فى واحدة من حلقات الفساد التى ظهرت مؤخرًا، تحت شعار «معدة المصرى تهضم الزلط»، لجأ عديمو الضمير فى دمياط إلى إطعام الناس حميرًا، وليس هذا فحسب، وإنما حميرًا نافقة، نظرًا لأن أسعارها أرخص ما يؤدى إلى تعظيم أرباحهم، حتى لو كان المقابل موت طفل بالتسمم الغذائى جراء تناوله «ساندويتش حواوشى».. وبالتزامن أغلقت وزارة التموين ثلاثة منافذ لبيع اللحوم بعد أن ضبطت بداخلها أختامًا مزورة تحمل شعار مجازر القوات المسلحة. هى فوضى.. بجد وفعلا وواقعًا نعيشه.. وقد وصل الأمر إلى التلاعب بصحة الملايين فى ظل تراخ لا يمكن لأجهزة الرقابة على الأسواق، الأمر الذى يستلزم إجراءات صارمة لحماية الناس من الموت الذى قد يأتى فى «قضمة حواوشى» أو «رغيف كبدة» مجهول المصدر. «هل كنا نأكل الحمير طازة فى هيئة سندوتشات حواوشي؟».. بتلك الكلمات بدأ «محمد عبد الرحمن» محاسب، وهو من أهل مدينة دمياط، حديثه متسائلاً عن المأساة التى مرت بها المدينة، مضيفًا: ماذا كنا نأكل طيلة أربعة أشهر تقريباً؟.. نحن جميعا المدينة والمدن والقرى المجاورة كنا سعداء بالمنفذ لأننا كنا نظن أنه تابع للقوات المسلحة وبالتأكيد سيوفر للمواطن العادى، ولكن بعد إغلاق المنفذ اكتشفنا أننا كنا نأكل من مصدر مجهول وندفع أموالاً لا نعلم تذهب لمن ولصالح من؟ ويقول محمد أمين، موظف بميناء دمياط الجديدة: إن ما حدث معنا هو استغلال لاسم القوات المسلحة لتحقيق أرباح مالية، واستغلال النفوذ وسلطة الوظيفة العامة فى إقناع المواطنين بالشراء والتعامل مع المنفذ بدعوى أنه منفذ القوات المسلحة، وهذا بكل بساطة يسمى إهدار المال العام أو الاستيلاء عليه فعلياً. لكن الدكتور «طارق أبو النجا» مدير إدارة المجازر والتفتيش على اللحوم بدمياط، نفى وجود لحوم حمير بالمحافظة، وأشار إلى أنه تم ضبط كمية من اللحوم المفرومة مجهولة المصدر وزنها 630 كيلوجراما كما تبين وجود لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى تستخدم فى تصنيع الحواوشى وتتكون من خلطة من فول الصويا وبعض البهارات ومواد مكملة لا تحتوى على لحوم. ورغم تصريحات المسئولين الحكوميين جاءت حوادث من شتى أطراف دمياط تنفى ادعاءاتهم، فخلف مركز شرطة فارسكور القديم يوجد مخزن يملكه شخص يقيم بقرية منية أبوعمر بالظواهرية بمحافظة الشرقية، بتفتيشه وجد بداخله طن لحوم حمير تستخدم فى صناعة الحواوشى، وألقت المباحث العامة القبض على المتهم، وأخذت النيابة العامة عينة لإرسالها للمعامل المختصة. كما أمرت النيابة بضبط وإحضار باقى التشكيل العصابى المنتشر بكل مدن وقرى محافظة دمياط الذى يتشكل من مسجلين استأجروا 20 محلا بالمحافظة لبيع لحوم الحمير فى صورة «حواوشى». لم تنته أطراف الحلقة عند هذا الحد، فقد شهدت مدينة عزبة البرج بمحافظة دمياط واقعة أثارت جدلا كبيرًا بين المواطنين بضبط حملة تموينية بحضور مفتشى مديرية الصحة لصاحب أحد المحلات الشهيرة المخصصة لبيع «الحواوشى» وتم ضبط 100 كيلو من اللحوم المفرومة الفاسدة، خلال بيعها للمواطنين، وتبين أن صاحبها يستخدم أعلاف البهائم فى صناعة الحواوشى إلى جانب لحوم الحمير، وجرى تشميع المحل وتحرير المحضر اللازم للتحقيق والعرض على النيابة، وهذه الواقعة تعد الثانية خلال 48 ساعة بعد ضبط محال بيع للحواوشى فى كفر سعد. وقال محمود البنا أحد أهالى المدينة: إنه لا يوجد سبب لترك المحل يعمل بعد ضبط لحوم الحمير به مؤكدًا أنه لابد من غلق المحل ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاستهانة بحياة المواطنين. وقرر المحامى العام لنيابات دمياط حبس صاحب محل سندوتشات حواوشى الحمير بمدينة كفر البطيخ 15 يوما على ذمة التحقيق معه. وتمكنت مباحث تموين محافظة دمياط برئاسة الرائد رامى عبدالخالق جلال من ضبط عدد من المطاعم والمحال التى تبيع أطعمة فاسدة ومنتهية الصلاحية من بينها 535 كيلوجراما لحوما منتهية الصلاحية.. وبمدينة الزرقا ضبطت الفرق التفتيشية كميات من لحوم حمير نافقة. وتلقى قسم شرطة كفر سعد بمحافظة دمياط بلاغا من مستشفى كفر سعد المركزى يفيد بمصرع الطفل «محمد يونس» البالغ من العمر 10 سنوات متأثرا بتناوله سندوتش من «الحواوشى». وعاينت