فى مجال الحرف اليدوية أو ال«هاند ميد» مساحات واسعة جدًا من الإبداع الفردى، أبطال وبطلات صاغ كل منهم تجربته بطريقته الخاصة، فاختلفت التفاصيل، وكان النجاح هو العامل المشترك فى النتائج، تحول شغف الطفولة إلى حلم حقيقى يعيشون فيه، ورغم انشغالهم بالدراسة ومتطلبات الحياة استطاعوا أن يخلقوا لأنفسهم عوالمهم الخاصة. . وإذا كانت الدولة بعد أن تجاوزت مرحلة المنعطفات الحادة والمطبات الصعبة فى طريق إصلاح الاقتصاد بدأت تخطط لدعم القطاع الخاص كى يقوم بدوره فى عملية التنمية ومن هنا جاءت مبادرة البنك المركزى لتوفير 100 مليار جنيه كدعم لقطاع الصناعة للتوسُّع أو الشروع فى صناعات جديدة بهدف الخفض من فاتورة الاستيراد.. وإذا كانت الدولة تستهدف أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالدعم والمساندة؛ فإن هناك المئات بل الآلاف من أصحاب المبادرات الفردية الذين يستحقون النظر إليهم بعين الإتمام والمساندة، وفى السطور القادمة نتعرف على قصة كل منهم: «نهى» تصنع الحُلى من البحر وتصدره إلى «النرويج» عرفت طريق المشغولات اليدوية وهى بنت 7 سنوات، فكانت ترسم وتنتج تابلوهات ملوّنة، تُركِب وتدمج كل ما يصادفها من الطبيعة البحرية «قشور السمك، ديل السمك، وألوان الزيت، وألوان القماش والزجاج» استغلت كل ما تتيحه لها البيئة المحيطة من إمكانيات بسيطة فصنعت منها أعمالًا فنية وحلى ذات قيمة. حصلت «نهى على» على بكالوريوس خدمة اجتماعية، لكنها لم تكتف بهذا القدر من التعليم فدرست الفنون الجميلة لمدة عامين دراسة حرة، مضت الأيام وباتت هوايتها هى الشىء الأكثر أهمية فى حياتها، ساعدها والدها فى توفير الإمكانيات، كما ساعدها فى مهمتها جدها الذى يعمل صائغا أيضًا: «المهنة متوارثة فى العائلة عندنا، كل يوم كانت هوايتى بتتطور لحد ما كبرت وأصبحت شركة sun، لتشكيل المعادن المتنوعة». بدأت المرأة الأربعينية تسوق لمنتجاتها من خلال السوشيال ميديا، إلى أن أرسلت أول طلب لمنتجاتها خارج مصر: «أول أوردر كان للرياض وراح عن طريق الشحن، وشغلى وصل للنرويج ودبى، ودى خطوات كانت بداية وإن شاءالله طموحاتى أصل للعالمية من خلال معارض فى فرنسا ودبى وباقى الدول الأوربية». «أميرة» تبدع فى التطريز ومشغولاتها تصل تونس وتركيا شغوفة بالخيوط وأعمال الهاند ميد، تابعت الكثير من أعمال التطريز وقررت أن تركز اهتمامها عليها، عقب انتهاء الامتحانات، لم تتجه إلى العاملين فى المجال لتتعلم منهم وإنما آثرت أن تعتمد على ذاتها، فكانت تبحث وتستكشف كل جديد من خلال موقع «يوتيوب». تدرس «أميرة السبع» بنت ال 22 عامًا فى قسم حيوان بكلية العلوم، جامعة الأزهر، ورغم انشغالها بدراستها استطاعت أن تفسح لذاتها مكانًا فى عالم الهاند ميد وتتفوق فيه، ساعدتها والدتها معنويًا وماديًا أيضًا، وأنتجت أول «تارة» وسط تشجيع واهتمام بالغ من المحيطين بها. أنشأت الطالبة الأزهرية صفحة خاصة بها على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك». مؤكدة أنها تضطر إلى شراء المواد الخام من القاهرة، فهى من سكان مدينة «طنطا»: «أول أوردر كان من بنت فى جروب بنات، كنت منزلة الحاجات اللى عملتها كهواية، طلبت وقولتلها أنا معملتش أوردرات قبل كده وخايفة قالتلى أنا واثقة إنك هتعمليه كويس وكانت لطيفة وثقتها هى اللى حفزتنى، وعملته وشغلى بدأ ينتشر فى جروبات المواهب أكتر». رغم دخول أميرة إلى عالم الهاند ميد منذ أشهر قلائل وصلت أعمالها إلى خارج مصر، حيث أرسلت بعضها إلى تونس وعمان وتركيا: «بعمل تارات لخطوبة وأفراح وكتب كتاب، وهدايا للصحاب، وبرسم بالخيط على البلوفرات، لكن أكتر حاجة فخورة بيها القلب اللى عملته، ولوجو النادى الأهلى وأنيميشن سيمبا ونالا». مشيرة إلى أن أكثر صعوبة واجهتها هى الدراسة؛ حيث تتطلب كليتها الكثير من الجهد والوقت والتركيز، وأيضًا رأس المال، حيث تنفق مكسبها على شراء المواد الخام دائمًا: «طموحاتى البيدج تكبر ويكون ليا بصمة فى كل بيت فى مصر بفرح أوى لما حد يبعتلى صورة الشغل وهو معلقها على الحيطة عنده فى البيت ونفسى أفتح مشغل وأحب كل البنات تتعلم التطريز وتبدع فى بيوتها».
