كثير من قصص الحب الواقعية ألهمت كتاب السيناريو لتجسيدها على الشاشة، فرأينا قصة نابليون وجوزفين، أنطونيو وكليوباترا، حب رضا بهلوى وثريا أصفنديارى، مارى وبيير كورى، جون كينيدى وجاكلين، وكبصمة الأصابع لا تتشابه أبدا قصص الحب لأن أبطالها لا يتشابهون. «فى الجنوب معك» وهو عنوان الفيلم الذى يجسد قصة الحب التى جمعت الرئيس الأمريكى الحالى باراك أوباما وزوجته ميشيل، وكتب قصته ويقوم بإخراجه ريتشارد تان، وتدور أحداثه فى يوم واحد، يتناول القصة الحقيقية لأول لقاء بينهما فى صيف عام 1989، حيث ظلا يتجولان فى المدينة ثم قررا الذهاب إلى كافيتريا أكاديمية الفنون فى شيكاغو ثم مشاهدة فيلم «افعل ما هو صواب» للمخرج سبايك لى وفى السينما تبادلا أول قبلة. كان أوباما وقتها قد نال شهادة التخرج فى العلوم السياسة والعلاقات الدولية جامعة كولومبيا فى نيويورك، ثم انضمامه إلى كلية الحقوق لدراسة القانون فى السنة الأولى بجامعة هارفارد ويعمل فى شركة محاماة تابعة ل«سيدلى أوستن» وكانت ميشيل رئيسته ومنذ تلك اللحظة لم يفترقا قبل زواجهما عام 1992، يلعب دور أوباما فى شبابه الممثل الأمريكى «باركر سويرز» وتؤدى دور ميشيل الممثلة «تيكا سمبتر، ويركز الفيلم على الدور الإيجابى الذى لعبته ميشيل فى حياة أوباما خاصة على الصعيد السياسى وأوقات انشغاله الطويلة عنها بطموحاته السياسية والحزبية والمشاكل التى واجهتهما كزوجين عانيا طويلا من مشاكل فى الإنجاب وعدم وجود أطفال حتى إنجاب ابنتهما الأولي. والحقيقة أن قصة حب ميشيل وباراك أوباما ملهمة إلى حد كبير، طبقا لكتاب الصحفى الشهير «كريستوفر أندرسون» عنهما بعنوان «باراك وميشيل ملامح زواج أمريكي» قد أعاد ظهورهما معا فى البيت الأبيض فى يناير عام 2009 إلى الأذهان صورة جون كينيدى وزوجته جاكلين، فقد أثارا نفس الإعجاب ونفس الآمال فى أمريكا وفى العالم كله. فقد ظهر الزوجين وكأنهما يمثلان أحد أكبر الشراكات السياسية فى التاريخ الأمريكي، فبدون ميشيل ما كان أوباما أبدا أن يصبح الرئيس رقم 44 فى تاريخ أمريكا. ورغم أن مسيرة حياتهما الأسرية قد عرفت أزمات وكان بعضهما عميقا إلى درجة أنهما وصلا إلى حافة الانفصال، لكنه رغم كل هذا لم يتردد أوباما أن يقول «إنها صخرتى والشخص الوحيد الذى جعلنى أصمد» وقالت ميشيل «إن هذا الأمر ليس سهلا بالمرة أن أجعله فى كل مرة يصمد أمام المصاعب» وتضيف: «إن أواصر زواجنا متينة وقوية لكنه ليس كاملا». إن أكثر ما يثير الدهشة والكلام هنا ل«كريستوفر أندرسون» هو السرعة فى وصولهما إلى البيت الأبيض بعد سنوات قليلة من الانخراط فى العمل السياسى والسرعة بالقياس إلى الرؤساء الأمريكيين الآخرين. وفى كل الأحوال إنهما أصبحا الثنائى الأول فى الولاياتالمتحدة والثنائى المتميز فى الوقت ذاته, هو ابن المهاجر الكينى الذى عاد إلى بلاده بعد فترة قصيرة من ولادة ابنه باراك وتربى فى كنف جديه لأمه فى هاواى وإندونيسيا ودرس فى جامعتى كولومبيا وهارفارد وانطلق فى السياسة ليصبح عضوا فى مجلس الشيوخ الأمريكي، أما ميشيل فهى ابنة أسرة أمريكية متوسطة وميسورة الحال مما سمح لها أن تتابع دراستها وتصبح محامية وربما هذا الاختلاف هو ما جعلهما ثنائيا جذابا وأنيقا مفعمًا بالشباب. وإذا كانت الخطوط العريضة لمسيرة حياة الثنائى الرئاسية أصبحت معروفة للجميع بشكل أو بآخر، إلا أن ثمة نقاطًا مضيئة تظهر بين الحين والآخر لتصبح صورتهما كأول ثنائى رئاسى أسود أكثر اكتمالا منها أن ميشيل تغير بشدة على زوجها بسبب جاذبيته الشديدة والتى تثير إعجاب الشابات، حيث لا تتردد بعض النساء من دس أرقام هواتفهن فى جيب الرئيس ووشوشته بتعبيرات لطيفة عندما تسنح الفرصة وهو ما عبرت عنه بغضب «أريد أن أقول للنساء كفى هذا مزعج ابحثن عن حياة» خاصة أنها تعرف أنه كرجل تروقه هذه التلميحات. تشعر ميشيل بالغيرة من هيلارى كلينتون وأنها بذلت جهودا كبيرة لدى زوجها كى لا يتم تعيينها كنائب له وضغطت كى يختار جوى بايدن. إن اختيار الثنائى أوباما لتجسيدهما فى فيلم ليس اعتباطا لكن كثنائى استثنائى فى التاريخ الأمريكى الحديث كحب أنيق صامد وقوى ومليء بالمصاعب والتحديات. من المنتظر أن يبدأ التصوير فى أغسطس الحالى وسيتم عرضه فى العام القادم 2016. وقد أعرب النجمان باركر وتيكا عن فخرهما وسعادتهما لتجسيد الدورين، وقالا: «لولا التغييرات الجوهرية والأشبه بثورة والتى صعدت زوجين مختلفين من السود إلى الحكم والجلوس فى البيت الأبيض لما أتيح لنا أن نجسد دور السيد والسيدة الأولى للولايات المتحدة، إن أدوارنا مليئة بالتحديات وتجسيد اللحظات النادرة والرائعة من جديد عمل ملهم ونحن فخورون به».