كتبت :للاحتفالات والمهرجانات حول العالم، طقوس وألوان وتقاليد مختلفة، منها الخيرى، ومنها الدينى.. فمن أقصى الشرق إلى الغرب، تحرص كل دولة على إحياء ثقافتها على طريقتها الخاصة، فهناك من يخرج من الموتى من المقابر، ومن يقيم احتفالات صاخبة لآلهة لا وجود لها، وهناك من يقيم مهرجانات لغايات وأهداف إنسانية وخيرية، مثل مهرجان الكيمتشى، الذى يقام فى مدينة سول الكورية ويعد أكبر مهرجان خيرى فى العالم. ويطلق الكوريون الجنوبيون على مهرجان الكيمتشى Seoul Kimchi Culture Festival عيد الفقراء المحتاجين، ويُعد تقليدًا قديمًا تم إحياؤه من جديد منذ خمسة أعوام ويختلف كل عام عن الآخر من حيث الأعداد التى تتوافد عليه والفئات المشاركة، وشارك ما يزيد على 6 آلاف شخص فى إعداد وليمة ضخمة من أطباق الملفوف – الكرنب- المخلل التقليدية، المعروفة بالكيمتشى، خلال ثلاثة أيام متتالية يبلغ وزنها الإجمالى 165 طنًا، لتوزيعها على الفقراء، حيث تجمّع المشاركون فى طهى أطباق الكيمتشى، حول عشرات المناضد الطويلة، فى ميدان مجلس بلدية المدينة، لصنع طبق ضخم فى محاولة لدخول موسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية. طبق الكرنب المخلل يتألف طبق الكيمتشى التقليدى من الملفوف (الكرنب) المخلل، ومعجون التوابل والثوم والزنجبيل، وصلصة السمك، وهو طبق جانبى لا تخلو منه أى مائدة فى كوريا الجنوبية. قام منظمو المهرجان الخيرى هذا العام بإعداد ما يقرب من 20 برنامجًا مقسمًا إلى 5 أقسام مختلفة، وهي معرض صناعة الكيمتشى وبرامج التدريب العملى للكبار والأطفال وساحة السوق وأكشاك لبيع مكونات الكيمتشى للمتطوعين لإعداد الطعام والمواد الغذائية ومعرض الأغذية المخمرة، والتى تقدم الأنواع المتنوعة من الكيمتشى فى كل أنحاء البلاد. وتذوق المشاركون أطعمة الكيمتشى فى شاحنات الطعام والأماكن التى تقدم نبيذ الأرز والكيمتشى، فضلاً على جزء ثقافى ضمن فاعليات المهرجان للزوار المتواجدين للمرة الأولى والسياح للتمتع بالمهرجان، الذي يعرض صورًا فوتوغرافية نادرة تعود إلى عام 1957 توضح كيف كانت سيدات كوريا يجمعن الكيمتشى (الكرنب) على متن عربات صغيرة فى موسم جيم جانج وصورًا أخرى توضح تطور عملية جمع ونقل وتعليب الكيمتشى الطازج فى الأوانى التقليدية. وحرص القائمون على المهرجان على إعداد مجموعة من الفيديوهات مترجمة إلى عدة لغات، أصدرها الأرشيف الوطنى تحتوى على مشاهد متنوعة وشائعة فى موسم جيم جانج فى الفترة من الخمسينيات إلى التسعينيات من القرن الماضى وتوضح حجم التغير السريع الذى كانت تمر به كوريا فى مرحلة التحول السريعة إلى جانب أرشيف مصور للأسواق القديمة. وحرص أكثر من 6 آلاف شخص كورى من الموظفين وطلاب الجامعات والمدارس وربات البيوت وجنسيات أخرى على التجمع فى ساحة سول سيتى فى الأيام الأولى للمهرجان لإعداد وليمة هائلة من الكيمتشى للفقراء، وهو أبسط وجبة كورية تقليدية، وقام المشاركون فى توحيد ملابسهم وراعوا كل إجراءات السلامة الصحية بارتداء القفازات وأغطية الرأس والقبعات وأدوات التعقيم وأعربوا عن سعادتهم بإسهامهم فى مساعدة المحتاجين. وقال طالب من كوريا الجنوبية: «هذه هى المرة الثانية التى أصنع فيها الكيمتشى فى المهرجان الخيرى منذ انطلاقة، حيث شاركت فى نسخته الرابعة العام الماضى.. أتمنى حقًا أن يوزع كل الطعام على المحتاجين». وقالت طالبة من السويد، إن المهرجان حدث ممتع ومن الجيد أن يشترك كل هؤلاء لإطعام الفقراء رغم مشقة العمل، وأضافت طالبة من هولندا: «لقد صنعنا الكثير من الكيمتشى وأعتقد أنه من اللطيف حقًا أن نتمكن من مساعدة الآخرين». مهرجان حكومي وخططت حكومة سول للمهرجان منذ عدة أعوام ليمتد من الأيام الأخيرة من أكتوبر إلى أواخر نوفمبر، لإقامة أكبر مهرجان للطعام فى العالم، وأُدرج عام 2013 ضمن قائمة التراث العالمى لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونيسكو، كمحاولة