قال رجل الأعمال سميح ساويرس إنه يترقب حدوث تطور نوعى فى مناخ الاستثمار فى مصر مثل غيره من المستثمرين من أجل البدء فى ضخ استثمارات جديدة، وأضاف فى تصريحات خاصة عبر اتصال هاتفى معه من اليونان، أن تصريحاته التى نقلتها عنه وكالة رويترز حول عدم تخطيطه ضخ استثمارات جديدة فى مصر فى ظل استمرار مشاكل المنظومة القانونية التى تعرقل الأداء الاقتصادى، كان يقصد بها على وجه الخصوص تلك الإجراءات القانونية التى تعصف بالوزراء والمسئولين فى آخر أيام الرئيس الأسبق مبارك. حيث أراد أن يمتص الثورة بالتضحية ببعض الوزراء، وأودت بعدد من الوزراء إلى السجن خلف القضبان فى ادعاءات بقضايا فساد وخاصة ما يتعلق بتخصيص الأراضى، وحصل بعضهم على البراءة ولكن بعد أن قضى شهورًا طويلة فى السجن ترتب عليها إشاعة موجة ومناخ عام من الرعب والخوف لدى المسئولين والوزراء لم يتم الخروج منها إلى الآن، حيث لم يتخذ أى وزير أو مسئول قرارًا لصالح الاستثمار، ويزعم كل مسئول أن هذا الأمر خارج سلطاته للهروب من اتخاذ القرار، ليستمر هذا الوضع منذ ثورة 25 يناير ويستمر حتى الآن رغم أن الآمال كلها كانت معقودة على انتهاء هذا الوضع مع وصول الرئيس وتولى منصبه.
وأضاف ساويرس: لقد كان سؤال وكالة رويترز لماذا لم تعلن حتى الآن عن ضخ استثمارات جديدة كما هو الحال بالنسبة لشقيقيك نجيب وناصف اللذين أعلنا عن ضخ استثمارات جديدة عقب انتخابات الرئاسة؟ وكانت إجابتى: أن مشكلتى أن مجال استثماراتى فى القطاعين العقارى والسياحى، وهو ما يحتاج بشكل أساسى تخصيص أراض لإقامة الاستثمارات ولكن لسوء الحظ أن هذين القطاعين الاستثمارات فيهما لا تزال متعطلة بسبب تهرب الوزراء والمسئولين عنهما من اتخاذ القرارات خوفا من الملاحقات القانونية التى أودت ببعض الوزراء السابقين فى هذين القطاعين إلى السجن.
∎ اقترحت على الحكومة فرض ضريبة إضافية بنسبة 5% لمدة 3 سنوات على أصحاب الدخول المرتفعة.. لماذا الاقتراح الآن، وألم تخش من انتقاد رجال الأعمال؟
- فى الحقيقة هذا الاقتراح استلهمته من تجربة ألمانيا عند الوحدة حيث فرضت ضريبة على الأغنياء لمدة 3 سنوات ثم تم مدها سنتين أخريين من أجل بناء ونهضة ألمانياالشرقية وحققت التجربة نجاحا كبيرا وقتها، خاصة أن الدولة تركت للممولين بدائل وخيارات إما التسديد للخزانة أو إقامة مشروعات خدمية فى ألمانياالشرقية، ولذلك عندما تقدمت عرضت الاقتراح على رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوى فقد عرضته بشكل كامل بمعنى أنه يتم فرض الضريبة لمدة 3 سنوات على من يصل صافى دخله مليون جنيه بعد دفع الضرائب للدولة، ويترك له الاختيار بين أن يقوم بتنفيذ أحد المشروعات الخدمية سواء فى التعليم أو الصحة أو المرافق العامة وفق قائمة الأولويات التى تحددها الحكومة، وبتسعيرة التكلفة لكل مشروع أو أن يقوم بسداد الضريبة للخزانة العامة فى حالة عدم رغبته فى تنفيذ أى من المشروعات لعدم وجود خبرات أو عدم وجود وقت ملائم للقيام بذلك.
والحقيقة أن أهمية هذه الضريبة متعددة الأبعاد والأهداف على المستوى الاجتماعى والمسئولية الاجتماعية والتكافل وتحمل الأغنياء وأصحاب الدخول المرتفعة الأعباء الأكبر لمساندة الاقتصاد وتجاوز الصعوبات الراهنة، وثانيا تعويد أصحاب الدخول المرتفعة على القيام بتنفيذ الأعمال الخدمية وحصاد مردودها الاجتماعى والتواصل مع الناس، ثالثا: توليد وتوفير فرص عمل هائلة تقدر بنحو ربع مليون فرصة عمل على أقل تقدير، إضافة لما يسهم به فى تحقيق رواج اقتصادى بدفع العمل فى مشروعات خدمية تحتاج إلى مواد بناء وتشييد وبناء، ورابعا طمأنة الممولين على أن أموالهم التى يدفعونها تذهب إلى خدمات مهمة للمجتمع دون إهدار أو سوء استخدام، وهو ما قد يدفع بعض الممولين إلى الاستمرار فى إقامة مشروعات خدمية حتى بعد انتهاء فترة هذه الضريبة المؤقتة.
