بعد أن طالت الرئيس البرازيلى وكبار المسئولين بدول أمريكا اللاتينية، وصلت التحقيقات فى قضية الفساد وغسيل الأموال البرازيلية لأول مرة إلى الأرجنتين، حيث اتهم رئيس وكالة الاستخبارات الفيدرالية الأرجنتينى «جوزتافو أريباس» مؤخرًا بتورطه فى القضية. أريباس متهم بتقاضى مليون دولار لتمرير عملية غسيل أموال، وذلك من خلال إصدار فواتير مزورة وتقديمها إلى حكومة البرازيل باسم شركات وهمية. الأموال تم إرسالها إلى أريباس من خلال بنك فى هونج كونج دون الحصول على موافقة البنك المركزى البرازيلى الذى يفترض أنه يراقب أى تحويلات تخص المتعاملين مع الحكومة. بدأت التحقيقات فى القضية عام 2014 بعد توجيه اتهامات لعدد من شركات القطاع الخاص البرازيلية التى تعمل فى مجال التصدير والاستيراد بالقيام بممارسات اقتصادية مخالفة للقانون، وقد كشفت التحقيقات عن تورط عدد كبير من كبار المسئولين ليس فقط داخل الأرجنتين، بل امتدت الفضيحة لتطال مسئولين بعدد من دول أمريكا اللاتينية منها وقائع فساد ورشاوى ومحسوبية تمت داخل شركة بترول «بتروبراس» المملوكة لحكومة البرازيل. وقد شملت التحقيقات 200 شخص بينهم العديد من السياسيين المشاهير فى البرازيل والمكسيك وبيرو وفنزويلا. واليوم،بعد أربعة أعوام، تفجر القضية المعروفة إعلاميّا باسم «عملية غسيل السيارة» فضيحة جديدة بطلها رئيس الاستخبارات الأرجنتيني. تولى أريباس منصبه فى ديسمبر 2015. تخرَّج أريباس فى كلية الحقوق بجامعة بيونس أيريس عام 1983 وعمل فى توثيق العقود،لكنه اتجه فيما بعد للعمل كممثل للرياضيين ونوادى كرة القدم ليجمع ثروة طائلة من هذا العمل، فضلاً عن شبكة علاقات واسعة داخل الأرجنتين وخارجها. وفى التسعينيات من القرن الماضى أسس أريباس عددًا من الشركات فى مجالات مختلفة منها شركة «أوبن نوتيكا» والتى تعمل فى مجال إنتاج وتصنيع السفن وشركة «مايبو839» المتخصصة فى مجال المطاعم والحانات وشركة «ديكتم» التى تعمل فى مجال الاستشارات القانونية. الغريب أن أريباس وصل إلى منصبه كرئيس لوكالة الاستخبارات الفيدرالية فى الأرجنتين رُغم تورطه السابق فى عدد من القضايا التى تبدو فى ظاهرها صغيرة وتافهة، لكنها فى الواقع كاشفة على الأقل عن عدم استقامته. ففى عام 1999 تولى أريباس،كوسيط معروف وموثق لدى الفيفا، عملية انتقال اللاعب «دييجو جاراي» إلى نادى فرنسى إلا أن الصفقة فشلت بعد أن ظهر استخدام جواز سفر مزور لللاعب وألقت الفيفا باللوم على أريباس. كما أشرف «أريباس» على صفقة انتقال «كارلوس تيفيز» إلى أحد نوادى البرازيل عام 2005. الصفقة خضعت لتحقيقات موسعة بسبب اتهامات بعمليات غسيل أموال واحتيال اقتصادى شاركت فيه المافيا الروسية، حيث تم إيداع الأموال فى أحد بنوك نيويورك باسم شركة أرجنتينية، بينما حصل «أريباس» على عمولته من خلال شركة أخرى يديرها أريباس نفسه فى جبل طارق، وهى منطقة تابعة لبريطانيا وتتمتع بالحكم الذاتى، هذا بالإضافة إلى عدد من المشكلات والاتهامات التى طالت أريباس والرئيس الأرجنتينى الحالى «ماوريسيو ماكرى» عندما كان رئيسًا لنادى «بوكو جونيورز» الذى يعد واحدًا من أكبر ناديين رياضيين فى الأرجنتين. وفى عام 2016 اتهم «أريباس» بتقاضى مبلغ 600 ألف دولار أمريكى من مسئولين فاسدين يعملون لدى شركة «اودبرشت» الأرجنتينية للإنشاءات وهى الاتهامات التى تتعلق أيضًا بنفس قضية الفساد البرازيلية الكبرى، لكن برأته المحكمة لتطاله اتهامات جديدة ربما تكون أكبر. ويبدو أن الصداقة بين «ماوريسيو» و«أريباس» هى التى دفعت الأول لاختياره لمنصب رئيس جهاز الاستخبارات، خصوصًا أن كليهما رجل أعمال، وبعد توليه منصبه كرئيس لوكالة الاستخبارات الفيدرالية،اهتم أريباس بزيادة الدورات التدريبية للعاملين بالوكالة وجعلها منتظمة ووقع اتفاقات مع عدد من جامعات الأرجنتين لتدريب الخريجين الراغبين فى العمل بالوكالة. إلا أن هذا لم يوقف الاعتراضات والانتقادات لسياسة «أريباس» المالية وإدارته لميزانية الوكالة بشكل يفتقد الشفافية، واليوم تتحول الانتقادات إلى اتهامات مباشرة.