زحف «مقدس» وطقوس مثيرة، واحتفالات دموية، بينها السير على الجمر.. وارتداء الرجال ملابس النساء، إلى جانب الاقتناع بأن زيارة كربلاء تعادل ثواب «1000 حجة» الأربعين الحسينية.. أحد أهم المناسبات الدينية عند الشيعة، التى يزورون فيها مدينة «كربلاء» لإحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين بن على بن أبى طالب فى معركة كربلاء، يمارسون عددًا من الطقوس الغريبة كالزحف إلى تلك المدينة سيراً على الأقدام فى قوافل بدعوى أنها معايشة للأجواء التى عاشها «الحسين» والمسلمون الذين كانوا معه، وذكرت الإذاعة الإيرانية أن السلطات العراقية أعلنت عن مشاركة مئات الآلاف من الشيعة من 60 دولة فى الاحتفالات. لم يقتصر الأمر عند الشيعة على الزحف سيراً على الأقدام، بل الزحف على البطن حتى تسيل الدماء من كل أنحاء الجسد واللطم وضرب الأجساد بالسلاسل للتكفير عن الذنوب ومعايشة آلام الحسين.. ومن بين أغرب الطقوس التى تمارس فى هذه المناسبة «المشى على الجمر» أو الفحم المشتعل مرددين نداء «يا حسين يا حسين» بدعوى أن من يقولها لن يصيبه أذى ولن يحترق، وعلى الرغم من استنكار وزارة الأوقاف الجعفرية لممارسة هذه الطقوس، باعتبارها أموراً شاذة ومسيئة للشيعة ونوعاً من أنواع البدع، إلا أن البعض أصر عليها باعتبارها شعائر وطقوساً مقدسة فى مذهبهم. وبحسب ما جاء فى صحيفة أخبار الخليج، البحرينية فإن إدارة الأوقاف تواصلت مع مروجى فعاليات «المشى على الجمر» وأكدت لهم أن هذه الأمور من طقوس الجاهلية ولا أساس لها فى الدين. واختلفت الفتاوى الصادرة بهذا الشأن ما بين مؤيد ومعارض، فبينما يعارضه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية بإيران على خامنئي، باعتبار أنه يؤخذ على الشيعة، يرى قطاع كبير أن هذه الممارسات من صميم المذهب الشيع، حيث يذكر موقع «ياحسين» أن هناك نحو 224 مرجعًا شيعيًا أفتوا بجواز جميع الشعائر الحسينية ومنها التطبير والمشى على الجمر وفى مقدمتهم: ميرزا فيض التفريشي وماجد البحراني وملا محمد مهدى النراقي ومهدى بحر العلوم ومحمد باقر الأصفهاني وراضى الكاظمي وميرزا حسين الشهرستاني ومحمد باقر الشيرزاى، وغيرهم من كبار المرجعيات الشيعية سواء فى الماضى أو أئمتهم المعاصرين، مشيراً إلى وجود عدد من الكتب والمراجع التى توثق تلك الفتاوى وأن تحريم بعض المرجعيات فى الوقت الراهن لا ينفى ولا يحرم ممارستها باعتبار إقرار المرجعيات السابقة لها. ووفقاً لما ورد فى كتاب «فتاوى العلماء الأعلام فى تشجيع الشعائر الحسينية» فإنه: «لا إشكال فى جواز اللطم بالأيدى على الخدود والصدور، والضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور إلى أن يخرج الدم.. أما إخراج الدم من الناصية «مقدمة الرأس» بلا صدمة على عظمها». أما بخصوص اقتحام النار فوفقاً لما جاء على لسان مرتضى الحسينى الفيروز آبادي، فى الكتاب فإنه أمر مباح ولا يعد بدعة أو الإقدام عليه لا يخالف الشريعة لعدم وجود نص صريح على ذلك، على حد ما جاء بنص الفتوي. وأباح المرجعيات لبس الرجال ملابس النساء فى الحسينيات، حيث يذكر الكتاب ص «6» المسألة الثالثة: «عدم الإشكال فى لبس الرجال ملابس النساء لإقامة الحسينيات»، استناداً إلى فتوى المرجع الشيعى البارز عبدالله الشيرازى. أما الكرامات والمعجزات فهو الهدف الرئيسى الذى ينشد الشيعة الحصول عليه فى هذه المناسبات الدينية، حيث تشهد كربلاء مواكب يترأسها بعض رجال الدين ويبدأون فى استعراض عينة ممن حلت عليهم البركة بفضل قيامهم بهذه الطقوس، لتروى امرأة كيف تم فك السحر لابنها المربوط عن الزواج وقيامه بالزواج مرة واثنين وإنجابه للأبناء بعد أن ظل يعانى من السحر لسنوات تسببت فى طلاقه عن زوجته، وشفاء المرضى وغيرها من القصص، لكن من أغرب القصص التى يروج لها الشيعة فى الأربعين الحسينية هى قصة «صك البراءة من النار»، حيث يذكر كتاب «كشكول البحراني» للمرجع الشيعى البارز يوسف البحراني، أن إحدى القوافل البحرينية كانت تتجه لزيارة الحسين وكان بها رجل خفيف العقل «مجنون» أراد المرافقون له أن يمزحوا معه، فقالوا له إن الحسين أعطى لهم صك البراءة من النار، فبكى وزار أمام ضريح الحسين طالباً هذا الصك، فاهتز الضريح وانتفض وخرجت يد من ورائه وأعطت له ورقة «ضمان للجنة وبراءة من النار» وعندما مات دفنت معه، تلك القصة واحدة من أشهر القصص التى يروجون لها، لكنها فى الحقيقة لها بعد على أرض الواقع فى المذهب الشيعي، ف«صك الجنة» أمر يزعمه بعض المرجعيات الشيعية لا باعتباره معجزة تحدث للبعض، بل أمرًا يخص كل من هو شيعي، ففى إحدى الخطب الدينية للمرجع الشيعى البارز الملقب بحجة الإسلام والمسلمين نبيل شاكر الطالقاني، المسجلة بالصوت والصورة قال فيها: «أن السيدة فاطمة الزهراء أعطيت حق الشفاعة وتملك صكًا لشيعتها للبراءة من النار». من ناحية أخرى فإن الشيعة يدعون أن زيارة كربلاء وإحياء مراسم الأربعين الحسينية فى العشرين من شهر صفر، أفضل من الحج، استناداً إلى حديث لديهم يقول: «من زار قبر الحسين يكتب له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة».