حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    إسرائيل على خطى توسع في الشرق الأوسط.. لديها مصالح في الاعتراف ب«أرض الصومال»    نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، البنتاجون يعلن عن صفقة ضخمة لتسليم مقاتلات "إف-15" لإسرائيل    الخارجية الروسية: أوكرانيا ستحاسب على أعمالها الإرهابية    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل واقعة خطف طفل كفر الشيخ    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    تفاصيل مثيرة في واقعة محاولة سيدة التخلص من حياتها بالدقهلية    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    أزمة القيد تفتح باب عودة حسام أشرف للزمالك فى يناير    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    ترامب ل نتنياهو: سنكون دائما معك وسنقف إلى جانبك    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    حسام حسن يمنح لاعبى المنتخب راحة من التدريبات اليوم    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    فرح كروان مشاكل على حفيدة شعبولا يتحول إلى تحرش وإغماء وعويل والأمن يتدخل (فيديو وصور)    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    بينهم 4 دول عربية، تعرف على المنتخبات المتأهلة لدور ال 16 في كأس أمم إفريقيا    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    فوضى السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لصوص الجامع! الحلقة السادسة
بالتفاصيل.. أخطر منهج إخوانى لتزوير السنة النبوية وسيرة الرسول

بحسب الوثائق التربوية بالتنظيم الإرهابى (رسالة: التوثيق والتضعيف)؛ يُصبح الأخ أخًا عاملًا (فى مرحلة إعداد الدعاة/ أو المُوجّه) بَعد ترشيح مسئوله.. وذلك بَعد استيفاء شرط المُدة.. ثم تزكية لجنة العضوية بالمنطقة.. ثم اعتماد المكتب الإدارى للمنطقة؛ ليُصبح - بعد ذلك - مؤهلًا للمبايعة.. إذْ تؤخَذ منه البيعة للجماعة ب«الطريقة المناسبة» أمام مسئول المكتب الإدارى أو غيره.

.. ووفقًا ل«المنهج التربوى» المُعتمَد فى مصر، وتعديلاته الأخيرة؛ فإنّ أهداف منهج هذا المستوَى تتوزع - بطبيعة الحال - على المَحاور التقليدية الثلاثة: (الإيمانى أو التعبدى/ الأخلاقى أو السلوكى/ الحركى أو التنظيمى)؛ إذْ من بين تلك الأهداف عند المحور «الإيمانى» (التعبدى):

(أ)- أن يتزود بالعِلم، فيما تطلق عليه الأدبيات التنظيمية: «علم الاستبانة».. والاستبانة تنقسم بدورها إلى مَصدرَين (سنتحدث عنهما تاليًا).. إلّا أنَّ ما يتعلق بهذا المحور هو المَصدر الأول (أى: الشرع).

(ب)- أن يَثبُت أمام العَقبات وأن يكون قادرًا على اجتيازها.. والنقطة الثانية، على وجْه التحديد- والقول لنا- تتعلق بترسيخ مفاهيم [فقه الابتلاء] لدى الأخ العامل.. إذْ يُغرس داخله قناعة بأنّ دعوات الحق دائمًا ما تتعرض لابتلاءات متنوعة، ومتتابعة.. وبالتالى.. فإن صبره على هذه الابتلاءات [السجن/ الاعتقال/ إقصائه عن الحُكم... إلخ]، وتمسكه بجماعته إلى النهاية، ما هو إلا من تمام إيمانه(!).

.. بينما تشمل أهداف المحور السلوكى (الأخلاقى):

(أ)- أن يَستكمل أخلاق المؤمنين. (لاحظ - هنا- احتكارية مفهوم الإيمان!).

(ب)- أن يكون ملتزمًا مستقيمًا يحاسب نفسَه على كل عمل، ويقوّمها متى وجد فيها اعوجاجًا.

.. فيما تتضمن أهداف «المحور الحركى» (التنظيمى)، الآتى:

(أ)- أن يتحقق بالأركان ويلتزم بالواجبات. (أى: أركان البيعة وما يترتب عليها من واجبات داخل الصف التنظيمى).

(ب)- أن يكون مهمومًا بدعوته مشغولًا بفكره وقلبه فى كيفية: انتشارها، ونجاحها، و[انتصارها].

(ج)- أن يتدرب على تحمُّل المسئوليات فى الأعمال التى يُكلف بها.

(د)- أن يتزود بالعِلم النافع فى مجال «علم التنفيذ» (سنشرحه - تاليًا - من واقع أدبيات التنظيم ذاتها).

(ه)- أن يتزود بالعلم بالمصدر الثانى من مصادر مجال «علم الاستبانة» (أى: الواقع). (و)- أن يمارس الشورَى بشكل عملى صحيح «التربية الشورية».



1 وهْم الشورَى:

فيما يتعلق بالنقطة الأخيرة من أهداف المحور الحركى (التنظيمى)، لنا - هنا - أن نلاحظ أن التربية الشورية التى تقول بها الجماعة، ما هى إلّا «شورَى مقيدة» فى الواقع.. إذْ إن الاختيارات الفقهية للجماعة - على سبيل المثال - لا خيرة للأفراد فيها.. ومن ثمّ لا يمكن لأى عضو من أعضائها مخالفة اختيارات الجماعة الفقهية (فضلًا عن قراراتها الأخرى)؛ وذلك إذا ما تم اعتمادُها من قِبَل القيادة العليا للتنظيم، حتى وإن خالفت قناعاته الفقهية الخاصة(!).. كما أن اجتهاداته التنظيمية الأخرى - بحسب رسالة «التوثيق والتضعيف» - يجب أن تظل مرتهنة ب«مصلحة التنظيم» فى المقام الأول؛ إذْ تقول «الوثيقة» هنا: إنه يجب أن يتدرب [الإخوان العاملون] فى هذه المرحلة على إبداء الرأى والنصح، وعلى التفكير العميق ل«صالح الجماعة»، مع استمرار [الطاعة الكاملة] للجماعة، ونموّها فى أنفسهم(!).

وفى سياق الملاحظات [العامة] حول تلك المرحلة؛ تُبين كذلك رسالة «التوثيق والتضعيف»، أنّه يجب على «الإخوان العاملين» فى هذه المرحلة [والمراحل التالية] عدم التطلع للمسئولية، وعدم الغرور بها.. إذْ ليس شرطًا أن ينتقل الأخ فى هذه المرحلة إلى [مسئول]، أو [نقيب]، أو غيرهما من المسئوليات القيادية بعد استيفاء مُدة مُعيَّنة فيها.. وإنما يتوقف مثل هذا التكليف على مستوى الأخ وقدراته، وعلى حاجة الجماعة. 

2 طبيعة «عِلم الاستبانة»:

وفقًا للأدبيات التنظيمية لجماعة الإخوان الإرهابية، فإنّه لا يُطلب من «الأخ العامل» أن يكون متبحّرًا فى «العلم الشرعى» إلّا إذا كان من أهل الاختصاص.. ولكن لا بُدّ أن يلم بالحد الأدنى، الذى يُمكنه من فهم المصطلحات الدارجة فى: (أصول الفقه/ مصطلح علم الحديث/ علوم القرآن/ اللغة العربية).. وأن يكون مستوى إحاطته بالعلوم التى يُدرّسها فى الفصل (أى للمجموعات التى تحت ولايته تنظيميًّا) جيدًا؛ بحيث لا يكون مساويًا فى مستوى فهمه وتحصيله لها لمستوى طلابه.. إلّا أنَّ التنظيم اشترط، فى هذا السياق، أن تتركز معارف الأخ على نوعين: أولهما: «علم الاستبانة»، وثانيهما «علم التنفيذ» .

و«علم الاستبانة» - وفقًا للأدبيات نفسها - هو جزءٌ من البرنامج التدريبى المخصص للتحقق بأركان البيعة عند الإخوان (خصوصًا رُكن العمل).. ويستهدف فى نهاية الأمْر وضْع خطة السير [التفصيلية] للمناطق والشُّعَب والأسَر فى ضوء الخطة العامة للجماعة.. ولهذا العلم (المُلفّق إخوانيًّا لدعم التصورات الحركية) مَصدران:

المَصدر الأول (الشرع): إذْ يكون على الأخ المسئول أن يدرس تفسير القرآن، وكُتُب الأحاديث، والفقه، وسيرة النبى، والأنبياء من قَبله، والتعرُّف على المُعاهدات التى عَقدها النبى، والوفود التى أرسلها واستقبلها.. إلى غير ذلك من المواقف التى يتمكن بها المسئول من نهج الطريقة الشرعية فى سير الحركة(!).. وهو - والقول لنا - ما يَصبُّ فى دعم أساسيات ما يُعرَف بالمنهج الحركى للتنظيم؛ إذْ لهذا المنهج رافدٌ آخرُ سنتبيّنه لاحقًا عند الحديث حول ما يُعرَف أيضًا ب«علم التنفيذ».

.. والمَصدر الثانى (الواقع): ويَعنى دراسة الواقع الذى تعيشه الجماعة.. وتُبين الأدبيات، هنا، المراد ب«الواقع» بحسب الآتى:

(أ)- واقع تنظيم الإخوان: ودراسته تكون بأن يهيئ المسئولون أسبابَ الدراسة للقيادة عن طريق التقارير والإحصاءات الدقيقة الوافية المنتظمة فى شتّى الجوانب (ومن مختلف الأقطار).. وكذلك دراسة «تاريخ الجماعة» وقانونها الأساسى (أى: اللائحة الأساسية) وأقسامها وهياكلها التنظيمية، وما حدث من تطورات فى المَراحل المختلفة.

(ب)- واقع التنظيمات الإسلامية المختلفة فى الأقطار الأخرى (أى الحركات المنافسة)؛ لتجنب الأخطاء التى وقعت فيها، والتعرف - كذلك - على خططها الناجحة؛ لتقرير مواقفها المحتملة تجاه خطط تنظيم الإخوان.

(ج)- واقع الحركات الإسلامية السابقة (أى الحركات التاريخية) ودراسته والاستفادة منه.

(د)- واقع الأوضاع الداخلية فى الأقطار المختلفة، وكذلك التيارات والمذاهب والمبادئ المعادية للحركة فيها، وواقع السياسة الدولية العالمية؛ وذلك؛ لتعيين نوع الجهود التى تبذلها واتجاهات مواقف الإخوان السياسية منها.. ويتم ذلك عن طريق متابعة الجرائد والمجلات السياسية المحلية والدولية والمؤتمرات المختلفة.

(ه)- واقع خطط إقامة الدول.. ودراسة المَراحل التى تمُرُّ بها، والمشكلات التى واجهتها؛ للاقتباس والمساعَدة على تصوُّر مختلف الظروف، التى قد تصادف سير تنظيم الإخوان نحو إقامة الدولة الإسلامية؛ وذلك لتحديد الحلول المناسبة لها منذ البداية. 
3 طبيعة «عِلم التنفيذ»:


تقول «الأدبيات الإخوانية» إن الجماعة لكى تصل إلى تنفيذ أهدافها (وعلى رأسها تمكين الدعوة)، فلا بُدّ أن يكون لهذا الأمْر من عُدة للمنفذ.. ولا بُدّ للتنفيذ من علم يساعده.. وتُقسِّم الأدبيات هذا العِلم إلى نوعين رئيسيين: (علم بتاريخ «عمليات التنفيذ» السابقة/ وعلم الرجال).

.. وتحت عنوان: «العلم بتاريخ عمليات التنفيذ السابقة»، نقتبس من أدبيات الشرح الإخوانية عبارة تقول: «تُعتبر دراسة سيرة النبى، ونشأة المجتمع المسلم هى الدعامة الكبرى والمرجع الأساسى فى معرفة طريقة الوصول إلى الهدف وكيفية التنفيذ، فلا بُدّ من التأكيد على دراسة السيرة المطهرة وبذل الجهد فى التأسّى بخطوات النبى، كما تجب دراسة الخطوات التنفيذية فى الوصول إلى الحُكم وإقامة الدولة؛ حتى تتسع المَدارك والتصورات للعَقبات التى نصادفها؛ خصوصًا فى المراحل الأخيرة».

.. وفى الواقع - والقول لنا -؛ فإن تلك العبارة على وجه التحديد، كانت تسعى سعيًا حثيثًا إلى خَلق إطار نظرى (تأطير) للمنهج الذى أرساه القيادى السورى الراحل «منير الغضبان» فى كتابه «المنهج الحركى للسيرة النبوية».. وهو كتاب بمثابة دستور العمل الحركى داخل التنظيم الإرهابى.. إذْ وَظّف «الغضبان» السيرة النبوية فى مؤلفه؛ للإسقاط على جوانب العمل التنظيمى ل«دعوة حسن البنا»، مستخدمًا تخريجات فقهية (تبريرية) للعمل السرى، بما يسمح بتطبيق تلك النظرية على مشروع الجماعة السياسى (الساعى للحُكم).