لإحياء ثقافة كورية قديمة بهدف خيرى ومختلف عما كانت تقوم عليه ثقافة الجيم جانج الأصلية. وتشير كلمة جيم جانج إلى تقليد كورى قديم لإعداد أو تخليل كميات كبيرة من الكيمتشى، وترجع إلى فترة ما قبل ظهور الثلاجات، حيث كان من الصعب الحفاظ على الطعام طازجًا خلال فترة الشتاء وكانت درجات الحرارة المنخفضة تجعل عملية صناعة الكيمتشى أكثر صعوبة وتحتاج إلى عمل مكثف، ما دفع العائلات الكورية والمجتمعات فى الريف والمدن لتنظيم مهرجان بسيط لصناعة الكيمتشى قبل أول سقوط للثلج من أجل إعداد كميات كافية لفصل الشتاء وكانوا يقومون بدفن الأوانى تحت الأرض بحيث يوفر الطين البارد درجة الحرارة المناسبة لتخزين الكيمتشى طوال الشتاء ويمنع تجمد الكيمتشى. وعلى الرغم من أن أطباق الكيمتشى والخضروات أصبحت متوافرة على مدار العام، فإن الكثيرين فى كوريا ما زالوا يحافظون على تقليد جيم جانج، ويبلغ استهلاك الفرد منه فى كوريا الجنوبية حولى 36 كيلوجرامًا سنويًا وفقًا لإحصائيات المعهد العالمى للكيمتشى. وقال المعهد العالمى للكيمتشى إن الكوريين الجنوبيين استهلكوا نحو 1.85 مليون طن من الكيمتشى فى عام 2016 وما يقرب من ضعف الكمية فى عام 2017 بعد أن تبين أن طعام الكيمتشى الكورى المخمر وليس المطبوخ يتمتع بفعالية مميزة أكبر للحد من السمنة وخفض ضغط الدم وعلاج بعض الأمراض وفقًا لأبحاث علمية أجراها مستشفى جامعة أجو بالاشتراك مع إدارة الزراعة الكورية تمت خلالها متابعة أحوال المرضى الذين يشكون من البدانة، حيث تغييرات فى الوزن ونسبة الشحم فى الجسم وضغط الدم ونسبة السكر والأنسولين والكولسترول. وأظهرت الأبحاث أن الكيمتشى المخمر فعال فى الحد من انتشار أمراض أخرى، حيث إن تناول 300 جرام من الكيمتشى المخمر يوميًا يخفض 1.5 كيلوجرام من الوزن، فى حين أن الكيمتشى غير المخمر يخفض 1.2 كيلوجرام وبالنسبة لضغط الدم سجل انخفاضًا ملحوظًا. 10 مهرجانات وتعتبر كوريا الجنوبية أكثر البلاد الآسيوية إقامة للمهرجان الموسمية ومهرجانات الطعام، حيث تقيم أكثر من 10 مهرجانات خلال العام أهمها مهرجان فود كوريا وهو مهرجان للتمتع بالأطعمة التقليدية وإدخال المواد الغذائية الجديدة على الثقافة الكورية، وهذا المهرجان له شعبية كبيرة بين السياح ويعتبر فرصة كبيرة للتعرف على المطبخ والثقافة الكورية ومهرجان موجو تشون لأزهار الكرز فى منطقة نام جو بمدينة أولسان، الذى يقام على طول مجرى نهر موجو تشون ولمسافة 2.5 كيلومتر حيث يوجد 400 شجرة من أشجار الكرز هناك ويعتبر أكبر مهرجانات الربيع جذبًا للسياحة العالمية أما مهرجان يوم بلوغ سن الرشد فيقام فى بداية شهر مايو من كل عام وهو خاص بالشباب الذين بلغوا العشرين من العمر وهو سن البلوغ فى كوريا الجنوبية، ويقوم الشباب البالغون بارتداء الزى الكورى التقليدى الهانبوك والتجمع فى إحدى القرى التقليدية كقرية نام سان وسط سيول وغيرها ومهرجانات أخرى. النسخة العربية وتستعد مدينة بنغازى الليبية لإقامة النسخة العربية للمهرجان الخيرى، من أجل جمع تبرعات للحملة الوردية لمكافحة السرطان ولأهداف اقتصادية من أجل التسويق والترويج للمنتجات الجديدة والأصناف الجديدة والتعريف بالمشروعات الجديدة بالسوق للتسهيل على الزائر من خلال المهرجان للتعرف على كل المستجدات. ويفتح المهرجان فرصة كبيرة للتنسيق بين جميع الفئات المستهدفة بالمشاركة من شركات مصنعة ومستوردة للمواد الغذائية والمطاعم والمقاهى والمخابز ومحلات الحلويات والعصائر وصولاً بالمشاريع الصغرى ودعمها ومن المفترض أن تبدأ فعالياته خلال الشهر الجارى وتستمر لمدة ثلاثة أيام فى منتجع لاقونا. وقالت رئيسة المهرجان مى بوشناف إن الفكرة ليست بجديدة ولكنها رغبت فى نقل تجربة مهرجان الطعام الخيرى من آسيا وأوروبا لمدينة بنغازى بعد انتعاشها وعودة الحياة لها من جديد بعد فترة مكافحة الإرهاب العصيبة التى مرت بها.