بينما كان يحلم بالطواف حول الكعبة المشرفة خلال أداء مناسك الحج، إذا به يفيق من حلمه على كابوس، وهو مفترش أرض مطار جدة السعودى، حيث يستعد للترحيل مرة أخرى إلى القاهرة، لأنه تعرض لعملية نصب واستغلال من بعض السماسرة والمكاتب غير المُرخصة، الذين استغلوا موسم الحج وتلاعبوا فى التأشيرات بإصدار تأشيرات مزورة غير نظامية.. وكانت كلمة السر فى تلك العملية برمتها هى «تأشيرة الفعالية». وتأشيرة «الفعالية»، هى تأشيرة بدأ العمل بها فى السعودية منذ أول مارس الماضى، للراغبين فى حضور الفعاليات المقامة داخل الأراضى السعودية، وتسمح التأشيرة لحاملها دخول مناطق محددة والتحرك فيها بشكل حر بالأراضى السعودية، إلى جانب الدخول والاستمتاع بالفعالية، وذلك خلال إقامة فعاليات الحدث وقبله وبعده بفترة محددة حسب مدة التأشيرة أو الحدث نفسه، وغالبًا ما تكون هذه الفعاليات خاصة بالهيئة العامة للترفيه فى المملكة العربية السعودية، وما تقيمه من حفلات وفعاليات مكثفة فى الآونة الأخيرة. بادرت السلطات السعودية على الفور، وأعلنت وقف العمل بالتأشيرة الفعالية خلال موسم الحج، وإبلاغ شركات الطيران الخاصة بنقل الحجاج خلال الموسم الحالى، لمنع أى مسافر إلى المملكة بهذه التأشيرة، ولا يتم العمل بها مرة أخرى إلا بعد إعلان الجانب السعودى عودتها. وحذرت السفارة السعودية فى القاهرة، من عمليات النصب بإصدار تأشيرات «مزورة» لأداء فريضة الحج، ومخالفتها للأنظمة المتبعة، الأمر الذى يعرض حاملى هذه التأشيرات للحظر من دخول المملكة. وأضافت السفارة، أنه يمكن للمواطنين التأكد من موثوقية الشركات والمكاتب المعتمدة عبر القنوات النظامية فى إطار التنسيق القائم بين حكومتى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. كما أوقفت سلطات مطار القاهرة الدولى، سفر أى راكب يحمل التأشيرة الفعالية، الخاصة بدخول المملكة العربية السعودية بغرض السياحة، وحضور الحفلات التابعة لهيئة الترفيه؛ وذلك عقب منع السلطات السعودية دخول نحو 30 مصريّا من حاملى هذه التأشيرة لأنها غير مسجلة على أنظمة الجوازات الخاصة بتفويج الحجاج، وتمت إعادتهم مرة ثانية لمطار القاهرة الدولى، وتحقق سلطات الأمن معهم لمعرفة الشركات التى استخرجت لهم التأشيرات. عصابة التأشيرات قال عبدالحميد سلطان، صاحب إحدى شركات السياحة الدينية: إن هناك مافيا يقودها عدد من شركات السياحة الدينية والوسطاء والسماسرة، لأن بعض الشركات المتورطة فى تلك التأشيرات المزورة والمضروبة، أصحابها من أعضاء غرفة الشركات السياحة، والضحايا فى النهاية هم الحجاج، مشيرا إلى أن عدد الحجاج الذين حصلوا على تأشيرات مزورة أكثر من 100 ألف حاج. وأكد أن ثمن تأشيرة الفعاليات الترفيهية 2000 ريال سعودى، فى المقابل تأخذ تلك المافيا من الشركات أو الوسطاء أو السماسرة من الحجاج « 60 و70 ألف جينه مصرى»، على أنها تأشيرة حج. موكدا أيضا أن عدد الشركات المتورطة فى تزوير تأشيرات الحج أكثر من 50 شركة بفروعها، ومن المتوقع تزايد العدد بعد كشف الأمر، فهناك قائمة بأسماء تلك الشركات لدى لجنة وزارة السياحة بالمطار وبالإدارة المركزية لشركات السياحة بوزارة السياحة، لكن المدهش بالأمر أن وزارة السياحة لم تتخذ ضدهم أى عقوبة حتى الآن، ولا أى إجراء للتصدى تلك شركات. وأكد وجود أشخاص يساعدون تلك المافيا فى جدة، ويكون دورهم نقل الأشخاص من مطار جدة إلى مكة مقابل 60 ريالًا للشخص الواحد، عن طريق نقلهم بسيارات ملاكى، والذهاب عن طريق الطرق التى لا توجد بها لجان التفتيش الأمنية. وطالب وزارتى السياحة والداخلية بتكثيف الرقابة على