∎ ما الفارق بين هذه المبادرة وضريبة الثروة بنسبة 5% لمدة 3 سنوات أيضا؟
- الأمر مختلف تماما بين الضريبة على الثروة وبين ضريبة ال5٪ على أصحاب الدخول المرتفعة والأغنياء لأن الضريبة على الثروة لا تزيد على ربع فى الألف فقط كما يتم تطبيقها فى سويسرا وفرنسا، ولكن فرض ضريبة 5٪ على الثروة بمثابة مصادرة لجزء من الثروة ويترتب عليه تهرب من الضرائب وهروب الأموال والاستثمارات وأضراره قد تكون أفدح من إيجابياته.
∎ ما رأيك فى التساؤلات التى طرحها البعض على شبكات التواصل الإعلامى حول وجود 8 مليارديرات فى بلد تصل فيه نسبة الفقر إلى 50% يمتلكون 160 مليار جنيه ضمن قائمة فوربس لأغنياء العالم؟
- أعتقد أنه سؤال فى غير محله والأصوب أن يكون السؤال: كيف حقق كل واحد من هؤلاء ثروته وهل التزم بالقوانين وساهم فى التنمية والاستثمار وتوفير فرص عمل، السؤال دائما لدى حتى الناس فى الشارع هو عمل فلوسه إزاى؟ إذا كان بالعرق والجهد فلا بأس بل بالعكس فهو أفاد المجتمع ويستحق التكريم، فهل من بذل جهده ونجح فى إقامة 30 فندقًا مثلا أفضل أم الذى أقام فندقًا واكتفى بذلك؟ أيهما أفاد الاقتصاد والمجتمع.
ثم تعال نتحدث عن أمر آخر وهو أن معظم الشخصيات المصرية التى تضمنتها قائمة فوربس لأغنياء العالم قاموا بمشروعات فى دول عديدة منذ سنوات طويلة وليس مصر فقط بعد أن وصلت مشروعاتهم إلى الذروة داخل مصر، وبالتالى فهم خرجوا إلى العالمية وحققوا أرباحًا طائلة فى الأسواق الخارجية كما هو الحال للشركات العالمية الأخرى، أم أن المطلوب هو أن تظل الشركات المصرية محدودة وداخل السوق المصرية فقط؟
أنا شخصيا أعتقد أن المعيار يجب أن يكون فى محاسبة أى رجل أعمال كيف كون ثروته وهل أفاد الاقتصاد والتزم بالقوانين ودفع ما عليه من الضرائب إلى جانب بالطبع المسئولية الاجتماعية والتى أراها أساسية.
وعلى فكرة أحب أن أطمئن جميع من تساءلوا عن ثروات هؤلاء أنهم خضعوا لمراجعات وتفتيش يفوق الوصف من قبل جميع الأجهزة المعنية فى مصر عقب ثورة 25 يناير.
∎ ولكن المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال تكاد تكون غائبة فى مصر؟
- أعتقد أن المسئولية الاجتماعية هى الباب الملكى الذى يوطد من خلاله رجل الأعمال الناجح مشروعيته فى المجتمع، وهى بالا شك فى رأيى أساسية، وتمثل إرجاع جزء من الثروة التى حققها رجل الأعمال فى شكل تبرعات وإقامة مشروعات خدمية تعليمية وصحية لصالح المجتمع الذى وفر له البيئة والمناخ لكى ينجح فى تكوين ثروته، وفى نفس الوقت المسئولية الاجتماعية من خلال إقامة مشروعات تنمية اجتماعية وتبرعات ومساهمات للجامعات والتعليم، وهو ما من شأنه تقليل الاحتقان والكراهية وتعزز الاستقرار الاجتماعى.
وهذا الأمر أعتبره من صميم اقتصاد السوق الحرة الذى يمثل منظومة متكاملة من ضمنها المسئولية الاجتماعية للشركات والتنمية الاجتماعية والتبرعات معظم إن لم يكن كل الجامعات الأمريكية تصل ميزانياتها مليارات عديدة من التبرعات، مثلا جامعة هارفارد ميزانياتها 50 مليار دولار.
