أجرى الحوار - عبد الله رامي فى العام 2006 انفرد المركز القومى للترجمة بمبنى واسم مستقلّين بعد تاريخ طويل بدأه الدكتور جابر عصفور، ك«مشروع قومى للترجمة» يصدر عن المجلس الأعلى للثقافة. الدكتور أنور مُغيث، المدير الحالى للمركز، بعد تعاقب عدّة رؤساء منذ ذلك التاريخ، من الراحل د. فيصل يونس، إلى د. خيرى دومة، ود. كاميليا صبحى، ود. رشا إسماعيل، ود. شكرى مجاهد، وغيرهم، مُحاط بإرثٍ ضخم من المشاريع والإصدارات المهمّة، ولكن أيضا الكثير من المشكلات. أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بجامعة حلوان، أثرى المكتبة العربية بترجمات مهمّة عن الفرنسية. وكانت أطروحته فى الدكتوراه عن «تلقّى الماركسية فى مصر». نعرف منه أن العام المُقبل، يشهد افتتاح منفذ بيع لإصدارات المركز بجامعة القاهرة، على غرار مثيله فى جامعة عين شمس. ويتطلّع د. مُغيث لتواجد المركز بجامعات المنوفية والإسكندرية, حتى يكون «نافذة نطلّ منها على الأقاليم». كما يستعدّ «القومى للترجمة» لطرح 200 عنوان جديد، من أبرزها «تاريخ أدب بنى إسرائيل»، طبعة جديدة من «القضية» لكافكا بالاشتراك مع دار صفصافة، «موسوعة تاريخ النقد الأدبى الحديث»، و«كتاب الحرية» لجون ستيوارت ميل. روزاليوسف، قابلت الدكتور مُغيث، عقب عودته من باريس، بعد تسلّمه جائزة ابن خلدون - سنجور للترجمة فى العلوم الإنسانية فى دورتها العاشرة. منحتها له المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) والمنظمة الدولية للفرنكوفونية؛ تكريما لعطائه ومسيرته فى الترجمة. لمّا واجهناه بالانتقادات التى تطال «مستوى الترجمة» عن المركز القومى، كإحدى المشاكل، قال فى الحوار إنها «مسألة لا تتعلّق بالعمل التقنى والفنى الذى يقوم به المركز». وإنه «ليس من واجب المركز تحسين نوعيّة الترجمة»، وكل ما يضمنه «على الأقلّ عدم وجود أخطاء مطبعية أو أسلوبية».
جائزة ابن خلدون للترجمة، تُمنح لكتاب أو مترجم، هل حصلت عليها بصفتك مترجما أم مدير مركز للترجمة فى مصر؟ نلت شرف أنى أوّل مصرى يحصل على الجائزة. ولم أكن على علم بأننى المصرى الوحيد حتى الآن الذى يحصل على هذه الجائزة المرموقة فى مجال الترجمة. تنقسم جائزة ابن خلدون للترجمة إلى قسمين، جائزة للكتب، وأخرى لمترجم أثّر إنتاجه فى الترجمة من الفرنسية إلى العربية أو العكس فى إثراء مجال العلوم والمعارف. اُختِرت شخصية العام للجائزة. وطلبت منى اللجنة إرسال إنتاج المركز ليدخل فى مسابقة الكتب، وسيكون هناك تعاون مستقبلى بين المركز القومى للترجمة وبين إدارة الجائزة الدولية، من شأنه فتح مجال تسويق واسع لإصداراتنا. حدثنا عن استعدادات المركز للاحتفال السنوى بيوم المترجم؟ - كما هى العادة. نحرص فى ال28 من ديسمبر من كل عام، على إحياء هذا التقليد. نستعرض حصاد عام مضى، ونقدّم للقارئ ما يُشبه كشف حساب لما أنجزناه من ترجمات. وفى هذه المناسبة من كل عام، نُقدّم تكريما لاسم بارز فى الترجمة. هذا العام، نُكرّم واحدا من أبرز المترجمين فى عالمنا العربى وهو المترجم صالح علمانى. ومن المُقرر كذلك تكريم المترجمة الكبيرة سحر توفيق. وتكون هذه المناسبة من كل عام، فرصة لإعلان جوائز رفاعة الطهطاوى التى يمنحها المركز لمترجمين شباب فى الأغلب. وتتّخذ دورة هذا العام من الجائزة موضوع «الشباب والثقافة العلمية». أمّا جديدنا، فهو الإعلان عن طرح سلسلة جديدة هى «سلسلة الشباب». سلسلة جديدة مبسّطة تخاطب الشباب فى مُقتبل العمر، ونخصّص لها مواضيع مهمة تجذب اهتمام القارئ الشاب. تتردّد إشارات عن نية المركز القومى للترجمة فى الاتجاه للترجمة العكسية، من العربية إلى لغات العالم، هل اتُخِذت إجراءات بالفعل فى هذا الإطار؟ - المركز مستعد للقيام بالترجمة العكسية بشرط تواجد ناشر أجنبى يُدرك احتياج بلده لكتب معينة وثقافات معينة، ويكون قادرا على توزيعها ويشاركنا بنصف التكلفة. الترجمة من العربية أحد أهداف مركز الترجمة، فى دعم انتشار الثقافة العربية، والمصرية بالأخص. تخيّل، أن نُعيد الاعتبار لكتّاب كبار أمثال طه حسين ويوسف إدريس، وتنشيط ترجمة إنتاجهما وأعمالهما إلى الإنجليزية والفرنسية. ستكون هذه خطوة فى غاية الأهمية. كثيرا ما يتم التغافل عن أن الثقافة العربية حملت مفكّرين وعلماء، منفتحين، وأن الشرق رائد فى مجالات الأدب والعلوم. كل هذا ما زال فى إطار المحاولات والأفكار القابلة للتطوير، إلى أن تُخصّص ميزانية من الدولة لدعم الترجمة من العربية. من الطبيعى، استقبلتك على مكتب المدير أوراق عديدة لاتفاقات مؤجلة، وكتب مُعلّقة، وترجمات تنتظر الصدور. هل انتهيت من إتمام المشاريع السابقة على توليك المنصب، أم تراكمت مع عناوين جديدة تنتظر دورها فى طابور الإصدار؟ - كنت واعيا بكل تفاصيل العمل فى المركز قبل تولّى إدارته من خلال خبرتى السابقة فى التعامل كمترجم. بالقطع ورثتُ عددا لا بأس به من المشكلات، الإدارية أغلبها، وانشغلت لفترة ليست قصيرة فى بداية مهام عملى، بمحاولة تفادى هذه المشكلات ومواءمة الأوضاع، والبت فى بعض الأمور المُعلّقة. غايتى كانت الحفاظ، بسرعة نسبية، على انطلاق العمل بإيقاع مُنتظم، وأتطلّع إلى تقليل الفترة بين تسليم الترجمة وصدور الكتاب. لكن أغلب عوامل التأخير ليست بيد المركز وحده. إذا ما أسباب تأخّر صدور كتب كثيرة عن المركز؟ - هناك أسباب عديدة تسبق إجراءات الطبع، ومن شأنها تأخير الطبع. أسباب خاصة بالمترجم. يكون العمل مثلا موزعا بين عدد من المترجمين ويتأخّر أحدهم فى تسليم الجزء الخاص به. أسباب أخرى تتعلّق بإجراءات المراجعة اللغوية. فى أحيان تسقط حقوق الترجمة نتيجة مُضيّ الوقت، فنضطّر إلى إعادة شرائها. نقوم بمراسلة الناشر مرّة أخرى فيطلب إرسال المال وهذا أمر يستغرق وقتا إضافيا. سيكون مرضيا لو نجحنا فى تقليص الحد الزمنى بين الاتفاق على الترجمة وإنجازها وبين نشرها فى كتاب، لكى يصل إلى عام واحد. وما رأيك بوضع المترجم فى مصر؟ - للأسف الترجمة فى مصر مهنة لا يُعتمد عليها كمصدر دخل رغم أنها فى أوروبا مُقننة ولها «تسعيرة» مجزية يلتزم بها القطاع العام والخاص على السواء. يقوم المركز القومى للترجمة بمحاسبة عملية الترجمة وفقا لثلاث شرائح من المترجمين. المترجم المبتدئ، وندفع له فى المركز 20 قرشا للكلمة. وللمترجم المتدرّب ندفع 25 قرشا. أمّا فئة كبار المترجمين فيحصل صاحبها على 30 قرشا للكلمة الواحدة، وكلها تقديرات غير مُجزية فى نظرى لعمل ومجهود المترجم. على أية حال، هى أرقام تدّعى بعض دور النشر الخاصة عدم قدرتها على سدادها، وتُحاسب المترجم على أقلّ من هذا. وحجّتهم فى الهجوم أن مركز الترجمة، رفع سقف «سعر المترجم»! أغلب الناشرين يستغلّون حاجة المترجمين إلى المال لتقليل أجرهم. هل تقصد أن أزمة الترجمة تعود للقطاع الخاص؟ - لا ليس وحده. لدينا أزمتنا مع الترجمة والمترجم. وكما قلت، هذه أجور غير مرضية بالنسبة لى، ولكن تقيّدنى ميزانية محدودة، أتمنى أن يتم رفعها، حتى نستطيع جذب أكبر عدد من المترجمين الجيّدين. أقترح الاتفاق على حد أدنى من أجر المترجم فى الإصدارات من القطاعين العام والخاص. هذا من شأنه التقليص من تبعات الأزمة. ما زالت الإنجليزية والفرنسية والألمانية تتصدّر ترجمات المركز، متى تتوسّع النظرة إلى آداب اللغات الأخرى؟ - هذا أمر يخصّ عملية النشر بوجه عام، ونحن نبذل جهدا كبيرا فى كسر المركزية الأوروبية والترجمة عن اللغات الأخرى. ترجمنا حتى الآن، عن 35 لغة مختلفة، أصدرنا كتبا ليست قليلة من الآداب الأفريقية، ونترجم عن الصينية واليابانية مباشرة، لكن تواجهنا مشكلة قلّة عدد المترجمين من هذه اللغات. على سبيل المثال؛ هناك، أربعة، مترجمين مصريين عن الصينية. نأمل زيادة العدد مع التوسّع فى افتتاح أقسام اللغات بكليات الترجمة. فضلا عن دور دورات التدريب التى يرعاها المركز ومن شأنها تفريخ مترجمين جدد فى لغات غير مطروقة. وهل تؤدّى هذه الدورات دورها بشكل كافٍ؟ - هذا السؤال يُجيب عليه المتدرّبون أنفسهم، لكننا نبذل أقصى ما نستطيع من مجهود. نظرة سريعة على أسماء الفائزين بجائزة الترجمة التى نمنحها باسم رفاعة الطهطاوى، تشهد بأن طاقات مواهب الشباب فى مجال الترجمة مبشّرة. غايتنا من مثل تلك الدورات، إلى جانب الارتفاع بمستوى الترجمة، التفتيش عن كوادر مخبأة وتنتظر الفرصة. قطاعات أخرى تابعة للدولة ووزارة الثقافة تتبارى فى الترجمة، هل ترى أن تتوحّد جهود الدولة فى مشروع واحد ضخم للترجمة؟ - لماذا! يقوم المركز بالدور الأكبر فى الترجمة، لكن فى نفس الوقت؛ تقوم الهيئة العامة للكتاب بمجهود رائع من خلال سلسلة الجوائز، التى حقّقت فى وقت وجيز جماهيرية كبيرة، خاصة مع معارض الكتب. لا يمكننا التفكير مطلقا فى توحيد جهة الترجمة القومية. لا تنسى أسعار هيئة الكتاب الزهيدة مقارنة بأسعار المركز القومى للترجمة. ثم هناك مشاريع رائدة، كمشروع الألف كتاب التابع لهيئة قصور الثقافة، كلها مشاريع سابقة ومأمولة، ولا يمكن التفكير فى ضمّها أو إيقافها. تضفير الجهود، والاتجاه للارتقاء بمستوى الترجمة والتدقيق فيها خير من احتكار الترجمة. هناك مشاريع تعاون بين المركز والمطابع الأميرية، وفى مجال التوزيع أعلنتم عن مشروع تعاون مع دار بتانة الوليدة. - يقتصر التعاون مع المطابع الأميرية، على الاستفادة من تعاقدها مؤخّرا على مُعدّات حديثة فى الطباعة، وبالتالى طرق جديدة فى الطباعة. سيُثمر التعاون كما هو مخطّط له، عن الاتجاه إلى تخزين الكتب إلكترونياً. إلى جانب الاستفادة من خبرات التصحيح والتغليف بالمطابع الأميرية. ومن المقرّر أن يتم استيعاب كل هذا بداية من العام المقبل. أمّا عن دار بتانة! جاء العرض من مدير الدار، على أن تكون الدار، النشطة فى مجال الشبكة العنكبوتية، المنفذ لتوزيع كتب المركز القومى للترجمة إلكترونيا. التوزيع والوصول إلى المستهلك المعنى بالكتاب، كان واحدا من المشاكل التى لا تزال تواجه المركز. نُعلن عن صدور الكتاب بالموقع الخاص بنا، لكن لا توجد وسيلة للحصول عليه سوى منفذ البيع أو معرض الكتاب، سيتم التعامل مع بتانة على أنها الموزّع، ويُخصص لها هامش ال30 % من الربح.