حالة من الفرح نقلتها العديد من وسائل الإعلام الإيرانية بعد توالى الأحداث التى شهدتها اليمن وسيطرة ميليشيات الحوثيين «شيعة اليمن» بقيادة عبد الملك الحوثى، قائد حركة أنصار الله الشيعية على قصر الرئاسة بصنعاء، وهروب الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى، بعد اقتحامهم للقصر، حيث اعتبر عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية الإيرانية أن انتصارهم انتصار لإيران. وأكدت قناة «من و تو» الإيرانية - التى تبث من لندن - أن سيطرة «أنصار الله» الشيعية اليمنية على قصر الرئاسة يعنى انتصاراً لإيران، نظراً لأنها مقربة من الإدارة الإيرانية، مشيرة إلى أن المسئولين فى إيران كرموا أكثر من مرة جماعة أنصار الله، وأثنوا على الدور الذى يقومون به فى اليمن، حيث إن تواجدهم يمثل شوكة فى ظهر النظام السعودى، كما أنه تم تكريم قياداتهم أكثر من مرة من قبل المسئولين فى إيران. وأشارت - فى تقرير لها - إلى تصريح على رضا زاكانى، ممثل مدينة طهران بالبرلمان الإيرانى، والمقرب من المرشد الأعلى للثورة على خامنئى أن «صنعاء» رابع عاصمة عربية تسقط فى قبضة إيران بعد سقوط بغداد وبيروت ودمشق، على حد ما ورد بالتقرير. ولعل تلك الإشارة التى جاءت فى التقرير تكشف عن استغلال إيران للمذهب الدينى «الشيعى» لخلق جبهة من الحلفاء الذين يدينون لها بالولاء ويمهدون لدخولها وسيطرتها على تلك البلدان، كما حدث فى بغداد بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، وتعيين نورى المالكى، رئيساً للوزراء وتمكين إيران من مفاصل الدولة بعد حالة الضعف والتفكيك التى عانى منها الجيش العراقى بعد دخول القوات الأمريكية ,2003 وتكرار السيناريو نفسه فى لبنان من خلال حزب الله الشيعى وسوريا بعد محاولات الانقلاب على نظام بشار الأسد، وفى جميع الحالات جاء التدخل الإيرانى بدعوى حماية حلفائها الذين ينتمون لنفس المذهب لتحول طهران الصراعات فى المنطقة لصراعات مذهبية فى مقابل الهلال السنى. لم تكن هذه المرة الأولى التى يصرح فيها مسئول إيرانى عن دعمه للحوثيين فى اليمن، ففى أكتوبر الماضى أعلن على أكبر ولايتى، الأمين العام للمجمع العالمى للصحوة الإسلامية ومستشار المرشد للشئون الدولية فى لقائه مع عدد من أعضاء جماعة أنصار الله، عن دعم بلاده لهم، حيث قال: «نحن على علم بما حققتموه من انتصارات فى اليمن.. ونحن فخورون بكم.. ونأمل أن تؤدوا دوراً مماثلاً للدور الذى تلعبه جماعة حزب الله». فى السياق نفسه نشر موقع «راديو فردا» الموجه بالفارسية تقريراً تحت عنوان «وانتصرت إيران فى اليمن»، أشارت خلاله إلى الجهود الإيرانية التى لولاها لما تمكن الحوثيون من السيطرة على البلاد، وأن اليمن تأتى فى المرتبة الثانية بعد العراق من حيث التعاون السياسى مع حكومة الرئيس الإيرانى حسن روحانى، الذى يولى اهتماماً كبيراً للملف اليمنى، باعتباره إحدى أذرع إيران فى المنطقة. فى المقابل فإن التصريحات الرسمية لدولة إيران فى أعقاب سيطرة الحوثيين تكشف عن الوجه الدبلوماسى البعيد عن الدور الفعلى الداعم لهذه الميليشيات،حيث دعت مرضية افخم، المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية جميع الأطراف إلى ضبط النفس والمشاركة فى حوار وطنى يضم جميع الأحزاب والتيارات السياسية. وحصر موقع «رصد» التحليلى للأبحاث التابع لصحيفة «خراسان» الإيرانية أهمية اليمن بالنسبة ل«طهران» فى 5 أسباب، فى مقدمتها السيطرة على مضيق باب المندب، مشيرا إلى أنه بذلك ستتمكن من تغيير المعادلات السياسية فى المنطقة، وأن سيطرة إيران على مضيقى باب المندب وهرمز، الذى تطل عليه إيران من الشمال ستتحكم فى حركة التجارة الدولية وصادرات النفط فى العالم. وكشف التقرير عن أن سيناريو انتشار قوات «أنصار الله» جاء بدعوى انعدام الأمن فى اليمن ومنع توغل أعضاء تنظيم القاعدة، وأن تضخيم هذه الحالة ساهم بشكل كبير فى إحكام قبضة الحوثيين، ونجاح السيناريو الإيرانى، على حد ما جاء بالتقرير. وأشار إلى أن الدعم الإيرانى للحوثيين جاء لكسر شوكة السعودية التى تمثل الهلال السنى ولزعزعة استقرار حدودها، مضيفاً أن أغلب المناطق الحدودية بين السعودية واليمن أصبحت تحت سيطرة «أنصار الله»، وأكد التقرير أن هناك نحو 2 مليون شيعى يمنى يقيمون فى السعودية من أجل استغلال المعابر الحدودية وعمل قاعدة لهم على أرضها، وهو ما يثير قلق المسئولين هناك لعلمهم بأنهم يهددون أمنها القومى. النقطة الثالثة لأهمية اليمن بالنسبة لإيران تكمن فى سيطرتها على مضيق باب المندب والتحكم فى حركة تصدير الأسلحة من قبل أمريكا والدول الغربية التى يمكن لإيران استغلالها كورقة ضغط لخدمة مصالحها مع الغرب، مشيراً إلى أن سيطرة الحوثيين على اليمن تعنى التحكم فى مضيق باب المندب الذى يربط خليج عدن والبحر الأحمر بقناة السويس والتى تتحكم فى حركة التجارة بين الشرق والغرب أى بين أوربا وآسيا وشمال أفريقيا، وهو ما سيصب فى النهاية لصالح إيران الراعية للحوثيين فى اليمن. النقطة الرابعة التى أوردها التقرير تشير إلى انتصار الصحوة الإسلامية فى البلدان العربية والتى تسير على نهج «الخومينى» والتى أطلق عليها التقرير مشروع «أم القرى» (وهى إحدى النظريات التى تجعل من إيران قائدة للعالم الإسلامى)، مشيراً إلى أن انتصار الحوثيين دلالة على ميلاد جماعة مماثلة لحزب الله تدين بالولاء لإيران وتحقق مشروعها فى المنطقة. وأخيراً فإن سيطرة الحوثيين على الوزارات السيادية باليمن سوف يغير المعادلات السياسية فى المنطقة، حيث إنه سيزيد من قوة الحركات الشيعية المعارضة التى وصفها ب«الثورية» داخل البحرين، التى تأمل إيران فى إسقاط نظامها لتكرار سيناريوهات العراق واليمن على أرضها. وبلغة المنتصر اختتم التقرير بأنه لا شىء أمام السعودية سوى الرضا بالأمر الواقع بعد حصار الشيعة لها، على حد تعبيرهم.. ليكشف عن نوايا إيران الاستعمارية وإن ما يسمى بالمد الشيعى لم تكن فزاعة يطلقها أنصار المذهب السنى لمنع النفوذ الإيرانى فى المنطقة.∎