ضحايا: نحصل على خدمات متدنية.. الوسيط السبب.. والشكوى ملهاش لازمة «غرفة السياحة»: أرباح السماسرة تصل لأكثر من نصف مليون جنيه.. وعدد التأشيرات وراء الظاهرة «سياحة النواب»: النصب على الحجاج يضر بسمعة الوطن وسحب الترخيص الحل «اللجنة العليا للحج»: كيانات وهيمة على «السوشيال ميديا» تبيع الوهم للحجاج ليس هناك من مسلم إلا وتتوق نفسه لزيارة بيت الله الحرام، وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام "الحج"، المرهون بالاستطاعة المادية في المقام الأول، وهو ما يجعل الكثيرين يضعون الجنيه فوق الجنيه لتحقيق هذا الحلم، لكن هناك من يضعه حظه السيئ في طريق "النصابين" و"الطامعين" في سرقة ما في جيوبهم، إذ تحول موسم الحج فى مصر إلى موسم ل "البيزنس" يشارك فيه مئات السماسرة ومكاتب السياحة الصغيرة، الذين أصبحوا يتحكمون في سوق التأشيرات، وبدون مبالغة فإن أرباح السمسار الواحد في موسم الحج قد يصل إلى نصف مليون جنيه. فقد أصبح وجود "السمسار" من أساسيات موسم الحج، وهو الحلقة الأهم في المعادلة برمتها، لأنه الوسيط بين الحجاج والشركات السياحية، ويحصل نظير ذلك على عمولات نقدية ضخمة، ما يدفع الشركات إلى التفاوض معه، أملاً في الفوز بالكعكة الأكبر من الأرباح المادية، في غياب الجهات الرسمية المعنية بتنظيم شئون الحج. ومع اقتراب الموسم تبدأ الشركات العاملة بمجال السياحة الدينية على وجه التحديد فى العمل على جذب الراغبين فى زيارة الأراضى المقدسة لأداء فريضة الحج، من خلال نشر الدعاية والإعلانات الخاصة، والتسابق إلى تقديم رحلات مخفضة لضيوف الرحمن. هذا العام شهد قيام بعض الشركات بالنصب على الحجاج المصريين، من خلال استغلال التسهيلات التى تقدمها السعودية لراغبى دخول المملكة من أجل حضور بعض الحفلات الترفيهية التى تقيمها، وتسير رحلات لراغبى أداء مناسك العمرة على أساس أنها رحلات سياحية ترفيهية. فلم تقم تلك الشركات باستخراج تأشيرة الدخول للمصريين على أنها تأشيرة لأداء مناسك الحج والعمرة، وإنما قامت باستخراجها على هيئة "تأشيرة فعالية"، خاصة بدخول المملكة العربية السعودية بغرض السياحة وحضور الحفلات التابعة لهيئة الترفيه، ومن ثم اكتشف أن هذه التأشيرة غير مسجلة على أنظمة الجوازات الخاصة بتفويج الحجاج، وتم إعادتهم إلى البلاد ولم يسمح لهم بأداء المناسك. البداية كانت مع إعلان سلطات مطار القاهرة الدولى وشركات الطيران عن منع سفر أى راكب يحمل تأشيرة الفعالية، الخاصة بحضور الحفلات التابعة لهيئة الترفيه، بعدما قامت السلطات بمنع دخول نحو 300 مصرى من حاملى هذه التأشيرة؛ لأنها غير مسجلة على أنظمة الجوازات الخاصة بتفويج الحجاج، وتمت إعادتهم مرة ثانية لمطار القاهرة الدولي، حيث خضعوا للتحقيق من قبل سلطات الأمن لمعرفة الشركات التي استخرجت لهم التأشيرات. واكتشفت السلطات السعودية، الأمر مع عدم تدوين بيانات الركاب ضمن الحجاج، وتسجيلهم على أنهم سياح، ورفضت السلطات السعودية دخول الحجاج بهذه التأشيرة وتمت إعادتهم إلى القاهرة. وإلى جانب ذلك، يعاني كثير من الحجاج المصريين من الخدمات التي تقدم لهم في الأراضي المقدسة، من وسائل نقل والسكن ونوعية الخدمة الفندقية ومدى البعد عن الحرم المكى، بجانب درجة الطيران وبعض الخدمات الأخرى. ففي الغالب، يصطدم الحاج بواقع غير المتفق عليه ليجد نفسه في فندق درجة ثالثة وبعيد جدًا عن الحرم، بدون أي وسائل للتنقل بين المناسك. من جهتها، حذرت وزارة السياحة المواطنين المصريين من التعرض لعمليات النصب، مطالبة فى بيان لها، بضرورة تحرى الدقة فى التأشيرات الصادرة لهم والتأكد من كونها تأشيرة حج وليست زيارة أو فعاليات وهو ذات البيان الذى أصدرته السفارة السعودية منذ أيام نظرا لارتفاع وتيرة النصب الفردى على المواطنين. ويقول الحاج "ص.ع"، أحد ضحايا سماسرة الحج، إنه تم النصب عليه من قبل وسطاء الشركات السياحية الكبرى، كما يطلقون على أنفسهم، من خلال بيع ملابس الإحرام بأسعار مرتفعة للغاية، فضلاً عن متاجرتهم في أشياء أخرى؛ مثل تعليم مناسك الحج وشرائط القرآن، وكل هذا بأسعار مبالغ فيها، فما وصفه ب "عملية"استنزاف" للحجاج". يضيف: "عند اقتراب موعد الرحلة، يبدأ الوسطاء فى تغيير بعض الخدمات التى كان متفقًا عليها من قبل السفر، مثل درجات الإقامة أو فى درجات الرعاية، وعندما تقدك بشكوى ضد الشركة لم يهتم أحد. لم تختلف رواية الحاجة "ن.