فروع الشركات المنتشرة، وبعمل حملات إعلامية؛ لتوعية الحجاج حتى لا يقعوا فريسة سهلة، وبعمل نظام رابط التأشيرة بالرقم القومى للحاج، حتى يسهل المهمة على رجال المطار بالقاهرة والسعودية. بوابة إلكترونية من جانبه أوضح دكتور محمد شاهين، صاحب شركة سياحة دينية؛ أن شركات الخدمات السياحية وراء تزوير تأشيرات الحجاج، نافيا أن تكون لشركات السياحة الدينية علاقة بالتأشيرات المزورة. وتوقع رجوع 5 آلاف حاج خلال الأيام القادمة، فالسلطات السعودية تقوم بالبحث عن الحجاج الحاصلين على تأشيرات المضروبة لترحليهم إلى مصر. وتابع: أن الحاج هو من ذهب إلى التأشيرات المزورة لأنها الأرخص بدلًا أن يدفع، 100 ألف فى تأشيرة سليمة دفع 40 و60 ألفًا فى تأشيرة مزورة، مؤكدًا أن عمليات النصب على الحجاج تتكرر كل عام، لكن بطرق مختلفة. وأكد أن غرفة شركات السياحة الدينية حصلت على موافقة من مجلس الوزراء بإنشاء بوابة إلكترونية باسم «بوابة العمرة المصرية» على أن يتم إنشاؤها من خلال وزارة السياحة بدعم من شركات السياحة الدينية، وهذه البوابة سوف تعمل على الحد من التأشيرات المزورة، وبالتالى الحد من عمليات النصب، بما يضمن تقديم أفضل الخدمات للمعتمرين على نحو يكفل احترام وحماية حقوقهم وكرامتهم فى الداخل والخارج، وإتاحة المعلومات الصحيحة والدقيقة للمعتمرين بما يكفل تحقيق رضا المواطن، إلى جانب مواكبة التطور التكنولوجى. وأكد أن الوزارة ستمنح الشركات السياحية اسم المستخدم وكلمة مرور للبوابة، على أن تلتزم الشركات بوضع برامج العمرة التى تنظمها، وتحميلها على البوابة، موضحا بها أسماء المعتمرين المصريين المسافرين عن طريقها، والرقم القومى لكل منهم، وتتولى غرفة شركات السفر والسياحة التعاقد مع إحدى الشركات المتخصصة فى مجال البرمجيات لتنفيذ البوابة وما يتصل بها. وانتقد طلب البعض أن تكون التأشيرات تحت مسئولية وتصرف الحكومة، موضحا أن الحكومة تعانى من سوء التنظيم فى تأشيرات الجمعيات الأهلية وقرعة الداخلية والأوقاف نتيجة أن الحكومة تركت الأمر للموظفين الذىن فشلوا فى تقدم الخدمة للحجاج. فى المقابل حمّل مجدى صادق، عضو غرفة شركات السياحة، المسئولية على المواطن الذى أتاح الفرصة سهلة أمام بعض سماسرة النصب لعمل تأشيرات مضروبة، مشيرا إلى أن المواطن على علم بعدم صحة التأشيرة، لأنه يذهب للتأشيرة الأقل سعرًا بدل تأشيرة الشركات. وأكد عضو الغرفة أن جهاز حماية المستهلك لم يستلم أى شكوى من المتضررين الذين أعلن عن ترحيلهم من السعودية أو منع سفرهم من مطار القاهرة . محاسبة المتورطين قال عمرو صدقى، رئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب: إن سلطات الأمن تحقق مع الحجاح الذين تمت إعادتهم لمطار القاهرة، لأن التأشيرة غير مسجلة على أنظمة الجوازات الخاصة بتفويج الحجاج، معهم لمعرفة الشركات التى استخرجت لهم التأشيرات، وقامت بتسهيل حصولهم على تأشيرات سياحة وترفيه وإقناعهم أنها تأشيرات صالحة لأداء مناسك الحج، مؤكدًا أن اللجنة تنتظر التحقيقات التى تقوم بها الجهات المعنية. وأضاف رئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب؛ أن اللجنة تقدمت بطلب رسمى لرئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال، لعقد جلسة استماع حول واقعة «التأشيرات المزورة» الأسبوع القادم، بحضور كل الجهات المعنية من وزارة السياحة، وممثلى كل من الشركات السياحية ومصلحة الجوازات. وأكد أنه ستتم محاسبة المتورطين فى تأشيرات الحج المضروبة، ففى حال ثبوت إدانة أى شركة بتورطها سوف تواجه بحزم، وسيتم غلق أى شركة متورطة فى تأشيرات المزورة.