النيابة جثة الطفل وأرسلت عينة من السندوتشات إلى المعامل المتخصة، التابعة للطب الشرعى. وتمكن ضباط قسم مباحث التموين بدمياط برئاسة المقدم تامر الحفناوى من ضبط منفذ لبيع اللحوم بناحية الأعصر الأولى دائرة قسم شرطة ثان دمياط وضبط بداخله 83 طبق سجق وبرجر و50 كيلوجراما من الحمام، جميعها مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمى بناءً على تقرير الطب البيطرى، بالإضافة إلى 800 استيكر مزور لمجزر القوات المسلحة.. وضبطت الشرطة المتهم وهو مدير المنفذ، وبسؤاله اعترف بحيازته للمضبوطات وأقر بعدم وجود رخصة أو أية فواتير أو مستندات تدلل على مصدر تلك المضبوطات معتبرا بأن كان يلصق الاستيكرات على المنتجات. كما تم ضبط منفذ بجوار موقف مدينة دمياط الجديدة وبه400 كيلو من اللحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى. وضبطت مباحث التموين فى دمياط منفذا لبيع اللحوم بمنطقة «الأعصر الأولى» دائرة قسم شرطة ثان دمياط وضبطت داخله 50 كيلوجراما منتجات مجهولة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى. كما تمكنت القوات من ضبط 400 كجم لحومًا غير صالحة للاستهلاك الآدمى بمنفذ بيع لحوم بدمياط الجديدة وضبط المدعو «ع.ا.ع» وتحرر المحضر رقم 3399 جنح قسم دمياط الجديدة لسنة 2016م حيث ضبط 800 استيكر خاصًا بمجزر القوات المسلحة لتقليد منتجات القوات المسلحة وخداع المواطنين. ويسعى أصحاب النفوس الضعيفة إلى تدوير المنتجات غير الصالحة بلصق «استيكر» بتواريخ جديدة لسلع مجهولة المصدر ودون أى فواتير تثبت مصدر شرائها وعدم خضوعها للرقابة وبيعها للجمهور على أنها منتجات «الوزارة»، وهى طريقة جديدة للنصب على المواطنين محدودى الدخل من قبل مافيا تجارة اللحوم لتحقيق مكاسب على حساب صحة المواطنين. وكان الدكتور إسماعيل عبدالحميد طه محافظ دمياط قد أحال واقعة فتح منافذ مخالفة لبيع اللحوم بميدان سرور وباب الحرس بمدينة دمياط ومدينة الروضة والتى تم ضبطها بناء على شكاوى من المواطنين وضبط بداخلها لحوما غير صالحة للاستهلاك الآدمى إلى النيابة العامة لاتخاذ ما تراه فى هذا الشأن ومباشرة التحقيقات لملاحقة المسئولين عن فتح هذه المنافذ. وأعلن المحافظ أن نتائج التحقيقات التى أجريت حتى الآن فى الموضوع، أثبتت أن هذه المنافذ لبيع اللحوم بمدينة ومحافظة دمياط ليست تابعة للقوات المسلحة وإنما تم استغلال وجود بعض المنتجات من قبل بعض المحال المضبوطة، والتى يقومون ببيعها من منتجات القوات المسلحة مضيفين منتجات أخرى دون علم الجهات التنفيذية. وأضاف المحافظ، أنه بعد اكتشاف الموقف أمر ببدء التحقيقات فى هذا الموضوع بالتعاون مع المستشار العسكرى بالمحافظة ومديرى التموين ومباحث التموين والصحة والطب البيطرى حيث تم أخذ عينات من اللحوم وتحليلها وعندما ظهرت النتائج غير مطابقة تم اتخاذ الإجراءات القانونية لغلق هذين المنفذين وقامت الوحدة المحلية بمدينة دمياط بإزالة كشك باب الحرس بعد أن تم إزالة كشك ميدان سرور بمعرفة القائمين عليه . وأشار المحافظ إلى أنه كلف إدارة التفتيش المالى والإدارى بتتبع الأوراق الخاصة بفتح هذين المنفذين، حيث تبين صدور خطاب من شركة صافى للمحافظة بفتح منافذ للبيع إلا أن هذه المنافذ تم استغلالها بواسطة القائمين عليها وهم غير تابعين للقوات المسلحة. واستجابة لما نشرته «روزاليوسف» عقد المحافظ اجتماعا موسعا بحضور اللواء فايز شلتوت سكرتير عام المحافظة واللواء أحمد عطية السكرتير العام المساعد والمستشار العسكرى للمحافظة ورئيس مدينة دمياط ومدير عام الصحة والطب البيطرى والتموين ومفتش مباحث التموين لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن منافذ بيع السلع وإجراءات فتح أى منافذ جديدة. وأوضح المحافظ خلال الاجتماع، أن دورنا هو تسهيل إجراءات فتح منافذ بيع السلع الغذائية تيسيرا على المواطنين فى الحصول عليها بأسعار مخفضة. وأكد أنه فى حالة فتح منفذ جديد تابع للقوات المسلحة فسيتم التنسيق مع السكرتير العام والمستشار العسكرى لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية مع الالتزام بوضع شعار القوات المسلحة والمحافظة على المنفذ.
