الاعتراض على ما يحدث لها.. ويضمن التراضى بين الأطراف عدم مثولهم أمام القانون الذى قمنا بتغليظ العقوبة فيه.. مَن الذى سيبلغ عن الجناة؟ وكيف تتم عقوبتهم إذا كانوا لن يمثلوا أمام القانون؟ هل ستبلغ الفتاة التى فهمت ما حدث لها فى طفولتها عن والديها؟ أم عن الطبيب أو الشخص الذى غالبًا لن تعرفه الذى قام بارتكاب جريمة فى حقها؟ المشكلة إذن تتخطى القانون وتتخطى الدور التشريعى وتحتاج حلولًا حقيقية تحفظ للفتاة حقوقها وتمنع – إن أمكن – ارتكاب الجرائم فى حقها.. وعلينا بحث الأمر. فى الآونة الأخيرة ظهرت عدة أعمال درامية مصرية متقنة الصنع والكتابة والإخراج والتمثيل وتتوافر فيها العناصر الفنية الاحترافية بمستوى راق، وهى أعمال تعالج قضايا اجتماعية شديدة الحساسية فى مجتمعنا المصرى، وكثير منها تخص البنات والسيدات.. وتناولت بعض تلك الأعمال قضايا تخص أمراضًا نفسية وجسدية، منها (مشاكل الإنجاب) و(نقص الانتباه وفرط النشاط) وأيضًا (البهاق).. ورغم انتشار ظاهرة الختان فى مجتمعنا، وقناعة شريحة عريضة من الآباء والأمهات أيضًا بختان بناتهن، لم تتعرض الأعمال الدرامية لهذه القضية المهمة الموجعة.. مع أن الدراما ستكون غالبًا الطريق الأقوى لتنمية الوعى فى هذا المضمار وستصل ببساطة وقوة إلى الآباء والأمهات الذين لن يكون هناك طريق آخر للوصول لهم. كتبت فى مذكراتى: متى نشاهد عملًا دراميًا قويًا يقلب المجتمع كله ضد ختان الإناث، فيصير لتغليظ العقوبة معنى، ولحقوق الطفلة الصغيرة مكان؟.
