حنان الشبيني تقدم بحثًا متميزًا عن فاعلية التدريب في تطوير التعامل مع المحتوى الرقمي    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    الصحة: برنامج متكامل لخفض معدل التقزم بنسبة 24% خلال ثلاث سنوات    محمد شردى يجرى جولة بكاميرا "الحياة اليوم" مع عمال النظافة بالقاهرة    رئيس وزراء اليونان: سعيد باستقبال الرئيس المصري بقصر ماكسيموس    هزيمة النازية ... وجريمة إسرائيل!!    الدوري المصري، محمد هلال رجل مباراة مودرن سبورت والجونة    حيثيات إعدام المتهم بقتل قهوجي في الكوربة بمصر الجديدة    لماذا يكرهوننا ؟!    طريقة عمل الثومية السورية الأصلية بمكونات بسيطة    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    تكريم مجلس اتحاد طلاب جامعة المنيا الأهلية    بسبب السحر.. شاب يحاول قتل شقيقته بالقليوبية    تشييع جثمان الطفل ضحية الطلق النارى من زملائه بكفر الشيخ.. صور    الإسماعيلية تتابع الموقف التنفيذي لمنظومة تقنين واسترداد أراضي الدولة    ختام فاعليات مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته التاسعة - صور    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    «منهم الحمل والأسد».. 4 أبراج تتحدث قبل أن تفكر وتندم    آخرهم رنا رئيس.. 6 زيجات في الوسط الفني خلال 4 أشهر من 2025    قصر ثقافة العريش يشهد انطلاق أولى فعاليات الملتقى الثقافي "الثقافة والهوية الوطنية"    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    لماذا فرض الله الحجاب على المرأة دون الرجل؟ أمين الفتوى يجيب    ميرتس يبدي تحفظا حيال إسهام بلاده في تأمين هدنة محتملة في أوكرانيا    «الإعلام في تعزيز جهود الرعاية الصحية للمواطنين» في جلسة بحثية بإعلام القاهرة    عضو ب"القومى للمرأة": حظر تشغيل كل من كان عمره أقل من 15 سنة فى المنازل    بيدري مهدد بالعقوبة من يويفا بسبب تصريحاته ضد حكم قمة الإنتر وبرشلونة    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    تحت تأثير المخدر.. المشدد 5 سنوات لمتهم قتل وأصاب 3 أشخاص في القليوبية    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    رئيس جامعة القاهرة: هناك ضرورة لصياغة رؤية جديدة لمستقبل مهنة الصيدلي    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحي الشامل في أسوان أول يوليو المقبل    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد وفيق.. رحيل فارس الشاشة النبيل

أستطيع أن أقول وأنا مطمئن البال ومرتاح الضمير بأننى عرفت محمد وفيق بعد الممات.. نعم أنا اقتربت منه وصادقته وظلت صلتى به ممتدة منذ العام 1981 وحتى آخر يوم زرته فيه فى مستشفى دار الفؤاد.. ولكن الحق أقول إننى تعرفت على محمد وفيق جديد واستمعت إلى حكايات عن محمد وفيق ساهمت فى تزيين صورته وقد كانت لا يشوبها شائبة.
وقد كان بهيا.. فإذا بالروايات تزيده بهاء وكان خيرا فإذا بما أعرفه قطرة فى محيط وكان محبا للبشر فإذا بى أكتشف أنه كان يحنو على أناس لم يعرفهم ولم يقابلهم كان يرسل لهم ما يعينهم على الحياة سرا دون أن يعلموا من أين جاءهم هذا العون الشهرى، الذى ساعد طلبة على دروسهم وأعان أسرا على سداد ديونهم ويسر الزواج لشباب كانوا قد أدركهم البؤس والأسى وانسدت آمالهم فى الحياة بما رحبت.. لقد تذكرت رواية عمنا جمال الغيطانى (حكايات الغريب) وأنا أستمع إلى حكايات عن وفيق من أبطالها الذين كانوا همزة الوصل بين وفيق والبسطاء الذين بالتأكيد سيفتقدون برحيله رجلا لعب فى حياتهم دور الأب والشقيق الأكبر دون أن يظهر فى الصورة وبدون أى ضجيج وبلا دعاية.
