التقارير الأخيرة التى وردت من مدينة عين العرب «كوبانى» أكدت أن تنظيم داعش تخطت وحشيته الحدود، وأعدم العشرات، إن لم يكن المئات، وقطع رءوسهم، حتى إن المدينة مليئة حاليًا بجثث البشر دون الرءوس، وفى أماكن أخرى تم نصب هذه الرءوس للعرض، لإثارة الذعر بين من تبقى فى المدينة، وفى مقابل ذلك يعيش أشخاص فى ألوية احتلتها «داعش»، قرروا العمل فيما يشبه تنظيمات حرب العصابات التى تهدف إلى الإضرار بداعش، بل نشر الرعب بين أعضاء التنظيم. هذه التنظيمات مقسمة لخلايا صغيرة بشكل مستقل، وهى تهاجم عناصر داعش بشكل مخطط له بل تقتل بعضًا منهم، وهم على معرفة أنهم لا يستطيعون تحرير المناطق التى احتلتها داعش، ولكن هدفهم هو إنشاء الخوف فى صفوفه. وهذه التنظيمات مسئولة عن سلسلة من الهجمات، من بينها بعض الهجمات القاتلة فى دير الزور، وقتل عشرة من مقاتلى داعش فى مدينة الميادين فى دير الزور، وإطلاق أحد الأشخاص المسلحين الذى يركب دراجة نارية النار على نقاط التفتيش التى تتولاها داعش وعمليات أخرى. أدت تلك العمليات بعناصر داعش إلى تغيير شكل سلوكياتهم، وهم يحاولون الآن التحرك من مكان لآخر فى ساعات المساء، فى مجموعات صغيرة بل وعلى دراجات نارية، وليس فى شاحنات صغيرة تميزهم، وذلك خوفًا من ضربهم من قبل المجموعات المسلحة. أحد هذه التنظيمات هو «الكفن الأبيض»، الذى يعمل فى منطقة شمال سوريا ويبلغ عدد أعضائه نحو 300 مقاتل، معظمهم لم يحمل فى حياته سلاحًا حتى صعود داعش، وقد اشتق اسم التنظيم من الأكفان البيضاء التى سيتم إدخال جثث مقاتلى داعش فيها بعد قتلهم. يقود «الكفن الأبيض» شخص كان قائدًا لإحدى مجموعات الثوار فى دير الزور، والتى قاتلت فى البداية ضد جيش ونظام بشار الأسد، ولكن فى النهاية تفككت تمامًا وهزمت فى المعركة ضد داعش، التى غزت المكان، وبحسب إدعاء عناصر التنظيم فقد قتلوا حتى الآن أكثر من مائة عنصر من داعش. بدأ «الكفن الأبيض» أيضًا بالاستعانة بشبكة الإنترنت، وقد افتتحوا صفحة فى شبكة تويتر، ويقومون برفع مقاطع الفيديو القصيرة والصور على الإنترنت، ويمكن فى بعض الصور أن نرى أنهم تعلموا قليلاً من داعش، وهم فى الواقع يقطعون رءوس بعض عناصر داعش. ويتكون فصيل الكفن الأبيض من سرية اغتيالات ومراقبة ومداهمة، إضافة إلى سرية إلكترونية مهمتها متابعة حسابات عناصر الدولة الإسلامية ومهاجمتها، إضافة إلى سرية إعلامية للتواصل مع الأهالى والتوثيق. وهذا الفصيل يقوم بعمليات نوعية ضد داعش ويستهدف مقراتهم الرئيسية بمفخخات، إضافة إلى ضرب التجمعات الصغيرة منهم من خلال قنص أفرادهم باستخدام أسلحة مزودة بكواتم صوت. الجدير بالذكر أن فصيل «الكفن الأبيض» يقتصر نشاطه على مدينة البوكمال فقط، ولكنه سيتوسع باتجاه المناطق الأخرى التى تحتوى على تجمعات للدولة. وتقول صحيفة الديلى ميل البريطانية إنه مع تنامى وحشية تنظيم داعش كل يوم، إلا أن التنظيم الإرهابى يهاجم من قبل فصائل مسلحة ومجموعات صغيرة من المقاتلين السوريين يستهدفون مقاتلى داعش ومعاقلهم فى شرق سوريا فى حملة حرب شوارع جديدة تهدف لبث الرعب بين صفوف مقاتليه. يقول قائد المجموعة الذى أطلق على نفسه اسم أبو عبود: إن «الكفن الأبيض» هى مجموعة تدعى أنها قتلت أكثر من 100 مقاتل فى هجمات على داعش فى دير الزور. وتسمية «الكفن الأبيض» التى أطلقت على هذه المجموعة تشير إلى المصير الذى ينتظر مقاتلى داعش عقابًا لهم على الجرائم التى ارتكبوها ضد السوريين الأبرياء، أبو عبود كان قائدًا لإحدى المجموعات المسلحة التى قاتلت قوات الأسد ولكن مقاتلى داعش الأفضل تسليحًا وتمويلاً قضوا على المجموعة فى بداية هذا العام. وفى الوقت الذى تخطط فيه الولاياتالمتحدة لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة للرئيس السورى بشار الأسد كجزء من استراتيجيتها لمواجهة تنظيم داعش، بدأت تظهر تلك الجماعات السورية الجديدة أن هناك خصومًا جددًا على الأرض. ويضيف أبو عبود الذى يرفض الكشف عن اسمه الحقيقى: «لا تأخذنا الشفقة فى التعامل مع الدولة الإسلامية، فحين نوقع بأى من أفرادها، فإننا لا نقوم سوى بتصفيته فى وقت لاحق، ونحن نعمل داخل وحول