لا يمكن أن تصدق هذا العجوز «الهرم» طالب بالفرقة الخامسة بكلية الطب، فمنذ اللحظة الأولى من دخولك للمدينة الجامعية لا يوجد طالب لا يعرف الدكتور فتحى مصطفى عبده أكبر معمر بالمدينة الجامعية الذى ظل 51 عاما يدرس بكلية الطب جامعة القاهرة، واعتبره الطلاب أباهم ومنبع النصيحة لهم داخل المدينة، له خبرة بمختلف المجالات خاصة الدينية، الجميع يعرف الدكتور فتحى، فهو ذو شهرة كبيرة بين الطلبة، غرفته كما هى منذ 51 عاما، بالدور الأول رقمها «44». كان لنا هذا الحوار لنكشف أسرار استمراره فى الدراسة كل تلك المدة التى تعدت نصف القرن. ∎ يبالغ العديد من الطلاب حول سنك، فما هو عمرك الحقيقى؟ أنا مواليد 22 فبراير ,1939 أبلغ من العمر 76 عاما، ولدت فى الشين مركز الطور طنطا، التحقت بكلية طب قصر العينى عام ,1964 ولازلت أدرس فيها فى الفرق النهائية، ولم أتزوج إلى الآن. ∎ ما هو سر استمرارك فى الدراسة كل تلك السنوات؟ التحقت بالثانوية العامة بمدرسة كفر الشيخ الثانوية، عبدالمنعم رياض الآن، وتقدمت للامتحان 3 مرات، الأولى والثانية مجموعى أهلنى لكلية التجارة، وفى الثالثة حصلت على مجموع 70٪ عام ,1964 والتحقت بطب قصر العينى، تلقفنى حسن حمدى أحد رؤساء جامعة القاهرة، بمجرد دخولى لكلية الطب وكان يحب الرياضة، ويسدد لى المصروفات. قرأت معظم كتب الفلسفة والتاريخ والرياضة والطب، والعسكرية، وقضيت ال20 عاما الأولى من عمرى فى الأرياف، و55 عاما فى القاهرة، والتحقت بالخدمة العسكرية فى 5 يوليو ,1967 تم استدعائى للجيش، وكنت فى خط الدفاع الأول فى وادى جايا بوادى العريش، فوجدت طائرات العدو فوق رأسى وكنت أنا وقائدى بلا ذخيرة، فركضت تحت ضرب الطائرات وحملت الذخيرة، حيث خدمت فى سلاح المدفعية بالقوات المسلحة لمدة 19 شهرا، ووجدت وحدة كاملة تودعنى بالدموع لشدة محبتهم لى وعندما عدت للدراسة مرة أخرى كنت مدمرا نفسيا. ∎ هل لديك أسرة لتعود إليها؟ كان لدى أخوة فى الشين بطنطا وأولاد أخى فى جامعة القاهرة وكانوا هنا معى فى المدينة الجامعية. ∎ ما هو مصدر رزقك لدفع مصروفات المدينة الجامعية؟ أقوم بعمل جلسات المساج لبعض رؤساء الجامعات والعديد من الشخصيات، ومن خلالها أدفع مصروفات المدينة الجامعية، وأدخر الباقى لشراء بعض الكتب. ∎ هل كتبت مذكرات حياتك الحافلة بالمغامرات؟ سجلت مذكراتى فى 48 صفحة وحضرت معارك الاستنزاف وكنت غير راض عنها، وأتذكر أننى كنت أحمل زملائى الجرحى وسلاحهم فوق كتفى، وكنت آخر من ينسحب من موقعه، وتم القبض على فى منطقة الهايكستب، واتهمونى أننى جاسوس، بسبب ملامح وجهى، واستعلموا عنى ثم تم الإفراج عنى، كما كتب قائدى فى الجيش تقريرا عنى من 3 صفحات قدمه للرئيس جمال عبدالناصر. ∎ لماذا لم تنته من دراستك فور عودتك من الحرب؟ عندما عدت من الحرب، كنت أحضر المحاضرات وأستوعبها جيدا، وبعد انتهائها أنساها، فذهبت إلى الدكتور يحيى الرخاوى أشكو إليه فأكد لى أن هذا من آثار الحرب تسمى «سندروم الحرب» وطالبنى بالصبر والراحة، وكنت أدرس وأنجح بصعوبة وكلما دخلت امتحانًا أنتظر فترة زمنية لدخول الذى يليه، وكنت أقدم شهادات مرضية للتأجيل، وقررت أن أستمر كل هذه المدة فى الكلية لحبى لها، ولم أتخرج لأن إمكانياتى بسيطة، وسبب رسوبى هو الحرب، فقذ قضى الجوع والعطش على 80٪ من الخلايا العصبية. ∎ هل تنوى التخرج هذا العام؟ - أنوى التخرج هذا العام بعد أداء آخر امتحان لى فى شهر ديسمبر المقبل، بعد أن أمضيت 51 عامًا فى الكلية، وسوف أترك الأساتذة يتصارعون على من يقوم بامتحانى. ∎ ما هى مشروعاتك بعد التخرج؟ - هدفى خدمة الإسلام بالثقافة، وعندما يعطى الله الصابرين يعطيهم بغير حدود، وأتمنى جائزة فيصل العالمية ولست أقل من الفيلسوف الفرنسى جارودى الذى عاش مسلمًا بضع سنين، ولكنى عشت فى الإسلام عمرى كله، وورثت الدين عن خير نبى، ومن تلامذتى شيوخ فى الإسلام، الدكتور بدوى عبدالعظيم. ∎ هل ستغادر المدينة الجامعية بعد التخرج؟ - طبعًا سأغادرها إلى ما هو أفضل لأنى سوف أتزوج حتى لو تبقى يوم واحد فى حياتى. ∎ هل ستفتح عيادة وتمارس الطب؟ - سأفعل أفضل من ذلك من خلال كتابة الكتب، وسأكتب كتابًا فى 6 شهور فقط وسأتقدم إلى جائزة فيصل، وسيكون عنوانه «آيات الله فى خلق الإنسان صحة ومرض». ∎ ماذا تطلب من الرئيس السيسى؟ - أطلب منه أن يعود إلى ملفاتى فى حرب 67 وما فعلته لأحصل على ما أستحق، حيث إنه حينما يعلم أننى أنقذت مئات الجنود، وآخر من انسحب من ميدان المعركة، وحصلت على شهادة من القوات المسلحة تكريمًا لمجهوداتى فى الحرب، وأطلب منه الحصول على نجمة سيناء، وتكريمى وأسلم على السيسى وأقول له «طبت مقاما وأعانك الله على ما أنت فيه وانظر إلى الأمام، وانظر إلى صلاح الدين الأيوبى». ∎ ما هى أفضل الأماكن التى تحب أن تذهب إليها؟ - أذهب إلى الأزهر الشريف، أو مكتبات دار العلوم، والأزهر، وعين شمس، وجامعة طنطا، والإسكندرية.∎