.. وفى الحقيقة؛ فإن هذا المَنهج كان يتقاطع بشكل كامل مع فكرة «جاهلية المجتمع»؛ إذْ لا يُمكن أن يؤتى هذا المنهج أُكله إلّا عندما يتم ترسيخ صورة ذهنية لدى متلقى الخطاب الإخوانى بأن الإسلام لم يَعُد موجودًا فى أرضه(!).. وبالتالى فإن «دعوة البنا» أتت لتُعيد الإسلام من حيث ذهب(!).

.. بل إن مؤلف «المنهج الحركى» ذاته، يعترف صراحة فى مقدمة كتابه بأنه اهتدى إلى هذا المنهج من «سيد قطب» نفسه ومؤلفه الأكثر نقمة على العالم الإسلامى «معالم فى الطريق»؛ إذْ يقول:

لا أزال أذكر فى بداية الستينيات عندما طلع علينا الشهيد سيد قطب رحمه الله بكتابه- معالم فى الطريق- وكان نقطة تحوُّل حساسة فى الفكر الحركى الإسلامى. ووقفتُ مليًّا أمام هذه الفقرة: «والسمة الثانية فى منهج هذا الدين: هى الواقعية الحركية، فهو حركة ذات مراحل، كل مرحلة لها وسائل مكافئة لمقتضياتها وحاجاتها الواقعية، وكل مرحلة تسلم إلى المرحلة التى تليها فهو لا يقابل الواقع بنظريات مجردة. كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة، والذين يسوقون النصوص المختلفة بكل مرحلة منها، الذين يصنعون هذا يخلطون خلطا شديدًا، ويلبسون منهج هذا الدين لبسًا مضللا، ويُحمّلون النصوصَ ما لا تحتمله من المبادئ والقواعد النهائية. ذلك أنهم يَعتبرون كل نص منها كما لو كان نصًّا نهائيّا. يمثل القواعد النهائية فى هذا الدين، ويقولون - وهم مهزومون روحيّا وعقليّا تحت ضغط الواقع اليائس لذرارى المسلمين الذين لم يبق لهم من الإسلام إلّا العنوان - إن الإسلام لا يجاهد إلّا للدفاع أو يحسبون أنهم يسْدون إلى هذا الدين جميلًا بتخليه عن منهجه، وهو إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعًا، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد! لا بقهرهم على اعتناق عقيدته، ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة، بَعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية، وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة، تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها».

.. أى أن تكفير المجتمع كان - ولا يزال - جزءًا لا يتجزأ من طريقة العمل الإخوانية فى التعاطى مع كل من هو خارج الإطار التنظيمى للجماعة.



4 علم التنفيذ.. وقفة أخرى:

تُبين «الأدبيات الإخوانية» أن النوع الثانى من «علم التنفيذ» هو «علم الرجال».. وهو علم غير ذلك العلم المتضمن بين حشايا «علوم الحديث»؛ إذْ توضح الأدبيات هنا تلك التفرقة بعبارة تقول:

فكما يجب أن يكون الفقيه عالمًا برجال الحديث النبوى، كذلك يجب أن يكون منفذ الخطة على علم بأحوال الأصناف الآتية من الرجال:

 رجال الأحزاب: استعدادًا لاحتمال التعامل والتفاوض معهم وما شابه ذلك.

 رجال العلم والأدب: لمعرفة مواقفهم من الإسلام والعمل الإسلامى ومحاولة تقريبهم منّا وكسب آرائهم وتأييدهم.

 رجال الحكومة وكبار الموظفين: لمعرفة المخلص الأمين من العميل والجاسوس والانتهازى المَصلحى.

 الأغنياء وأصحاب الثقل الاجتماعى: لمعرفة مواقفهم من الدعوة ودعوتهم وتحسين الصلة بهم والاستفادة من الطيبين منهم ماديّا واجتماعيّا.

.. وأنه على الأخ المسئول أن يضع فى برنامجه الإلمامَ بهذه النوعيات من الرجال، لا فى بلده فقط ولكن فى العالم الإسلامى كله ما استطاع؛ وذلك نظرًا لاتساع الحركة الإسلامية وترابُطها فى جميع أنحاء العالم الإسلامى.

ومن وسائل هذا العلم (المُلفَّق إخوانيًّا)، بحسب وثائق التنظيم:

(أ)- الاتصال بزوار من هذه الأصناف والتحدث معهم ما أمكن.