لعب دوره فى الظل بعيدا عن الأضواء، فلم تعلم يساره شيئا عما فعلته يمينه من خير وقد شعر وفيق أن الأزمة التى حلت به هى نهاية رحلة دامت فى عمر الزمان لما يقرب من السبعة عقود وعندما زرته للمرة الأولى فى المستشفى كان يعانى من التهاب رئوى حاد أفقده القدرة على التنفس لذلك استعانوا بجهاز تنفس صناعى ولم يفقد وفيق وعيه وظل مدركا لكل ما يجرى حوله والقناعة تكسو وجهه فقد كان من بين هؤلاء الذين أسبغ عليهم الله بنعمة الرضا من عباده، وقد حرصت على زيارته طوال تلك الفترة التى كان فيها وفيق يمتلك القدرة على الحكى والحس واليقظة، ولكنه بعد أيام دخل فى غيبوبة بفضل تداعيات الأزمة.
هنا قررت أن أنسحب وأن أتابع يوميا حالته من أقرب الناس إليه سكرتيرته الفاضلة سمر، وسائقه ومدير أعماله فى ذات الوقت إسلام وشعرت أنى تلقيت طعنة فى القلب عندما أفاق وفيق من غيبوبة فطلب بإشارة من يديه ورقة وقلما.. وكتب إلى أكثر الناس قربا إليه سمر وإسلام على الورقة مكان مفاتيح المدفن الخاص به والذى سبقته إليه الفنانة الكبيرة رفيقة حياته والسيدة الوحيدة التى بادلها مشاعر الحب كوثر العسال.
وبالطبع انخرط الجميع فى بكاء واكتست الوجوه حزنا وكانت نبرات الصوت تجاهد من أجل الرد على أصحاب وفيق الذين يقومون بالسؤال عنه عبر الموبايل.
وكنت واحدا من هؤلاء إذا صحوت من النوم كان أول ما يشغلنى هو السؤال عن وفيق وقبل انتهاء موعد الزيارة فى السابعة مساء أعود للسؤال والاطمئنان على صديق ربما لن يجود الزمان بمثيل له هذا العاشق لخلق الله جميعا الذى احتضن البشر الذين اقتربوا منه، فإزال كل ما هو أمامهم من عقبات وجمل طعم الحياة ولونها لعشرات من أسر الفقراء والمحتاجين، وزهد فى الحياة وشكر الله عز وجل على ما هو مقسوم له وتنازل عن شقة الزوجية التى جمعته برفيقة دربه فى منطقة المهندسين قبل أن ينتقل للإقامة فى الشيخ زايد وتبرع بالأثاث الفخيم كاملا لعدد من العرسان كان الأثاث هو العقبة الكبرى لإتمام الزواج ويا سبحان الله وكما لو كان وفيق على علم بأن أيامه أصبحت معدودة بين الأحياء فقد صارحنى بأنه قرر التبرع بمدفنه إلى نقابة الفنانين بشرط أن يكون التبرع ساريا بعد وفاته مباشرة وقد أبلغ الصديق الكبير والفنان والإنسان الرائع أشرف عبدالغفور بهذا الأمر منذ ما يقرب من الشهرين أو يزيد.
بصريح العبارة أنا لا أجد من الكلمات ما يصلح لإعطاء هذا النادر التكرار حقه، لقد كان نبيلا فى مشاعره صادقا فى أحاسيسه مخلصا لكل من عرفه محبا للبشر لم يكن فنانا عظيما بقدراته فحسب لكن كان إنسانا عظيما فى سلوكه وفى أثره.. وإذا كان قد غادرنا بجسده فإن فنه باق وفضله على البسطاء الذين اقتربوا منه أو الذين اقترب هو من شكاواهم.. أقول سوف تظل أفعال وفيق على من هم حوله باقية على الدوام وقد كانت دعواتهم له فى الوداع الأخير بمدفنه خير عزاء لكل من أحب هذا الفنان، وهذا الإنسان الذى مر فى حياتنا مثل هذا الصنف النادر الجميل من البشر الذى تشعر أنه مضى عليك كما يمضى النسيم.. لابد أن تتذكره على الدوام وترتسم على وجهك تلك الابتسامة التى زرع بذورها فى داخلك موقف لمحمد وفيق أو قصة بطلها وفيق أو لمحة إنسانية رسمها وفيق أو دور فى مسلسل لعبه وفيق أو لمسة وفاء سيظل محمد وفيق هو عنوانها الأنبل.