م" كثيرًا عن سابقها، فقد شكت من النصب عليها أيضًا في بعض الخدمات المقدمة، وتم تغيير اسم الفندق المتفق على الإقامة فيه، فعلى الرغم من الاتفاق على الحصول على الخدمة الفائقة، أقمنا في فندق درجة متدنية ويبعد عن الكعبة والمدينة المنورة كثيرًا، وعند الشكوى برر أحد الوسطاء الأمر بالتغيير في سير الرحلة واختلاف بعض المواعيد". من جانبه، قال النائب أحمد سيمح، عضو لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، إن أبرز أسباب النصب على الحجاج فى موسم الحج والعمرة هو تعاملهم مع الوسيط أو ما يسمى السمسار، والتى تستعين به بعض الشركات السياحية لجمع عدد أكبر من التأشيرات، مشيرًا إلى أن واقعة ترحيل 300 مصرى من الأراضى السعودية بسبب التأشيرة "الفعالية"، كان من شأنها الإضرار بالعلاقات المصرية السعودية، مشددًا: "إذا تكررت هذه المخالفة مرة أخرى يجب أن يتم سحب الترخيص بشكل نهائى من الشركات المسئولة عن ذلك". وتابع "سميح"، ل"المصريون"، أن من حق المملكة العربية السعودية أن ترفض دخول من يحملون هذه التأشيرة إلى أراضيها، ولكن المسئولية الكبرى تقع على شركات السياحة التى تعلم جيدًا القوانين السعودية، لذا لا بد أن تعاقب عقابًا شديدًا، لأن مثل هذه الأمور تضر بسمعة الشركات السياحية المصرية والعلاقات الثنائية بين البلدين، لافتًا إلى أنه لا يجب التهاون مع هذه الشركات لأنها تضر بمصلحة الدولة المصرية. كما تحول ما يُعرف بالحج السريع أو المباشر إلى "سبوبة"، حيث يبدأ سعر الرحلة من 60 ألف جنيه وحتى 135 ألفًا، ويشمل تأدية أركان الحج الأربعة، وهى الإحرام والطواف والسعى والوقوف بعرفة، وذلك خلال 3 أيام فقط تبدأ فى 8 وتنتهى فى العاشر من ذى الحجة، ثم العودة إلى أرض الوطن، وهو نوع من الحج أجازته دار الإفتاء المصرية. وأرجع عمارى عبدالعظيم، الرئيس السابق للجنة السياحة والطيران بغرفة القاهرة التجارية، الظاهرة إلى "ظهور ما يمسى "السمسار"، الذى أصبح هو المتحكم الأول فى الحج السياحى، نتيجة اللوائح التى وضعتها وزارة السياحة". وأوضح، أن "وزارة السياحة تطلب من كل شركة تقديم 110 جوازات سفر، لتحصل على أكبر حصة من تأشيرات الحج وفقًا لأعداد المتقدمين للحج السياحى". وأضاف ل"المصريون": "أغلبية الشركات السياحية لا تستطيع جمع هذا العدد من التأشيرات، لذا يظهر السمسار الذى يفاوض الشركة، بحيث يتحصل على نحو 3 آلاف جنيه عن كل جواز سفر يقدمه للشركة، دون النظر لإمكانية عدم توفيق صاحب الجواز في القرعة الإلكترونية". واستطرد الرئيس السابق للجنة السياحة والطيران بغرفة القاهرة التجارية: "الشركات تضطر فى الأغلب إلى الموافقة على عرض السمسار لحاجتها للوصول للسقف العددى، وبالتالى يحقق السمسار مكسبًا أكبر من الشركات المنظمة للحج". وقال إن "بعض السماسرة تبلغ مكاسبهم أكثر من نصف مليون جنيه فى موسم الحج فقط، لا سيما فى الوجه البحري والصعيد، حيث لا وجود لشركات السياحة، فيصبح هو الرابط بين الشركة والعميل، بجانب أن وزارة السياحة لم تفتتح فروعًا جديدة للشركات السياحية بالمحافظات لأكثر من عام، وهو ما زاد من سلطة السمسار فى سوق الحج السياحى". فى حين أوضح ياسر سلطان، العضو السابق للجنة العليا للحج والعمرة التابعة لوزارة السياحة، أن "السوشيال ميديا لها دور فى ظاهرة النصب على الحجاج، حيث توجد بعض الشركات والأسماء الوهمية التي تقدم تأشيرات "مضروبة"، أو تأشيرات "الفعالية"، منت خلال الزعم بأنها تصلح لأداء مناسك الحج"، مشددًا على ضرورة قيام الجهات المسئولة بمحاكمة هؤلاء الوسطاء الذين يتلاعبون بحلم المواطنين البسطاء في أداء المناسك. وطالب العضو السابق للجنة الحج والعمرة، الراغبين فى الحج السياحى بمعرفة حقوقهم جيدًا، "لن يتحقق ذلك إلا بالتعامل المباشر بين المواطن والشركة"، مؤكدًا أن "الوسيط لا تهمه هذه الحقوق، وربما سعى لإخفاء بعضها لمصلحته الشخصية، فما يهمه فى المقام الأول والأخير مكاسبه ومصالحه، حتى ولو على حساب مصلحة الحاج وحقوقه". وأكد أن "الاتجاه إلى الميكنة والعمل الإلكترونى فى نظام الحج فى مصر أو السعودية سيساعد على القضاء على الظاهرة بشكل كامل، حيث سيشمل هذا النظام تسهيلات كبيرة فى التقديم وإنهاء الإجراءات إلكترونيًا".