على ما يبدو أننا على أعتاب مرحلة جديدة تخوضها السينما المصرية، وهى الأفلام المجزأة، حيث شهدنا مؤخرًا تصريحات من عدة كتاب سيناريو حول عزمهم كتابة أجزاء ثانية من أفلام مثل (كازبلانكا) الذى تربع على عرش إيرادات موسم عيد الفطر بعد أن وصلت عائداته ل 58 مليون جنيه، أيضا رغبة صناع فيلم (العالمى) الذى عرض قبل عشر سنوات فى تقديم جزء ثانٍ منه. عوقد جاء هذا فى الوقت الذى تنتظر به دور العرض السينمائى خلال الأيام والأسابيع المقبلة الأجزاء الثانية من ثلاثة أفلام دفعة واحدة هى: (الفيل الأزرق، الكنز، وولاد رزق). لماذا تجلت فجأة أفلام الأجزاء التى تعد من التجارب «المحسوبة» فى تاريخ السينما المصرية، التى رغم مرور أكثر من مائة عام على بدء صناعتها فإننا لم نشهد فيها إلا عددًا محدودًا جدًا من أفلام الأجزاء.. فى السطور التالية نحاول معرفة السر وراء فتح انطلاقة هذه الظاهرة. «صلاح الجهينى»، مؤلف فيلم (ولاد رزق) أوضح سبب كتابته لجزء ثانٍ من فيلمه قائلا: «منذ كتابتى للجزء الأول وأنا أفكر فى جزء ثانٍ، ولكن أخذت القرار أننى لن أقدم على الخطوة إلا بعد عرض الجزء الأول، وبعد أن شهدت استقبالًا جيدًا وردود فعل إيجابية قررت كتابة الجزء الثانى. وأعتقد أن نجاح الفيلم ظهر أيضا بشكل أكبر عندما عرض على شاشات التليفزيون وبدأت الناس تسألنا جميعا كفريق عمل وتسأل الفنانين عن الجزء الثانى، والتحدى هنا أن الجمهور شاهد الجزء الأول دون توقعات وتفاجأ، على عكس الجزء الثانى فالناس سوف تذهب لمشاهدته بفكرة مسبقة وبمعرفة جيدة للشخصيات ولتفاصيل الأحداث. وهذا ما يدعو لتوترى بشكل شخصى، رغم أننى خلقت عالم الفيلم وأعرف جيدًا كيف أستكمل «حواديته». عامل ثانٍ كان فى غاية الأهمية وهو أنه منذ عرض الجزء الأول وجميع الأبطال صعدوا خطوة واثنتين فى مشوارهم الفنى، فلم يعد وجود أى شخص بهم تكميليّا. بل يجب أن يكون لكل نجم دوره المؤثر فى الأحداث وهنا تأتى الصعوبة؛ خصوصًا أن لدينا تسعة نجوم فى فيلم واحد. بالإضافة إلى الإيقاع السريع للأحداث، وأعتقد أن هذا يحدث لأول مرة فى فيلم مصرى، أيضًا على الكاتب أن يضع منطقا لجميع الأحداث حتى لا يسأل كيف يحدث ذلك بعد أن كان كذا أو كذا، وهناك فرق بين فيلم يحتمل أن يكون عبارة عن سلسلة من عدة أجزاء وفيلم آخر طبيعته لا تتحمل ذلك، وتيمة فيلم (ولاد رزق) قريبة إلى حد كبير من أفلام (Ocean's و Fast & Furious) الذى تحتمل أن تكون سلسلة. وإذا وجدنا إقبالًا جماهيريّا جديدًا على الجزء الثانى فمن الممكن أن نصنع ما يصل لعشرة أجزاء. فأنا حاليا أؤسس لعالم «ولاد رزق السينمائى» الذى به أكثر من فيلم وهذا هو مشروعى المستقبلى. أما عن عرض الفيلم مع أفلام أجزاء أخرى فأضاف أن هذا الأمر «صدفة بحتة» لم يكن صناع (ولاد رزق) يتمنونها. وإن كان هناك حماس وتشوق للمقارنة. فى حين أوضح «صفوت الهلباوى»، نائب مدير التوزيع بشركة «دولار فيلم»، أنه من المقرر حتى الآن أن تكون العروض التالية كالتالي: (الكنز2) يوم 3يوليو، (الفيل الأزرق2) 24 يوليو، على أن يشهد موسم عيد الأضحى عرض فيلم (ولاد رزق2)، أما عن رأيه فى أفلام الأجزاء فقال: «لا أظن أن صناع أى فيلم يقدمون على تقديم جزء ثانٍ إلا إذا حقق الجزء الأول نجاحًا ورد فعل إيجابيّا من الجمهور. والمثال الواضح على ذلك (الفيل الأزرق وولاد رزق) اللذان حققا حجم إيرادات كبيرًا مما شجع صناعهما ودفعهما للاستفادة من نجاح التجربة، ولكن تحتاج هذه التجارب لعناصر دعم جديدة مثل الوجوه الجديدة والخطوط الدرامية القوية لأن الجمهور بالطبع سيقارن بين العملين، ومن المفترض أن يكون الجزء الثانى أعلى وأفضل، لأنه يثير فضول جماهير الجزء الأول، ولكن عادة يقيّم الناس العمل ويعرف الجميع ما إذا كان يستحق المشاهدة من عدمها خلال الأسبوع الأول من عرضه». وبسؤاله عن رأيه فى قلة تجارب أفلام الأجزاء فى مصر قال: «أعتقد أن هذا يرجع إلى الممثلين أنفسهم، فالممثل الذى ينجح فى عمل ما يرغب بعده بمضاعفة أجره ويرغب فى عمل من بطولة مطلقة ويرفض الدور الثانى مما «يفركش» المبدأ من أساسه.. وهذه مشكلة كبيرة». الناقدة «علا الشافعى» علقت فى النهاية على ظاهرة أفلام الأجزاء قائلة: «نجد فى السينما العالمية فكرة سلاسل الأفلام مشهورة جدًا وكثيرة، ولها علاقة بطبيعة القصة التى يناقشها العمل فبعض الموضوعات تتحمل والبعض الآخر لا، أما فى السينما المصرية فهذه تجربة تعد جديدة والرهان هنا على الجمهور وتقبله للفكرة من عدمه. وأظن أن هذا يعتمد على تنفيذ العمل وهل ظهر الجزء الثانى بشكل جيد أم لا.. أيضًا يعتمد نجاح الأجزاء الثانية على نوعية الفيلم، فمثلا فيلم (الكنز) كان معروفًا للجميع وكما صرح المخرج «شريف عرفة» منذ عرض الجزء الأول أن العمل من جزءين، وكان بالفعل يتم تصوير الجزءين معا، لأن هذه التيمة تتحمل، ولكن موعد عرضه تأخر قليلًا. أما (الفيل الأزرق) الذى كان مأخوذًا عن رواية الكاتب «أحمد مراد»، فالجزء الثانى منه هو بالطبع استغلال لنجاح الجزء الأول، ورغم أن اقتباس الرواية ينتهى فى الجزء الأول، فإن الجزء الثانى من تأليف «أحمد مراد» أيضا ومن المؤكد أنه مأخوذ ومستوحى من الرواية نفسها، وبالنسبة ل(ولاد رزق) فطبيعة الفيلم تتحمل إضافة أجزاء. وقد حقق نجاحًا كبيرًا وجسد البطولات به مجموعة مهمة من النجوم، وكل هذا يجعله قادرًا على مواصلة النجاح».