انتهى الاستحقاق الدستورى الثالث لخارطة طريق الثلاثين من يونيو، ببرلمان لا يعبر عن الشارع المصرى بعد ثورتين، هذه الحقيقة هى ما يؤكده الرأى العام المصري، الذى قاطع الانتخابات فى جولتيها الأولى والثانية، وما بعدهما من جولتى الإعادة. وكشفت النتائج عن عودة الوجوه التى رفضها الشعب، وتحكم المال السياسى فى اللعبة، بحيث لم يصمد حتى النهاية سوى القادرون على الإنفاق ببذخ، أو المخضرمون الذين يعرفون أصول التربيطات العصبية والقبلية. مال سياسي، وشراء أصوات ورشاوى انتخابية، وفتاوى بتحريم المقاطعة، ورغم ذلك كانت اللجان أشبه بالأطلال، إلى درجة أن الموظفين فيها نظموا مباريات كرة قدم للتغلب على الملل. ومع المقاطعة، استحوذ رموز نظام مبارك على 25 % من المقاعد تحت القبة، بواقع 124 مقعدًا فى مشهد غريب، لا يعبر بالضرورة عن المزاج المصرى ولا عن طموحات شعب أراد برلمانًا يحدث ثورة تشريعية ويعلن الحرب على الفساد. فكيف سيكون الأداء البرلمانى فى ظل عودة رموز نظام مبارك إلى بؤرة الضوء مجددًا؟ هل سيعبر هؤلاء عن طموحات الثورة التى اندلعت فى الأساس ضد النظام الفاسد الذى انتموا إليه؟ كيف سيتعاملون مع مطالب يتوافق عليها جموع المصريين مثل العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة؟ الدكتور طارق فهمى أستاذ السياسة العامة والخبير فى الشئون السياسية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط يقول: النظر إلى حقيقة وجود 28 نائبا كانوا أعضاء فى برلمان 0102، وإلى جوارهم 24 آخرين كانوا بمجلس الشوري، وينتمون جميعهم إلى الحزب الوطنى المنحل يؤكد أن الثورة خارج الخدمة. ويضيف: من العبث أن نتخيل أن هؤلاء سيعبرون عن الثورة، أو أن رجال الأعمال الذين قضموا جزءا من الكعكة البرلمانية فى 5102 سيرفعون مطالب الثورة على نحو تبنى سياسات التوزيع العادل للثروة، فالأرجح أن جماعات المصالح ستدافع عن مصالحها. وتوقع فهمى أن تغيب القضايا والمطالب التى رفعتها ثورتا يناير ويونيو عن المجلس، فليس ممكنا أن يدافع الذين قامت ضدهم الثورتان عن مبادئ ثورتهم مضيفا الوجوه القديمة أعادت إنتاج نفسها عبر الانضمام إلى أحزاب جديدة بعد حل الحزب الوطني، فدخل بعضهم «مستقبل وطن»، وانضوى بعضهم الآخر تحت راية «المصريين الأحرار»، وتحينوا فرصة الانقضاض وها هم يعودون رسميا. ويرى الدكتور محمد السعيد إدريس الخبير الاستراتيجى بمركز الأهرام للدراسات أن النسبة الحقيقية لفلول الحزب الوطنى المنحل ليست 52% كما يبدو، وإنما هى نحو 06 % .. موضحا أن معظم الوجوه تحت القبة وجوه سياسية وإعلامية تعادى الثورة من حيث الأهداف والمبادئ. ويقول: إن برلمان 5102 هو المتمم لبرلمان 0102 بل إن الأخير لم يشهد ما شهدناه من استخدام مكثف للمال السياسي، مضيفا: نحن أمام برلمان لا يمكن أن يكون ممثلا للثورتين، بل إنه سيمثل أعداءهما على الأغلب. ويلوم الدكتور إدريس الشباب على قرارهم المقاطعة والناخبين على عدم تحملهم العبء والنزول من بيوتهم للتصويت قائلا: هذان العاملان تسببا فى المشهد الراهن.. فتحتى لو كانت هناك تحفظات على قوانين الانتخابات فليس الرد على ذلك هو «مش لاعبين». الدكتور وحيد عبدالمجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يقول: واضح جدا أن شباب الثورة خارج اللعبة فهؤلاء الذين حاربوا الفساد