يشبهون أنفسهم بالأشباح البيضاء، وعلى الرغم من أن أعدادهم ليست بالكبيرة؛ إلا أنهم أثاروا الرعب والخوف فى نفوس التنظيم الأكثر دموية فى القرن الحادى والعشرين والمسمى ب «داعش».. إنه تنظيم «الأكفان البيضاء» المسلح الذى ظهر فى المناطق الريفية بمدينة « دير الزور» فى سوريا. «الأكفان البيضاء» الذى يضم مجموعة من المقاتلين معظمهم لم يحمل سلاحًا طوال حياتهم حتى بروز تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق، كانوا دائمًا ما يعتمدون على منهجية «الذئاب المنفردة» التى أرساها تنظيم القاعدة فى الدول الغربية، وهى عبارة عن تنفيذ عمليات فردية لكنها مؤثرة مثل الاغتيال والخطف والتفجير، وأطلقوا على أنفسهم هذا الاسم اشتقاقًا من الأكفان البيضاء التى سيكفن فيها جثث جهاديين داعش بعد قتلهم - على حد قول أعضائه. وبحسب تقديرات «المرصد السورى» المختص بمتابعة الجماعات المسلحة فى سوريا والعراق، فإن «الأكفان البيضاء» يتجاوز عدد مقاتليه 300 عنصر، أغلبهم من أبناء مدينة «البوكمال» الواقعة على الحدود السورية العراقية، 80 % من عناصر الكفن الأبيض لم يشاركوا فى القتال سابقًا، وقائدهم العسكرى يلقب ب«أبو عبود» الذى كان قائدًا لجماعة تقاتل الجيش السورى قبل أن يدمرها «داعش» بعد سيطرته على دير الزور، وهو ما دفع «أبو عبود» إلى تدريب جميع عناصر التنظيم استعدادًا لمواجهة «داعش»، متوعدًا له، ووعدًا بالقضاء عليه. ظهر التنظيم رسميًا فى 7 يوليو 2014 - بحسب صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك - واستطاع منذ نشأته قتل أكثر من 100 عنصر من داعش، حيث يعمل أعضاء التنظيم بسرية تامة على شكل خلايا، ونفذوا عددًا من عمليات خطف واغتيال وزرع عبوات ناسفة، واستهداف عدد من قادة وأمراء التنظيم فى البوكمال، وكانت أبرز هجمات التنظيم على «داعش» تمثلت فى كتائب تابعة للتنظيم تحت مسمى «سرايا الكواتم»، التى استهدفت المقر الرئيسى لتنظيم داعش فى بلدة العشارة ودير الزور ومدينة الرقة. وقد أدت تلك العمليات بعناصر داعش إلى تغيير شكل سلوكيّاتهم، وهم يحاولون الآن التحرك من مكان لآخر فى ساعات المساء، فى مجموعات صغيرة بل وعلى دراجات نارية، وليس فى شاحنات صغيرة تميزهم، وذلك خوفًا من ضربهم من قبل المجموعات المسلحة. وعلى غرار الحرب التى يقودها داعش إلكترونيًا لبث الرعب فى نفوس أهالى سوريا والعراق، استخدم «الأكفان البيضاء» صفحته على مواقع التواصل الاجتماعى، لنشر مقاطع الفيديو القصيرة والصور على الإنترنت، التى تُظهر قطع رءوس بعض عناصر داعش. أما المفاجأة الكبرى التى نكشفها فى هذا التحقيق، فهى إعلان التنظيم بتاريخ 20 سبتمبر الماضى على صفحتهم الرسمية اغتيالهم للقيادى الجهادى المصرى فى صفوف داعش «أبو يوسف المصرى»، والذى نشرت عنه «الصباح» قبل ذلك منذ انضمامه لحركة حازمون فى مصر، والذى أصبح أميرًا لولاية جرابلس فى سوريا، لكن بعد معاملته لأحد الأكراد المسنين بشكل غير محترم تم تنحيته من إمارة تلك الولاية ثم تم تأميره لولاية البوكمال، وبعدها تم قتله، حيث قال أعضاء التنظيم فى بيان أصدروه عقب اغتياله: رجال الأكفان البيضاء يرسلون أبو يوسف المصرى القائد الداعشى فى البوكمال إلى جهنم وبئس المصير». وكان المتحدث الإعلامى ل«الأكفان البيضاء» أكد لموقع «تحرير سورى»، أن التنظيم يتألف من عناصر سرية مهمتها تنفيذ اغتيالات ومراقبة ومداهمة، إضافة إلى عناصر سرية إلكترونية مهمتها متابعة حسابات عناصر الدولة الإسلامية ومهاجمتها، إضافة إلى عناصر سرية إعلامية للتواصل مع الأهالى، وتوثيق العمليات التى ينفذوها ضد «داعش» وتستهدف مقراتهم الرئيسية بمفخخات، إضافة إلى ضرب التجمعات الصغيرة منهم عبر قنص أفرادهم باستخدام أسلحة مزودة بكواتم صوت، موضحًا أنهم سيوسّعون نطاق عملياتهم باتجاه المناطق الأخرى التى تحتوى على تجمّعات للدولة وليس فى البوكمال فقط.