أقطع ذراعي.. أن الأم المثالية للعام الحالى لن تخرج عن اسمين لا ثالث لهما.. سما المصرى أو ريهام سعيد.. على اعتبار أن الثالثة فيفى عبده حصلت على الجائزة فى العام الماضي.. وبالتالى لا يجوز لها الفوز فى العام الحالي.. هى عادتنا ولن نشتريها.. أن نفاجئ المجتمع باختيارات لها العجب فى مناسبات ينتظرها الجميع.. مثل عيد الأم! فى دول أخرى يكرمون أمهات الشهداء.. لا يدخلون بهم للمسابقات العبيطة لاختيار المثالية.. كل أمهات الشهداء مثاليات وبامتياز.. هن النموذج الحسن والقدوة الصالحة للأم المصرية.. ولا تنسى طبيعة المرحلة التى يعيشها المجتمع.. وفى كل مرحلة كانت قواعد اختيار الأم المثالية تتغير تبعا لاتجاه الريح فى المجتمع.. فى مرحلة ما كانت الأم المثالية هى التى تنجب طفلا أو اثنين على اعتبار أن المجتمع يؤمن بتنظيم النسل.. والأم المثالية لا بد وأن تكون نموذجا للأمهات. فى مرحلة لاحقة كانت الأم المثالية هى التى تقف وراء أبنائها حتى يلتحقوا جميعا بالجامعة ويحصلوا على الماجستير والدكتوراه على أساس أن التعليم الجامعى هو المراد من رب العباد. هذه المرحلة هى مرحلة الأم التى تقدم أبناءها فداء للوطن.. ولا أقل من تكريمها والشد على أيديها.. ولكن لا.. نحن أمة تهوى المفاجآت.. وغدا بإذن واحد أحد سوف يختارون ريهام سعيد أما مثالية لكل المصريين على اعتبار أنها أم مجاهدة ونجمة من نجمات التليفزيون.. ثم إنها ليست أقل من فيفى عبده الفائزة فى العام الماضي!! عيد الأم هو أجمل الأعياد.. وفيه نقول لست الحبايب متشكرين على الجهد والتعب والسهر والتفانى والإخلاص.. ولكن لماذا لا نحتفل بالمرة بعيد الأب مثلما نحتفل بعيد الأم.. وهناك 117 دولة فى العالم تحتفل بالأب فى احتفالات قومية جميلة ومحترمة لا تقل عن احتفالاتها بعيد الأم.. ومن الواضح أن الأب عندنا قد سقط من قعر القفة.. مع أنه النموذج والقدوة فى التفانى والتجرد ونكران الذات.. ولعلنا نفكر فى الاحتفال به كما نحتفل بالأم منذ ستين عاما بالتمام والكمال!! الخيبة الكبري.. أن عيد الأم الذى استقر تماما فى الوجدان العربى منذ بدأنا الاحتفال به منتصف الخمسينيات بمبادرة من الكاتب على أمين.. إلا أن هناك من يصر على تعكير صفو الاحتفالات.. لا يكل ولا يمل.. ويعترض على استخدام كلمة «عيد» فى الاحتفال مؤكدا أن العيد يعنى عيد الفطر وعيد الأضحى وخلاص.. هم لايدركون أن الاحتفال بعيد الأم هو احتفال بمن كرمها الله فى الأديان الثلاثة.. ويكرمها العالم فى احتفالات جميلة فى الشرق والغرب وبلاد تركب الأفيال.. وحتى الشرق الاشتراكى وقد أصر طويلا على الاحتفال بعيد الأم تحت مسمى عيد الأم العاملة.. تنازل مؤخرا ويحتفل الآن بعيد الأم مجردا.. تماما كما تحتفل به أمريكا وأوروبا وآسيا وكل شعوب الأرض. العالم يحتفل رسميا بعيد الأم منذ عام 1908 عندما قامت واحدة أمريكانية اسمها «أنا جارفيس» بحملة للاحتفال بعيد الأمهات.. حتى نجحت عام 1920 فى جعله عيدا قوميا أمريكيا لينتشر بعد ذلك فى جميع بلدان العالم. وكما هى عادة المجتمعات الرأسمالية.. فقد تحول عيد الأم إلى مناسبة تجارية بالدرجة الأولي.. ويستغله أصحاب المصانع والهدايا التذكارية فى تحقيق المكاسب والأرباح التجارية.. وأشهر التذكارات عندهم.. عروسة صغيرة على شكل الأم تحتضن ثلاثة من الأبناء.. وتباع الدمية بأسعار فلكية على اعتبار أنها النموذج للأم المثالية. غدا وبإذن واحد أحد.. سوف تغمر الأسواق دمية مماثلة لريهام سعيد وسما المصري.. على اعتبار أنهما من الأمهات المثاليات لهذه المرحلة العصيبة التى يعيشها المجتمع المصري!!