مع انتشار جائحة فيروس كوفيد - 19 كورونا، الزمت منظمة الصحة العالمية الدول باتباع برنامج علاج للدعم النفسى مصاحب للعلاج العضوى من الإصابة بالفيروس، والتزمت وزارة الصحة المصرية بإطلاق خط المشورة النفسية، ومع زيادة عدد الحالات ومع زيادة المخاوف والقلق من الإصابة، أصبح هذا الخط غير كاف بمفرده لتلقى الآف الاتصالات اليومية، وهنا ظهرت المبادرات التطوعية لتقديم العون والمساعدة فى هذه الأزمة وهو ما نرصده فى مبادرة «وقت القلق احنا معاك»
«وقت القلق احنا معاك» مبادرة تطوعية تضم 30 طبيبًا وطبيبة نفسية، انطلقت عبر صفحتها بمنصة التواصل الاجتماعى فيس بوك وحصدت أكثر من 30 ألف متابع حتى الآن، وتسعى لنشر فيديوهات عن الصحة النفسية وتلقى استفسارات وشكاوى المتابعين وتقديم الدعم النفسى لهم.
الدكتورة رضوى وليد إخصائى الأمراض النفسية والعصبية وعلاج الإدمان بكلية طب عين شمس وأحد مؤسسى مبادرة « وقت القلق احنا معاك» تتحدث لروزاليوسف عن هدف المبادرة وأكثر التساؤلات وماهى مخاوف المواطنين فى هذه الفترة، وكيفية التكيف والتعايش مع الفيروس نفسيًا.
كيف انطلقت فكرة تأسيس مبادرة «وقت القلق احنا معاك» ؟
بدأت مع اكتشاف أول حالة إصابة (كوفيد - 19) كورونا فى مصر، والتى تزامنت مع زيادة عدد حالات الإصابات والوفيات بأوروبا وخاصة إيطاليا، فكرنا كفريق عمل مؤسس للمبادرة أن مع بدء ارتفاع حالات الإصابة فى مصر ، سوف يزيد شعور المواطنين بالخوف والقلق وهذا طبيعى مع وباء جديد ومجهول ليس له علاج حتى الآن، والجميع لا يعلم ماهى مستجداته وطرق التعايش معه من اتباع الإجراءات الاحترازية؛ كالتباعد الاجتماعى التى بدورها ستزود الضغوط على المواطن.
وانطلقت المبادرة لتصبح فرصة مناسبة لتوعية الناس عبر صفحتنا على منصة التواصل الاجتماعى « فيس بوك» والتى تضم نشر مقالات بسيطة عن كيفية حماية صحتنا النفسية والجسدية، وكيفية التعايش مع الفيروس والتكيف معه، وكيفية التعامل مع مشاعرنا من القلق والتوتر بطريقة إيجابية.
ما الفئات العمرية الأكثر تواصلا مع المبادرة؟ وماهى أبرز مشكلاتهم النفسية؟
نتلقى رسائل عديدة عبر صفحة المبادرة يتفاعل معها أكثر من 30 طبيبًا وطبيبة نفسية وإخصائيين نفسيين متطوعين بالمبادرة، وأغلبية الاستفسارات تأتى من فئات فى المرحلة العمرية بين العشرينيات والأربعينيات، وتدور معظم مشكلاتهم حول صعوبات فى النوم، مخاوف القلق والتوتر من الإصابة بفيروس كورونا، المعاناة من نوبات بكاء مستمرة، الشكوك من الاصابة بأعراض كورونا، أعراض اكتئاب ، وسوء الحالة المزاجية التى تعطل صاحبها عن ممارسة حياته وأنشطته اليومية بشكل طبيعي، ولكن الأكثر انتشارًا بين المخاوف النفسية هو القلق والتوتر من الإصابة بكوفيد - 19.
وماذا عن طرق الدعم التى تقدمها المبادرة للمواطنين ؟
الدعم يختلف من حالة لأخرى ولدينا طريقتان فى المبادرة؛ الأولى حيث تتطلب بعض الحالات تلقى جلسات دعم نفسى مكثفة ومتابعة مع طبيب نفسى وهذا نوفره فى المبادرة من خلال شراكتنا مع « شيزلونج» (منصة للعلاج النفسى على الإنترنت تضم أطباء واستشاريين فى الطب النفسي) ويتم تقديم هذه الجلسات أونلاين مجانًا، بينما هناك طريقة أخرى حيث نقوم بتجميع كل الرسائل المتشابهة التى تصل على صفحة المبادرة، حول الأسئلة المتكررة عن المخاوف والقلق مثًلا ويخرج طبيب نفسى أسبوعيًا عبر الفيديو لايف على صفحة المبادرة يرد على كل استفسارات الجمهور مباشرة .
