وزير الخارجية سامح شكرى أعلن فى الجرائد أنه يتبرع بنصف مرتبه لصندوق تحيا مصر.. كلام جميل وكلام معقول.. لكنه لم يعلن بالضبط إن كان هذا التبرع لمدة شهر واحد.. أم أنه ممتد إلى ما شاء الله.. وهل التبرع عن نصف المرتب شامل الحوافز والمكافآت وبدلات السفر بالشىء الفلانى وبالعملة الصعبة.. أم أنه بالعملة السهلة وبنت الحلال.. ولعلها فرصة لكى نتعرف على مرتب سيادة الوزير.. ولا أقصد مرتب سامح شكرى تحديدا.. وإنما مرتب جميع الوزراء.. ويقولون إن هناك مرتبات إضافية تدفع لهم من تحت الترابيزة.. فهل يصل ما يتقاضاه الوزير إلى عشرة آلاف أو عشرين ألفا.. أم أنه يتقاضى مائة ألف كل مطلع شهر؟! وزير الخارجية سامح شكرى تحديدا عمل لفترة طويلة فى سويسرا.. فى عهد سوزان وحسنى مبارك.. وهو يعرف طبعا أن سويسرا بها سفارتان وليس سفارة واحدة.. سفارة فى العاصمة برن.. ثم أخرى فى مكتب الأممالمتحدةبجنيف.. علاوة على قنصلية كبيرة فى مدينة جنيف.. ويا ريت يتخذ حضرة وزير الخارجية الفاهم لطبيعة الشغل هناك.. قرارا بالاستغناء عن أحد المكتبين على أن يقوم المكتب الآخر بالشغل المضاعف كما تفعل باقى الدول التى هى ليست غنية كالدولة المصرية.. سيادة الوزير يعرف طبعا أن المكتبين يكلفان الخزانة المصرية حوالى 2 مليون دولار شهريا.. ولا يعمل بهما سوى المحظوظين والمحاسيب من الدبلوماسيين المصريين.. ولو استطاع سيادة الوزير تنفيذ الاقتراح فسوف تكون ضربة معلم.. يوفر بها مبلغا محترما لصالح صندوق «تحيا مصر».
وأنتهز الفرصة لنسأل حكومتنا الرشيدة عن مصروفاتها وإنفاقها الزائد على الحد.. خصوصا أنها حكومة تطالبنا بالتقشف وربط الأحزمة فى حين تفتح خزائنها للمستشارين والخبراء والدبلوماسيين الذين يعملون خارج لوائح الحكومة.
الحكومة العاقلة تصرف المليارات - كانت ومازالت - على السيارات وأجهزة التكييف وتجديد المبانى من الخارج والداخل.. ورصف الأرصفة وواجهات المبانى بالرخام والسيراميك المستورد.. تصرف على مكاتب البهوات من وكلاء الوزارة ومديرى العموم والمحافظين مئات الملايين.. حالة من الرخاء والعز والفخفخة يعيشها المديرون والخبراء والمستشارون.. فى حين أن الموظفين بالداخل يعيشون الكساد والضيق والفقر الدكر!
تتحجج الحكومة لتبرر إنفاقها الزائد بأنها تدفع مرتبات لستة ملايين موظف.. والحقيقة نعم هى تدفع مرتبات بالشىء الفلانى.. لكن الستة ملايين موظف لا يلتهمون ثلث الإنفاق الحكومى.. الحكومة تعرف أن المرتبات تكفى للحياة تحت خط الفقر.. والإنفاق الأكبر يذهب للبذخ والفخفخة وشراء الأوراق والمكاتب والأحبار والأجهزة والأقلام.. وهو باب واسع لضياع المال العام.
بالبلدى الفصيح الحكومة تدلع نفسها بكام مليار جنيه فى صورة أجهزة تكييف بالهبل ومكاتب فاخرة وسيارات مستوردة.. ناهيك عن سيارات الحراسة التى تتصدر المواكب فى فشخرة من النوع الثقيل.. الوزير عندنا يأتى للشغل بسيارة تتبعها سيارتان على الأقل.. لزوم الحراسة والمنظرة وكيد العزال!
وعندى اقتراح نوفر به الملايين والمليارات لصالح صندوق تحيا مصر.. أن تصدر الحكومة قرارا جريئا بوقف الإنفاق العام على مكاتبها وسياراتها لمدة ثلاثة أعوام فقط لا غير.. أن تمتنع عن شراء أجهزة تكييف ودفايات وتوقف اعتمادات الورق والأحبار.. أن تعترض على مصاريف الشاى والقهوة لزوم مزاج البيه المسئول.. أن تقتصد فى صرف بدلات السفر بالشىء الفلانى لحضرة الوزير والحاشية والصحبة والشلة والأصدقاء.
ثلاثة أعوام فقط سوف نوفر فيها مائة مليار وأقطع ذراعى.. خصوصا أن إنفاق الحكومة على نفسها يلتهم ثلث الميزانية العامة لجمهورية مصر العربية!
ووالله العظيم لو أن الحكومة فعلت خطة التقشف فسوف يربط المواطن حزامه من جديد.. لن يطالب بعلاوة إضافية وسوف يتنازل عن مطالبه الفئوية.. وسوف تستعيد مصر رشدها من جديد.. وسوف تطبق ساعتها خططها للإصلاح الاقتصادى.. دون سلف أو معونات.. ودون أن يتبرع حضرة وزير الخارجية بنصف مرتبه.. والذى لا نعرف إن كان التبرع لشهر واحد.. أو لأجل غير معلوم!