مدينة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية، وهى المنطقة التى تحظى بأهمية بالغة بالنسبة للعناصر التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية باعتبارها المنطقة التى تربط بين الأراضى التى تخضع لسيطرتها فى كل من سوريا والعراق، ويبلغ أعضاء جماعة الكفن الأبيض الآن نحو 300 عضو»، وتطارد مجموعات صغيرة من السوريين مقاتلى تنظيم داعش فى واحد من معاقلهم الرئيسية فى شرق سوريا فى إطار حملة جديدة لجماعات مسلحة بدأت كرد على الوحشية المتزايدة لداعش. وقال رئيس سرايا «الكفن الأبيض»: إن الهدف الرئيسى من الحملة هو زرع الخوف فى صفوف داعش. وتقول الجماعة إنها قتلت أكثر من 100 مقاتل من التنظيم فى هجمات بمحافظة دير الزور فى الأشهر القليلة الماضية. وقال زعيمهم أبو عبود فى مقابلة عبر موقع سكايب: إن الاسم يعكس الهدف، الكفن الأبيض يشير إلى كفن الموت الذى تقول جماعته إنه ينتظر مقاتلى داعش المسئولين عن جرائم ضد الشعب السورى. وكان أبو عبود الذى امتنع عن إعطاء اسمه الحقيقى لأسباب أمنية قائدًا لجماعة معارضة للأسد سحقتها داعش الأفضل تسليحًا وتمويلاً عندما سيطرت بالكامل على دير الزور فى وقت سابق من العام الحالى. والمجموعة الصغيرة التى يقودها الآن ليست فى وضع يتيح لها توجيه ضربة كبيرة إلى داعش. لكنها تفرض بالفعل تحديًا إضافيًا، فيما تستهدف الولاياتالمتحدة وحلفاؤها التنظيم بضربات جوية فى كل من سوريا والعراق. ولا تظهر سرايا الكفن الأبيض رحمة بداعش، وقال أبو عبود إنها عندما تخطف واحدًا من أعضائها فإن هذا يحدث فقط «لتصفيته» فى وقت لاحق، وتعمل سرايا الكفن الأبيض فى بلدة البوكمال وحولها عند الحدود العراقية وهى منطقة لها أهمية كبيرة لداعش كحلقة وصل مع الأراضى التى تسيطر عليها فى سوريا والعراق، وقال أبو عبود: إن 80٪ من أعضاء سرايا الكفن الأبيض لم يشاركوا فى القتال قبل أن تأتى داعش. دربناهم وانضموا إلى الكفن الأبيض بسبب القمع الكبير الذى يشعرون به بعد سيطرة داعش. كما قام مسلحو المقاومة الشعبية المسماة سرايا الكفن الأبيض بالهجوم على حاجز جسر العشارة بريف دير الزور شرقى سوريا، والذى يعتبر أحد معاقل تنظيم داعش وقتل العديد من عناصر التنظيم المتواجدين على الحاجز. «لن نستبدل مجرم بمجرمين، ولن نستبدل عصابة بمرتزقة»، كانت هذه الكلمات مقدمة خطاب وجهته سرايا الكفن الأبيض لأهالى مدينة البوكمال، مضيفن: «نحن أبناؤكم وإخوانكم من أهل المدينة والريف، مجتمعين على حب مدينتنا، ودفعوا الغالى والثمين وعشرات الشهداء ومئات الجرحى، وبيوت تهدمت، وعوائل تشردت، وبينة تحتية للمدينة دمرت، لكن ولله الحمد تحررنا».. كما تؤكد التقارير الإعلامية كذلك أن هناك «حالات ذعر كبيرة فى صفوف التنظيم فى البوكمال خصوصًا ودير الزور عمومًا، بسبب نشاط هذه الجماعة المتنامى الذى حصد منهم الكثير من القادة والعناصر، حيث تمكنت سرايا الكواتم، التابعة لهم من اغتيال قيادى فى تنظيم داعش يحمل الجنسية السعودية تكتم التنظيم عن إعلان مقتله، إضافة إلى خمسة عناصر آخرين كانوا برفقته فى مدينة البوكمال»، كما تبنت الجماعة على موقعها الرسمى استهداف المقر الرئيسى لتنظيم داعش فى بلدة العشارة شرقى دير الزور وحاجز للتنظيم أيضًا فى البلدة ذاتها فى وقت سابق، كما تبنت عملية خطف أحد عناصر التنظيم والاستيلاء على السيارة التى كانت بحوزته فى منطقة الميادين، واختطاف ثلاثة عناصر آخرين للتنظيم فى مدينة الرقة. وقال المتحدث الذى ذكر أن اسمه على البوكمالى إنه رغم مواردها المتواضعة فإن جماعة الكفن الأبيض حققت هدفها. وأضاف: «هدف هذه الجماعة تحقق وهو: نشر الخوف بين أعضاء داعش والآن لا تراهم يسيرون وحدهم. هم يتحركون فى مجموعات خوفًا من الخطف». والكفن الأبيض يتكون من سرايا، واحدة منها للمراقبة، الثانية للمداهمة، ثالثة لتنفيذ الاغتيالات، وأخرى إلكترونية للمتابعة، ثم مهاجمة حسابات عناصر تنظيم داعش دون أن ينسى الكفن الأبيض أهمية الإعلام والتوثيق، الرواية المتداولة، تحمل عناصر إثارة إضافية، إذ تتصف عملياته بالنوعية، كاستخدام المفخخات، والأسلحة المزودة بكواتم صوت، خلال عملية القنص، أو ضرب تجمعات داعش الصغيرة.∎