فى دولة مبارك، والفاشية الدينية تحت حكم الإخوان، وجدوا أنفسهم كالأيتام على موائد اللئام. ويرجع عبدالمجيد سبب ضعف تمثيل الشباب إلى شعور قطاع كبير منهم بالإحباط بسبب القوانين الخاصة بالانتخابات والتى سمحت لأن يكون لرأس المال الكلمة العليا فى حسم الصراع، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن قرار المقاطعة الذى اتخذه قطاع كبير من شباب الثورة أسفر بالضرورة عن ضعف تمثيلهم. ويبرر تامر هنداوي، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة قرار المقاطعة الذى اتخذه حزبه ومعه رموز ثورية مثل الدكتور عمرو حمزاوى أو مصطفى النجار قائلا: إن عددا كبيرا من شباب الثورة قرروا المقاطعة ليعبروا عن اعتراضهم على قوانين الانتخابات التى جعلت البرلمان ل«الأثرياء فقط». ويضيف أن اختفاء ثوار يناير عن المشهد يرجع إلى أنهم شعروا بأن الموجة كلها ضدهم، فقد تعرضوا لحملات تخوين ونيل من السمعة واتهامات بتلقى تمويل إلى آخره، فهل منطقى أن نطالبهم بعدئذ بالمشاركة السياسية. ويقول: أما الذين لم يقاطعوا مثل معتز الشناوى أمين الإعلام بحزب التحالف الشعبى الاشتراكي، أو محمد عبدالعزيز، ومحمد ممدوح، فلم يرجعوا إلا بخفى حنين، ذلك أنهم لم يستطيعوا مواجهة المال السياسى الذى يملكه رجال الحزب الوطنى عبر وسائل يعرفها المصريون جيدا. على صعيد متصل، تصدرت أسماء معروفة من الحزب الوطنى المنحل القوائم الانتخابية ففى قائمة «فى حب مصر» بالصعيد فاز اللواء سعد الجمال، ومى البطران، ابنة محمد البطران، القيادى بالحزب وعلاء السبيعي، ومجدى بيومي، وسحر الهواري، وحمدى سعد عمر، وجمال عقبي، وجبالى المراغي، والدكتورة عبلة الهواري، وسحر صدقي، وهشام الشعيني، وفيصل عبدالرحمن، والدكتورة ألفت كامل، وسحر صدقي، وشريف فخري، والسيد محمود الشريف. أما فى قائمة غرب الدلتا، فيأتى رجل الأعمال فرج عامر وسحر طلعت مصطفي، ابنة شقيق طلعت مصطفي، وسعداوى راغب، وسوزى ناشد، وأمل زكريا، وهشام عمارة، وأحمد السجيني، واللواء يحيى العيسوى داود. وفى بندر أسيوط فاز اللواء تادرس قلدس والبدرى أحمد ضيف، وجمال عباس أمين، وإبراهيم نظير، وراشد أبو العيون، ونعمان أحمد، وياسر عمر، وأحمد شكر عثمان. وفى الإسكندرية فاز أبو العباس فرحات التركى ومحمد عطا سليم. وفى محرم بك فاز عمرو كمال، وفى كرموز فاز محمد رمضان محمد، وشهرته «سامى رمضان». وفى الدخيلة، فاز مصطفى الطلخاوى وحسن خير الله، ورزق راغب، وعبدالمنعم راغب ضيف الله. فى محافظة الأقصر فاز الطيرى حسن عبده، وفى محافظة البحر الأحمر فاز أحمد الضوى وحافظ لطفي. وفاز 6 من أعضاء الوطنى فى البحيرة: عصام الدين فخرى القاضي، عماد فؤاد ناصف محروس، ومحمد سعد تمراز، وأحمد عبده العرجاوي، ود. عمر حمروش. وفاز فى محافظة الفيوم 8 نواب هم ربيع أبو لطيعة، ومحمد هاشم وعماد سعد حمودة، وسيد أحمد سلطان، ومحمد مصطفى الخولي، وياسر سلومة، وكمال أبو جليل، والعمدة كامل محمود كامل فيصل. وفى محافظة المنيا 3 أعضاء شادى أبو العلا، والسيد مجدى معتمد سعداوي، وأحمد شرموخ. بالإضافة إلى داود سليمان بالمقعد الثانى لدائرة الخارجة بالوادى الجديد. و3 لبنى سويف: هشام سليم، وعلى بدر، وعلى أبو دولة. وفى سوهاج علاء الدين حسن مازن، وطارق عبدالرحيم رضوان، وهمام العادلى، وهشام الشاطوري، وهرقل وفقى.