∎ على المستوى الشخصى.. ما الدور الاجتماعى الذى تقوم به؟
- لا أحب أن أتحدث عن هذا الأمر حتى لا يساء فهمه، ولكن من يريد ان يعرف مساهماتنا فى التنمية الاجتماعية عليه أن يتابع دور مؤسسة ساويرس للتنمية، وإن كنت أود أن أشير فقط إلى استضافة فرع جامعة برلين بالجونة بنفقاتها، وهو أول فرع لها خارج ألمانيا، علما بأن الجامعة تتحمل مصاريف الطلاب المتفوقين.
∎ ولكن وفقا لآراء اقتصاديين فى مؤسسات دولية فإن السياسات الاقتصادية بمصر على مدى العقود الثلاثة الماضية كانت لصالح الأغنياء؟
- أنا موافق على ذلك وأشعر بتعاطف كبير مع العمال والفئات العريضة فى المجتمع، لأنه طوال ال30 سنة الماضية تم إهمال كبير للخدمات الأساسية والرعاية الصحية والتعليم، والدخل الحقيقى لم تطرأ عليه زيادة للنسبة الأغلب من فئات المجتمع.
∎ هل توافق على مقولة مجتمع ال7% فقط الذين يستحوذون على النسبة الأغلب من الناتج المحلى الإجمالى؟
- نعم أنا أؤيد هذه المقولة ولكن مجتمع ال 20 ٪ لأن نحو 80 ٪ من المجتمع لم تتحسن أحوالهم المعيشية طوال السنوات الماضية، وأن الثروة تتركز فى يد نسبة ضئيلة من المجتمع، وإن كان تركز الثروة موجودًا فى غالبية الدول حتى الولاياتالمتحدة ولكن مع وجود مستويات معيشية جيدة للمواطن وخدمات أساسية جيدة أيضا، والحقيقة أننى لا أجد مبررًا على الإطلاق فى أن تقوم الحكومة بمشروعات الكبارى وأنفاق للمنتجعات الفاخرة فى بعض المدن قبل أن تقوم بضخ استثمارات ضخمة فى مشروعات الخدمات الأساسية والصرف الصحى والتعليم والرعاية الصحية التى تستفيد منها الفئات العريضة من المجتمع.
∎ هل تتحمل الأيدى المرتعشة المسئولية الأكبر فى التباطؤ الاقتصادى؟
- أنا لا أبالغ فى هذا الأمر وعليك أن تسأل أيًا من المستثمرين فمنذ أن بدأت فى العمل وممارسة نشاطى فى مصر لم نواجه بمثل هذه الظاهرة ليس هناك مسئول يود أن يتخذ قرارًا، وبدن مبالغة الغالبية العظمى من الشركات والمؤسسات سواء الخاصة أو قطاع الأعمال العام التى تعمل فى السوق لم تنجح فى الحصول على قرار من أى جهة حكومية، وهذا أكبر عائق للنشاط الاقتصادى على الإطلاق، إذ كيف تسير عجلة الاقتصاد وفترة إصدار أى قرار أو الحصول على موافقات تستغرق 10 أضعاف الوقت الذى كان قبل الثورة، ناهيك عن أن تقارير المؤسسات الدولية كانت تشتكى من طول الفترة فى السابق! و50٪ على الأقل من القرارات والموافقات المهمة لتيسير النشاط الاقتصادى لا تجد من يوقعها، وشخصيا لأول مرة أجد هناك وكلاء وزراة يجهرون أمام الوزير بأنهم لن يوقعوا على أى قرار ويبررون ذلك بأنهم لا يودون أن يدخلوا السجون مثل موظفين تم إقحامهم فى قضايا بسبب بلاغات كثيرة منها يستند على قوانين بالية ولا يوجد لها مثيل فى أى دولة فى العالم، كيف يمكن أن يحاسب الموظف العام على قرار اتخذه طالما لم يحقق من ورائه مكاسب أو يتربح من ورائه بشكل مباشر أو غير مباشر، فالطبيعى أن أى مسئول معرض أن يتخذ قرارًا خاطئًا ضمن سلسلة القرارات التى يتخذها خلال سنوات عمله، فكل من يعمل معرض للخطأ ولكن العبرة بتربحه من عدمه كما يحدث فى دول العالم.