يبدو أن القلق والتوتر الأكثر شيوعًا بين مخاوف المواطنين الآن .. متى يتحول إلى قلق مرضى يستلزم المساعدة الطبية؟
الخوف والقلق طبيعى مع هذا الوباء العالمى، وهذا المجهول الذى لم يتوصل العالم لعلاج له حتى الآن، ولكن عندما يصل الخوف إلى مرحلة تعطل الشخص عن ممارسة حياته لدرجه تمنعه من النزول من البيت، وأن يتوقف عن ممارسة عمله وغيره من الانشطة اليومية ، هنا يحتاج هذا الشخص لطلب الدعم النفسى من الطبيب، فالخوف المرضى يصل بأشخاص لأمراض نفسية كالوسواس القهرى، مثل هؤلاء الأشخاص الذين نراهم يغسلوا أيديهم مثلا عشرات المرات رغم عدم لمسهم لأى سطح أو خروجهم من المنزل، هذه الأعراض من القلق والخوف تصبح خارج السيطرة بل تفوق رد الفعل مع طبيعة الحدث نفسه وهنا يتدخل العلاج النفسي.
بجانب الوسواس القهرى .. قرأت على صفحة المبادرة عن مخاوف الوسواس من الموت وأنه أصبح قريبًا من الجميع ؟
نعم، هذه من إحدى الرسائل التى تصل للمبادرة، فالوسواس من الموت يحتاج لطبيب متخصص ، لأن فى الأوضاع الطبيعية كلنا نخشى الموت والمجهول، ولكن نمارس حياتنا بشكل طبيعى ولا يعطلنا عن العمل أو تناول طعامنا أو شرابنا، ولكن الحالات التى ترسل اسئلتها حياتها أصبحت متوقفة ولم تعد تفكر فى شىء سوى الموت ويكون ذلك مصاحب بنوبات بكاء مستمرة، فقدان شهية واضرابات فى النوم ، ومن ثم هذا الشخص أصبح يعانى من مشكلة أكبر من الخوف الطبيعى ويحتاج لدعم نفسى أيضًا.
ولكن كيف يبدأ يُروض الشخص قلقه ومخاوفه إلى أن يصل للمساعدة الطبية؟
أن يتَقبل مخاوفه ولا يُعنف نفسه على هذه المشاعر، لأنه إذا عاندها وشعر بالخجل من الخوف أو القلق سوف يغرق فيها ويعانى من أثارها بشكل مضاعف، وأن يلجأ لشبكات الدعم القريبة منه فى البداية كالعائلة والأصدقاء ، وأن يكون الشخص على درجة من الوعى بجسده ومشاعره وأن يلتقط أسباب شعوره بالخوف حتى يبدأ فى السيطرة عليها.
منذ انتشار الجائحة الزمت منظمة الصحة العالمية الدول لتبنى خطط للعلاج والدعم النفسى.. بما تفسرى هذا الاهتمام الدقيق ؟
هى توصية تأتى فى وقتها الدقيق، لأن من المتوقع زيادة الاضطرابات النفسية بعد خروجنا من أزمة انتشار جائحة كورونا، هناك أشخاص سوف تعانى بعد الخروج من هذه الأزمة من اكتئاب حاد، وبدأت بالفعل تظهر من الآن أعراض اضطرابات القلق المزمن، نوبات الهلع، اضطرابات الوسواس القهرى ومن المؤكد سيعانى كثير من الأشخاص مستقبلا من اضطراب كرب مابعد الصدمة.
رغم تخفيف إجراءات الحظر ولكن هناك قطاع كبير يفضل البقاء فى منزله ماذا عن الأطفال وكيفية التعامل؟
من أهم طرق التعامل مع الأطفال عدم خداعهم أو الكذب عليهم، لأنهم سوف يشعرون بقلقنا وخوفنا ومحاولاتنا لتخبئة هذه المشاعر، وهى طريقة سلبية ستجعلهم فى المستقبل يخبئون مشاعرهم ولا يتحدثون عنها أيضًا، لذا ينبغى الحديث معهم وتبسيط الأزمة بهدوء.
كما نستغل التكنولوجيا الحديثة فى تعويض هذه العزلة المنزلية من عدم الخروج والتواصل عبر مكالمات الفيديو مع الأصدقاء والأجداد، وأن يستغل الآباء هذا الوقت لمشاركة الأطفال هوايتهم فى الرسم والتلوين والألعاب المختلفة، وستكون فرصة إيجابية لصالح الآباء أيضًا لتفريع شحنة القلق والتوتر من خلال مشاركة وقت جيد مع أطفالهم يشعرون فيه بالحميمية والتعلق والعاطفة.
أخيرًا.. ماهى روشتة النصائح للحفاظ على الصحة النفسية ؟
يجب اتباع روتين يومى ثابت من مواعيد استيقاظ ونوم ثابتة، الحفاظ على وجبات غذائية صحية وممارسة الرياضة، عدم متابعة المستمرة للسوشيال ميديا وتلك الأخبار والرسائل الصوتية المفاجئة على تطبيق الواتس آب، وتحرى الدقة فى الحصول على الأخبار من مصدر خبرى يتمتع بثقة ومصداقية، التوقف عن متابعة عدد حالات الوفيات والإصابات لأنه سلوك مؤذى ويضاعف من التوتر والقلق ويفسد جودة اليوم.