(ب)- استغلال السَّفر إلى البلدان الأخرى للتعرف على هذه الأصناف من الرجال.

(ج)- زيارة رجال البلد وتتبع أخبارهم من القريبين منهم.

(د)- دراسة كتُب التراجم الشخصية والمذكرات للمشهورين، سواء كانوا من حملة الفكرة الإسلامية أو لم يكونوا.

(ه)- الاطلاع على مواقف الكُتّاب والمفكرين ورجال الصحافة فى المواقف الحساسة والقضايا الرئيسية من خلال كل ما يُنشر لهم أو عنهم فى الصحافة المحلية أو الدولية.

(و)- تتبُّع أنباء المؤتمرات الباحثة فى الشئون الإسلامية سواء عقدت بأيدٍ إسلامية أو استعمارية.

(ز)- حضور المحاضرات والندوات العامة؛ للتعرف على شخصيات وآراء المحاضرين والمناقشين.

.. أى أن هذا الأمر يقتضى فى الواقع العمل على اختراق الحياة (السياسية والحزبية والدعوية) بالبلدان التى تشهد تواجدًا لتنظيم الإخوان (إمّا للاستقطاب والتوجيه، وإمّا للمنع والمصادرة).. لذلك تضع الوثائق أمام القيادات التنظيمية عددًا آخر من الوسائل لتدريب عليها كوادر التنظيم (السياسية والإعلامية والدعوية)، بَعد مَدهم بالخبرات والمعلومات اللازمة عن مهام الاختراق تلك، منها:

 أساليب التأثير وإدارة المؤتمرات، وهذا بالنسبة لمسئولى الكليات والجامعات والمصانع والنقابات.

 القدرة على شرح وبيان العبادات القلبية، وتوضيح أهميتها وضرورة مراقبتها بدقة، وهذه بالنسبة لمسئولى الأسَر (النقباء).

 علوم تساعد على الكتابة فى الجرائد وتوفر للأخ الحجج والبراهين فى مناقشاته ومحاضراته ككتُب القانون الدولى والنظم السياسية والتاريخ السياسى الحديث والمشكلات العالمية ومذكرات الزعماء.



وفى الواقع.. فإنَّ التنويع التنظيمى على «المنهج الحركى» وأساليبه المتعددة، أمرٌ متكررٌ ومعتادٌ داخل تنظيم الإخوان (الإرهابى)؛ إذْ لم يقف الأمْرُ عند تأسيسات «البنا» أو محاولات «قطب» أو تخريجات «الغضبان» أو أدبيات العمل الحديثة داخل تنظيم الجماعة الدولى (كما عرضنا آنفًا)؛ إذْ كان ثمة محاولات بينية عديدة.. فعلى سبيل المثال، كان أن تداوَل عددٌ من أفراد صف الإخوان - فى أعقاب إلقاء القبض على بعض قيادات الجماعة، فيما عُرف إعلاميًّا ب«قضية ميليشيات الأزهر» بالعام 2006م - مؤلفًا ل د. «عبدالحى الفرماوى» القيادى السابق بالجماعة، وأستاذ التفسير بجامعة الأزهر، تحت عنوان: «دروس حركية من الهجرة النبوية».. وهو مؤلف حثَّ خلاله القيادى الإخوانى الراحل (تأسيسًا على دروس السيرة، أيضًا) أفرادَ الصف على التدرُّب على أعمال التجسُّس وجمع المعلومات(!).. وقال الفرماوى: إن بث «المخابرات» فى صفوف الخصوم (أى: الدولة) أمْرٌ تحتمه الظروف وطبيعة العلاقة الأبدية بين أنصار الحق من جهة، وأنصار الباطل من جهة أخرى.. كما تضمَّن المؤلف - كذلك حث أفراد الجماعة على فداء قياداتها بأرواحهم، إلى جانب «شرعنة» العمليات الفدائية بين صفوف خصوم الدعوة.

.. ولأن «سيد قطب» بمنهجه التكفيرى، وإلهاماته لغيره من القيادات التالية للجماعة، هو بطل هذه المرحلة من «عمر الأخوة» داخل التنظيم الإرهابى،فإن إعادة تقديمه لأفراد الصف بوصفه مُجددًا للدعوة، يُعَد من المسلّمات عند مستوى «الأخ العامل».. وتلك قصة أخرى(!).

(.. يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.