∎ يبقى السؤال المهم.. كيف يمكن حماية المال العام؟
- حماية المال العام أمر أساسى لا يعترض عليه أحد طالما أنه يسعى إلى العمل وفق القوانين وبشكل شريف ولكن هذا لا يجب أن يحول بأى شكل عن تنقية القوانين وحماية الموظف العام الذى يتخذ قرارات عديدة بحكم الوظيفة، وقد يكون من بين هذه القرارات ما هو غير صائب وهذا طبيعى طالما الإنسان يعمل ولكن لا يجب وضعه خلف أسوار السجن طالما لم يتربح بشكل مباشر أو غير مباشر من وراء ذلك، وأقول بكل صراحة: مالم نحل هذه المسألة فلا جدوى من الحديث عن جذب الاستثمارات، وسنقضى على فرص الاقتصاد فى التقدم وخلق فرص العمل، والحقيقة أنه لا مفر من العمل بسرعة لتهيئة مناخ الاستثمار لأنه استحالة أن نعيش على المنح والمساعدات.
∎ من واقع خبرتك فى مجال الإسكان الاجتماعى فى مصر وبعض الدول.. ما تقييمك لمشروع بناء مليون وحدة سكنية؟
- هذا مشروع جيد جدا وله مردود اقتصادى كبير إلى جانب المردود الاجتماعى، حيث سيسهم فى توفير فرص عمل كثيفة أمام الشباب نحو مليون فرصة عمل، كما ينعكس إيجابيا فى تنشيط الطلب على مواد البناء وإعطاء فرص لشركات المقاولات المصرية لتنفيذ المشروع، حيث إن الشركة الإماراتية ستشرف على التنفيذ فقط، والحقيقة أن اختيار دولة الإمارات للتوقيع على برتوكول تنفيذ المشروع مع الجيش يؤكد جديتهم وعزمهم على الإسراع فى التنفيذ، لأنهم لو وقعوا مع الحكومة كان كتب على المشروع الفشل بسب العوائق البيروقراطية التى لا تنتهى ولا تجد من يعالجها، ولكن الجيش لديه القدرة على سرعة اتخاذ القرارات وتيسير الإجراءات.
ودعنى أشير إلى أحد أبرز العقبات الحالية أمام الاستثمار والتى تتعلق بقضية تخصيص الأراضى أصبحت فى حكم المستحيل، فعلى سبيل المثال بعد أن نفذنا المرحلة الأولى من مشروع الإسكان الاجتماعى لا نجد حاليا جهة تستطيع تخصيص أراضى المرحلة الثانية التى تم الاتفاق بشأنها بالفعل قبل تنفيذ المرحلة الأولى، مما أدى إلى توقف المشروع.
∎ هل يمكن أن نتعرف على تفاصيل مبادرة بناء ألف مدرسة التى طرحتها؟
- بإيجاز هذه مبادرة أساهم فيها بضخ 350 مليون جنيه كما سيشارك فيها مؤسسات تمويل دولية منها بنك الاستثمار الأوروبى والبنك الدولى ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، وسيتم تمويل المشروع بنظام البى بى إى المشاركة بين القطاع الخاص والحكومة بهدف مساعدة الدولة فى قضية التعليم التى تمثل أهم وأبرز المجالات التنموية ذات العائد الكبير اقتصاديا واجتماعيا وعلى تنمية الموارد البشرية، وسوف يكون العائد على التمويل لا يتجاوز العائد على أذون الخزانة فقط من منطلق المساهمة فى تمويل المشروعات التنموية ذات العائد الاجتماعى.
∎ ما الروشتة التى تقترحها لسرعة تعافى الاقتصاد؟
- إلغاء الدعم على الوقود فلم يعد مقبولاً إطلاقا أن يحصل الأغنياء وأصحاب الملايين على سعر البنزين والكهرباء مدعومة، هذا إهدار للموارد المحدودة، وفى ظل عجز للموازنة العامة غير ممكن استمراره، لكن ليس قبل أن تصارح الحكومة المجتمع بخطورة الوضع الاقتصادى، وسبل إنفاق أموال الدعم فى مشروعات تنموية فى التعليم والصحة والصرف الصحى ومياه الشرب لصالح الفئات الفقيرة، من أجل تلاشى أية ردود أفعال قد تعطل مسيرة الإصلاح بأكملها.
والأمر الثانى هو العمل على جميع المستويات لعودة الأمن والاستقرار، وثالثا تنقية القوانين وإصدار التشريعات الاقتصادية الحديثة وحماية الموظف العام، ولا أقصد تحصينه، بما يفتح المجال أمام انطلاق الاقتصاد وتدفق الاستثمار، والحقيقة هذه مسئولية الرئيس الجديد الذى لن يكون أمامه خيار سوى العمل من أجل تعافى الاقتصاد وعودة الأمن والاستقرار وجذب الاستثمار لتحقيق أهداف الثورة.