«فرحة وشخليلة» على طريقة «ضحى» تصل «أمريكا»و«فرنسا» اختارت أن تأخذ من الهاند ميد الجانب المبهج، حيث تخصصت فى صناعة الأشياء الخاصة بالعرائس والمواليد، فى البداية كانت تحب إعادة تدوير الأشياء فتزين الكرتون والزجاجات الفارغة وتحولها إلى ديكورات منزلية بالألوان وشرائط الزينة، حتى ساعدها التحاقها بكلية رياض الأطفال فى عمل ماكيتات تعليمية للأطفال وألعاب، وعندما تزوجت وكان لديها متسع من الوقت لصنع الهدايا وابتكار الأشياء من أجل صديقاتها فى حفلات زفافهن. حظيت «ضحى حسين» 34 عامًا، بردود أفعال قوية من قبل المعازيم الذين شاهدوا الأشياء التى أهدتها إلى صديقاتها، ما شجعها لتبدأ مشوارها فى تصميم اكسسوارات المناسبات: «حبيت شغل الهاند الميد المرتبط بمناسبات سعيدة لأنى حسيت أن حاجتى بتكون سبب فرحة أم عروسة وأسرتها أو أهل النونو وأسرته. مضت سنوات على عمل «ضحى» باكسسوارات المناسبات لكنها ترفض أن يشاركها أحد فى عملها؛ حيث تحرص على صنع كل شىء بيديها، فتهتم بالتفاصيل والشكل النهائى للمنتج: «ولإنى لوحدى أغلب الأوردرات حجزها بيكون قبلها بفترة كبيرة، صفحتى اسمها فرحة وشخليلة بعرض عليها كل شغلى،ووصلت لخارج مصر وشحنت شغلى للإمارات والسعودية وعمان وأمريكاوفرنسا وكندا وهولندا، وفى أكتر من محل جاليرى كلمنى عشان ياخد كميات كبيرة فى وقت قصير بس اعتذرت لأنى شغالة لوحدى ومكنتش هقدر». وتضيف: «أحلامى هى ابتكار وتصميم مزيد من المنتجات الجديدة اللى بتدخل الفرحة والسعادة لكل عملائى،لأن أكتر حاجة بتسعدنى لما عروسة أو أم بيوصلها منتجاتى ويكونوا سعداء بيها».
«ماهى» تصنع «برتفيه فرعونى» لفتاة فرنسية وتنقش عليه اسمها بالهيروغليفي تتذكر بداية الطريق حينما لمست قطعة من الجلد، نالت إعجابها كثيرًا وهنا قررت أن تتخصص فى هذا العمل، صنعت ميدالية تحمل اسمها ثم اتجهت إلى صنع هدايا لأصدقائها، كانت تتمنى «ماهى صقر» 30 عامًا، أن تتميز فى شيء يخص الذوق والفن؛ حيث كانت دراستها الأساسية فى كلية الفنون الجميلة، لكن أسرتها صممت أن تغير مسارها الدراسى وتلتحق بكلية العلوم لكنها تركتها بعد عامين نظرًا لصعوبتها لتدرس بكلية التجارة، جامعة الإسكندرية وتحصل على البكالوريوس منها، عادت إلى شغفها من جديد وأتقنت الهاند ميد وقررت أن تتخصص فى مشغولات الجلد الطبيعى. بدأت «ماهى» حياتها المهنية عام 2012 عقب تخرجها، ومنذ بداية عملها وهى تحرص على الابتكار والبعد عن المنتجات التقليدية: «بعمل شغلى كله من الألف للياء لوحدى،بستخدم مكواة الحرق والخرامة والإبرة وفرش التلوين وصبغة الجلد، بعمل محافظ جلد بتاخد منى يوم لو محضرة الباترون، والمشكلة اللى بتواجهنى غلاء الأسعار وكمان الماتيريال مش كويس فبجرب كذا حاجة». اهتمت المرأة الثلاثينية بعرض شغلها على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» فاستقبلت تعليقات ورسائل من مختلف الدول وهنا بدأت أعمالها فى الانتشار خارج مصر: «أول أوردر كانت بنت فرنسية عجبها شغلى عن طريق صديقتها المصرية كانت فى زيارة لمصر وطلبت منى أعملها بورتفيه ستايل فرعونى واكتب اسمها عليه بالانجلش والهيروغليفى وشكرتنى لما استلمته وأبدت إعجابها، وبعت شغل للسعودية وأمريكا». حصلت «ماهى» على لقب أفضل رائدة أعمال فى مصر عام 2015، موضحة أنها فازت بالمركز الأول ضمن 5 متسابقات بمشغولات يدوية مختلفة، وتضيف: «حلمى أوصل للعالمية وأعمل كولكشن جديد مختلف عن كل شغلى، وبعد أزمة مررت بها أدتنى دفعة قوية وأظهر بشكل مختلف فى شغلى وأجدد وأعمل أفكار وتقنيات أحسن وده اللى بسعى فيه».
