منذ سنوات طويلة.. تزامن «تكاثر»، التيارات الإسلامية - بكل اتجاهاتها - والتى تسعى إلى الحكم السياسى.. مع بداية ظاهرة استخدام «الميكرفونات» فى المساجد، والجوامع، والزوايا. زعيق مخيف.. وأصوات نكراء، تخطب لمدة طويلة وبمرجعية سلفية، عنصرية، ذكورية.. وإرهابية. نعم.. الميكرفون، وصوته المفزع.. ظاهرة إرهابية من الطراز الأول.. هناك أنواع كثيرة من الإرهاب، لا تشترط سفك الدماء، إرهاب يصيبنا بالصمم النصفى.. والتوتر النفسى.. وارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب، والعدوانية، واختلال الجهاز العصبى. إن «الضوضاء» تصيب جميع أجهزة الجسم بالأمراض وقد تعطل النمو.. وقد تسبب أنواعاً مختلفة من التخلف العقلى.. وضعف التركيز.. وقلة المناعة، والصداع، وازدياد الميول العنيفة.. وتشوه القدرات، والطاقات العقلية، المبدعة، وتسبب الضيق، وعدم الارتياح، وضعف الإحساس بالانتماء.. وانخفاض الإنتاجية. والضوضاء، أو «التلوث السمعى»، أصبحت قضية بيئية أساسية.. لها أدبياتها المتخصصة التى ترصدها بدقة، وتراقب آثارها النفسية، والجسدية، وتحذر من التعرض لها. إذن من الناحية العلمية، ثبت أن الضوضاء، بجميع أشكالها، خطر أكيد على الصحة النفسية، وعلى الصحة الجسدية للبشر. «ويكفى أن نذكر أن «هناك دراسات قامت بها كلية الطب، بجامعة ميامى الأمريكية، بالتعاون مع وكالة حماية البيئة، أثبتت أن هناك علاقة وثيقة بين زيادة وارتفاع الضوضاء، ونسبة الإصابة بأمراض القلب ودراسات أخرى أوضحت الترابط العضوى الأساسى بين الضوضاء، وزيادة نسبة الوفيات، والإصابة بالنوبات القلبية.. والسكتات الدماغية، وحوادث القتل والانتحار». (د.محمد فتوح.. الآثار النفسية للضغوط البيئية وعلاقتها بميكانيزمات التكيف 2010 ص73). كذلك فإن: «حالات من المرض العقلى، سببها عجز الجهاز العصبى، على التكيف مع القصف الضوضائى المستمر.. فيحدث عند الفرد، تراكمات من التوتر العصبى، فيجد نفسه فجأة، مشتركا فى عمل عنيف، أو مصابا بانهيار عصبى» (د.على حسن موسى.. التلوث البيئى 2000 دار الفكر.. دمشق ص415). على مدى سنوات، كتبنا الكثير، نحذر من ضوضاء الميكرفونات.. ونرفض استعمالها.. ونوضح خطورتها. ولكن لا حياة لمَنْ تنادى.. وكأن الكتابة فى واد، والمسئولين عن صحة الوطن فى واد آخر. منذ أيام، صرح الشيخ فؤاد عبدالعظيم، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد: «أنه يحسم النقاش حول استخدام مكبرات الصوت فى الأذان، والمساجد والخطب.. لأن استخدام الميكرفون، «شرعى» إلى أن يرث الله الأرض». لا.. أيها الشيخ.. باسم من تتكلم؟ هل سألت الشعب، الذى يتعرض للضوضاء يوميا ومنذ سنوات، عما أصابه؟ هل قرأت مئات الكتب التى تخصصت فى أضرار التلوث السمعى، والضوضاء سواء فى مصر أو فى بلاد أخرى. هل بحثت عن كتب التلوث السمعى، من خلال الإنترنت؟ إن الناس يصلون لله.. ويتعبدون لله.. ويؤدون طقوس ديانتهم، لله. تبقى إيه، «لزمة» مكبرات الصوت؟ إن لم تكن للإرهاب؟.. لا إكراه فى الدين.. ولا إكراه فى الصلاة.؟ من بستان قصائدى يقولون للنساء «تغطين» حتى لا تجذبن الذئاب من الرجال شىء غريب حقا ولماذا يسمحون أصلا للذئاب بالسير فى أوطان شيمتها الأدب شىء غريب حقا لماذا «تتغطى» النساء لأن بعض الرجال أخلاقهم «عارية»؟!