الحديث عن ترهل الجهاز الحكومى والإدارى وفساده أصبح حديثا مملا ومكررا، يثير الإحباط وفقدان الأمل فى أى إصلاح لهذا الجهاز العميق.. ولكن وسط كل هذه الغيوم والهموم بدت ولاحت لى فى الأفق مؤشرات بوادر صلاح ونجاح، أوجزها فى قصة عشتها بنفسي، حيث رصدت تغييرا ملموسا غير مسبوق فى وحدة مرور عين الصيرة؛ فبحكم موقع سكنى أتردد عليها منذ أكثر من ربع قرن وكنت أحمل هموم الدنيا على كتفى يوم تجديد رخصة سيارتى حيث كان المرور عبارة عن سويقة غير منظمة تكتظ بالمواطنين وسماسرة التخليص، كل إجراء وكل خطوة تسير إما بالمحسوبية وإما بالإكرامية - وهو اللفظ المهذب لجريمة الرشوة العلنية - العصبية والمعاملة الجافة لجميع المترددين أمر عادى وسط هذا الزحام،..،.. إلخ. وفى الأسبوع الماضى ذهبت لمرور عين الصيرة للاستعلام عن وصول ملف سيارتى من مرور أكتوبر بعد مضى ما يقرب من ستة شهور حتى أتمكن من نقل الملكية باسمي، لاحظت هدوءا شديدا أمام باب المرور والنظافة رائعة بالمنطقة المحيطة به على غير العادة حتى ظننت أن المرور فى هذا اليوم فى إجازة أو فى انتظار زيارة وزير الداخلية أو مدير أمن القاهرة على أقل تقدير، وتقابلت مع شاب ذى مظهر محترم علمت فيما بعد أنه أمين شرطة يدعى رضا مسئول الأمن بالمرور وسألته عن سبب هذا الهدوء فقال لى لا أجازة اليوم ولا زيارة لمسئول، فقط، تم تعيين ضابط مرور جديد اسمه المقدم محمد شعلان ضرب بالروتين عرض الحائط وعمل من الفسيخ شربات.. توجهت إلى مكتبه ووجدت بابه مفتوحا على مصراعيه للجميع ولا يقف عليه جندى مراسلة يمنع الناس من الدخول كالمعتاد، وسألته عما إذا كان ملف سيارتى قد وصل من عدمه؟ أجلسنى وكتب رقم السيارة ونادى فى ميكرفون يمسكه بيده وفى أقل من دقيقتين كان الملف على شباك التراخيص وتمت إجراءات تجديد الرخصة فى غضون نصف ساعة فقط!! وقد لاحظت وجود عدد كبير من الكاميرات فى كل أنحاء الإدارة لم تكن موجودة من قبل، وبالحاسة الصحفية علمت أنها أكثر من ثلاثين كاميرا وأن رئيس الوحدة قد قام بتركيبها على حسابه الخاص، وقام بعمل تطوير إدارى وفنى يستهدف راحة المواطنين وسرعة إنجاز خدماتهم والقضاء على المحسوبية والفساد وقضى على السماسرة وفتح أبواب مكتبه للجميع لتلقى أى شكاوى أو ملاحظات وحلها فى التو واللحظة.. فهل تنتقل عدوى التحديث والتطوير لباقى وحدات المرور ولباقى الأجهزة الحكومية؟ أتمنى ذلك!