«نور» أول نحاتة عرائس كرتونية وصلت لألمانيا خاضت الرحلة باكرًا، حينما كانت طالبة فى الثانوية العامة، تعلمت على يد نحات ثم استقلت بذاتها وبدأت تتعلم وتتقن فن نحت العرائس الكرتونية. تخرجت «نور شمس» فى كلية التجارة، جامعة القاهرة، وكرست كل جهودها لعملها حتى أصبحت الأولى فيه على مستوى مصر والوطن العربى. 13 عامًا قضتها الفتاة العشرينية فى صناعة العرائس الكرتونية، تنحتها على بلوك أسفنجى قطعة واحدة بكثافة عالية، تقول: «أستخدم أقمشة وغراء وجلود، وأول أوردر طلعته كان ماسك بقرة عينة لمكتبه، والعميل عجبه شغلى وطلب منى 40 ماسك، وطول مشوارى ماما وبابا وأخواتى كانوا بيشجعونى،وكل العملاء عارفين كفاءة شغلى وجودته العالية وإنه غير أى منتج تانى لحد ما فتحت سوق كبيرة فى مصر وبقيت من الأوائل فى المجال». واصلت «نور» المضى وانتشر شغلها داخل مصر وخارجها أيضًا، حتى وصل إلى الأردن والسعودية، وقطر، والبحرين، ودمشق، والإمارات، والكويت، وفلسطين، والعراق، وسوريا، وأخيرًا إلى دولة ألمانيا: «بوصله عن طريق شركات الشحن، والحمد لله أنا البنت الوحيدة اللى بنحت النحت ده فى الدول العربية والحمد لله بدأت أفتح سوق ليا فى دول أوروبا بتعملى عرايس محددة، بصمم الشخصيات وببيعها». موضحة أنها تنحت الشخصيات الكرتونية التى تستخدم فى الحفلات وأعياد الميلاد، وأيضًا لوجو للشركات الكبرى.
حكاية «مرفت» مع الشموع من «الإسكندرية» إلى «الكويت» حصلت «مرفت السيد» على بكالوريوس تجارة، شعبة محاسبة، وقررت أن تنصب اهتمامها على الهاند ميد، رغم أنه لم يكن حُلمها من البداية، اختارت أن تصمم الديكوباج والشموع وبدأت رحلتها عام 2010، تقول: «الموضوع بدأ بإنى أدور على حاجة جديدة عشان أكسر ملل وظيفة المحاسبة، وبعدها أتحول لهواية جميلة ثم شغل واكتفيت بشغل الهاند ميد وتركت شغلى كمحاسبة وده اللى خلانى أفكر أكمل دراسات عليا فى التسويق عشان أقدر أسوق لشغلى صح». «واجهتنى صعوبة الشحن وقتها، بس بعد كده اتحلت وطلعت أوردرات خارج مصر وكان أولها لدولة الإمارات وكان خاصا للمدرسين، ووصلت لفرنساوالكويت، وشغل الهاند ميد بقى البيزنس بتاعى وبدرب ناس، وحلمى يبقى عندى جاليرى للتسويق».
«شيماء»..17 عامًا فى صناعة الخيامية شغلى لدول كتير منذ نعومة أظفارها وهى محبة للهاند ميد، لكنها لم تحدد الشيء الذى تريد أن تتخصص فيه، حتى اكتشفت صدفة ميولها تجاه صناعة الخيامية، وبدأت تتعلم وتعرض أعمالها على أصدقائها، «شيماء حمدون»، 38 عامًا، تخرجت فى كلية الإعلام، جامعة القاهرة، بدأت عملها فى الخيامية منذ 17 عامًا، تقول: «كان حلمى أشتغل هاند ميد بس مش الخيامية تحديدًا، بستخدم المقص والإبرة والقلم الرصاص أو القلم الشمع وممكن مسطرة». تؤكد المرأة الثلاثينية أنها تستخدم قاعدة أساسية للقماش ثم تضع عليها أنواعًا مختلفة من الأقمشة: «أستخدم أنواعًا مختلفة من الأقمشة والقطن ويكون سهل تدخل فيها الإبرة، شغلى مش نوع واحد، كل حاجة لها طريقة صناعة، ممكن أوردر ياخد يوم وأوردر شهر، بيرجع لنوع الشغل وحجم الشغل وتفاصيل الشغل نفسه، وفى ناس بتساعدنى». وتضيف: «اشتغلت على خامات صعبة جدًا ومنها شغل الإبره على الجلد الطبيعى والخيش، ومن أهم طموحاتى إن شغلى يلف العالم كله واسمى يبقى عالميا كأشهر سيدة فى مجال الخيامية، والدولة تهتم أكتر بتعليم وتدريب النشء على أعمال الخيامية كنوع من الفنون التراثية واللى ليها القدرة على الجذب السياحى والمساهمة فى رفع الاقتصاد المصرى».