رحمك الله رحمة واسعة أيها العزيز الغالى النفيس غير القابل للتكرار.. لن أتذكرك لأبكى.. فالموت حق ولكن الحياة التى عشتها جديرة بكل تقدير فالإنسان لا يقاس عطاؤه بعدد السنوات التى عاشها ولكن بالأثر الذى تركه فيمن حوله وقد كان لك أثر بالغ القيمة عظيم القامة. سوف أستعيد الذكريات لكى أجلب على نفسى السعادة وأنتزع الضحكات من الأعمال وأستعرض نبل المواقف وشهامة الصديق وأداء الفنان المبدع وإخلاص الممثل فى العمل، لن أنسى على الإطلاق ما جرى أثناء تصوير أحد المشاهد فى أحد المسلسلات التاريخية منذ ما يزيد على العشرة أعوام وكان محمد وفيق يؤدى دور شخصية عظيمة فى التاريخ يمتطى صهوة جواده ويرتدى لبس المقاتل فإذا به على أبواب القلعة يشد اللجام فإذا بالحصان ينطلق كما السهم.
ثم يقف على قدميه الخلفيتين ويقفز فى الأعلى ليلقى بوفيق ويرتمى فوقه، ساعتها فقد وفيق النطق وضاعت كل الحواس وأظلمت الدنيا ولم يفق إلا فى المستشفى عندما اكتشف وجود كسور فى ضلوعه.
وأن الله سترها ولم يلق حتفه بعد أن نام على صدره الحصان.. بعد أيام من هذا الحادث زرنا وفيق - العم صلاح السعدنى وأنا - ودار بينهما حديث جعل وفيق يخرج من آلامه وأحزانه ويضحك كما لم يضحك من قبل فقد قال له العم صلاح: أنت اتجننت تركب المخلوق ده.. هو فى حد عاقل يركب البتاع ده.. فقال وفيق: الدور عاوز كده يا سعدنى.. فرد السعدنى دور إيه وزفت إيه أديك شفت اللى جرى لك.. ملعون أبو الدور.. أنت فاكر نفسك أحمد السقا بتعملى أكشن.. وتركب حصان.. طيب افرض الدور عاوزك تبقى قبطان ح تسوق مركب.. فرد وفيق.. وكله ثقة واقتناع برأى السعدنى: لا طبعا.. وهنا قال السعدنى (يا ابنى انت فى السن ده لازم تلتزم بالنظرية السعدنية فى التمثيل) فقال وفيق مستجديًا: آه والنبى يا سعدنى قولى إيه بقى النظرية السعدنية فى التمثيل.. فرد السعدنى من فوره: التمثيل الآمن والأداء المطمئن، فنظر إلى وفيق مستنكرًا.. وقال: مش فاهم.. فنظر السعدنى حوله وقال: يا ابنى الكلام واضح.. يعنى تمثل وأنت قاعد على الكنبة.. فضحك وفيق وقال: مافيش فايدة فيك يا سعدنى.. افتكرتك بتتكلم بجد.
فصاح السعدنى بأعلى صوته.. ما أنا فعلا باتكلم بجد.. يا ابنى التمثيل الآمن المطمئن أنك تمثل وأنت على الكنبة.. وإذا فيه أكشن يبقى تتحرك من الكنبة علشان تقعد على كرسى بالكثير وبعدين تختم المشهد.
فضحك وفيق من أعماقه وقال: بقى هو ده التمثيل الآمن.. خلاص.. آمين يا سعدنى.. أنا فى حزب الكنبة من النهارده.. وبالفعل كان وفيق يقرأ أى سيناريو مقدم إليه.. فيقرأ جيدا فإذا وجد أى حركات أو مشاغبات كان يرفض بأدب جم وإمعانًا فى الالتزام بأصول التمثيل الآمن المطمئن.. كان وفيق يوافق من فوره على أى مسلسل إذاعى حيث الأداء بالفعل من النوع الكنباوى الذى يتفق مع نظرية العم صلاح فى التمثيل الآمن.
ويا عم وفيق أيها الصديق الغالى العزيز دعوات عشاق فنك ومريديك وأصدقاء العمر والبسطاء الذين كنت نصيرا لهم.. دعوات الجميع لك بالرحمة والمغفرة
ولا أقول وداعا.. ولكن إلى لقاء!!∎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.