بدأت المملكة العربية السعودية فى اتخاذ خطوات جادة ومتسارعة فى حشد جميع الجهود لنجاح مؤتمر المانحين الذى دعا إليه العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز والمقرر عقده فى مدينة شرم الشيخ شهر نوفمبر المقبل، وعلمت «روزاليوسف» أن البنك الإسلامى للتنمية الذى يضم 56 دولة هو الأقرب لإدارة برنامج المؤتمر الذى من شأنه أن يعين مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية الراهنة، ومساعدتها على تجاوز معوقات التنمية بشراكة خليجية وتعاون دولى، عبر تقديم حزمة برامج تنموية مستدامة بهدف كسر حلقة التراجع المتراكم للاقتصاد المصرى الذى يعانى من أزمة حقيقية ويحتاج إلى تدخل من خارج آلياته، لتقديم الدعم والمنح اللازمة لإعادة بنائه، وتفعيل خطط التنمية حتى يعبر من عنق الزجاجة ويبدأ مرحلة الانطلاق الاقتصادى. وهذا يعنى أن مؤتمر المانحين لن يكون مجرد مؤتمر لتقديم منح ومساعدات للاقتصاد المصرى فحسب، لكنه سوف يعنى بطرح ثلاثة مشروعات استثمارية كبرى لدعم التنمية الاقتصادية فى مصر، تقدر استثماراتها بنحو 200 مليار دولار، وهى مشروع ممر التنمية، وتقدر تكلفته بنحو 65 مليار دولار، ومشروع محور قناة السويس، ويعد من أهم المشروعات التنموية فى مصر، وسوف يحقق عائدا لمصر يقدر بنحو 100 مليار دولار سنويا، ومشروع منخفض القطارة، وتقدر تكلفته بنحو 30 مليار دولار، وهو من المشروعات الواعدة زراعيا وصناعيا وسياحيا. وتعكف الحكومة المصرية حاليا على الانتهاء من إعداد المخططات والدراسات الخاصة بتلك المشروعات، لتقديمها إلى مؤتمر المانحين الذى سيكون على غرار مشروع مارشال، الذى انتشل الاقتصاد الأوروبى من كبوته بعد الحرب العالمية، إلى جانب عدد من المشروعات التنموية الأخرى، كما ستقوم الحكومة المصرية بطرح عدد من المشروعات التنموية الكبرى بشكل مباشر على دول الخليج الثلاث، السعودية، الإمارات، الكويت لتمويلها بحوالى 50 مليار دولار موزعة على 5 سنوات مثل: تطوير قرى الظهير الصحراوى، والاستثمار فى المشروعات التى ستقام على طريق الصعيد- البحر الأحمر، وتمويل مشروعات فى مجالات الطرق والكبارى، والنقل، والرى، والاستثمار الزراعى ومشروعات سياحية، وزراعية فى الساحل الشمالى، ومشروعات للإسكان الاجتماعى.
ويأتى التحرك الخليجى الذى يقوده الملك عبد الله بن عبد العزيز لدعم مصر ومساعدتها على عبور الأزمة التى تعانى منها منذ 25 يناير 2011 من منطلق كما يقول، رئيس تحرير جريدة عكاظ الدكتور هاشم عبده هاشم إن بعض الدول تنظر إلى هذه المساعدات على أنها جزء من أمنها القومى، وأداة من أدوات سياستها الخارجية الناجحة، وبالتالى فإنها تربط بين سلامتها فى الداخل وبين تأمينها للخارج لأنها تدرك أن تقديم مساعدات كبيرة لدولة من الدول تساعدها على إصلاح أوضاعها، وتطوير أوجه الحياة فيها.. ورفع مستويات العيش بها، أو تقويتها عسكريا وأمنيا هو أقل تكلفة مما لو تركت تلك الدول والمجتمعات فى العراء، ونهبا للصراعات، والفتن، أو ملعبا مفتوحا يدخل فيه جميع المغامرين، ويخترقونه لتحقيق مصالح وأجندات حيوية بالنسبة لهم فى تلك الدول، وأن ماتقوم به المملكة العربية السعودية الآن تجاه شقيقتها مصر العربية، يؤكد أن بلادنا تعرف متى؟، وكيف؟، ولماذا تتحرك وتبادر؟ ليس فقط لأن مصر هى شقيقتنا الكبرى، وإنما لأن الحسابات الدقيقة بأبعادها السياسية، والأمنية، والاجتماعية توجب وقفة كهذه، لاسيما أن الدفاع عن مصر، هو دفاع عن مصير مشترك لأمة تتعرض لتهديدات حقيقية وجادة، كما أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى، أن هناك تجاوبا كبيرا مع دعوة العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى مؤتمر المانحين، معبرا عن اعتقاده أنه سوف يكون هناك تضامن كبير مع الشقيقةئمصر، وهذا ليس بمستغرب، فمصر لها تأثيرها فى الساحة العربية والساحة الأفريقية والساحة الدولية، وكل الناس يتمنون الخير لمصر، ومصر بلد إشعاع والمساعدات التى تأتى لمصر وتنمو مصر منها ستعم المنطقة وستفيد غيرها من الدول، وهذا يعبر عن مدى حرص خادم الحرمين الشريفين على ضبط الوضع فى الدول المهمة فى العالم العربى، وهذا ما يفسر الموقف الصلب الذى يقفه خادم الحرمين الشريفين مع مصر الشقيقة، لأنها هى عماد من أعمدة الصمود العربى.
وكان العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبد العزيز قد أطلع الرئيس عبد الفتاح السيسى على جميع الترتيبات المتعلقة بمؤتمر المانحين خلال الزيارة الخاطفة التى قام بها مؤخرا إلى القاهرة لتهنئة الرئيس السيسى بتوليه منصب رئيس الجمهورية، تلك الزيارة التى تركت القبلة التى طبعها الرئيس السيسى على رأس ضيفه الكبير احتراما وتوقيرا جدلا واسعا فى الشارعين المصرى والسعودى، إذ تلقتها الأغلبية بتقدير وامتنان يدل على تقدير وتوقير الرئيس السيسى لضيفه الكبير، وتحليه بالأخلاق العربية الأصيلة، بينما الأقلية وهم من شراذم الإخوان ذهبوا بعيدا فى تأويلات لا تتسم بالحياء، أو الأدب، ولا تتسق مع تعاليم الدين الإسلامى الحنيف، وقد أفردت الصحف السعودية مساحات واسعة للاحتفاء بالسيسى، ورصدت صحيفة «سبق الإليكترونية» الشهيرة آراء عدد من الكتاب فى تقرير موسع أجراه كبير محرريها الصحفى محمد الطاير، تحت عنوان، سعوديون يثمنون موقف الرئيس المصرى: أيها البطل.. لا يحترم الكبار إلا الكبير، قُبلة السيسى تغضب «الإخوانيين» القابعين فى «قواقع» الأحلام العثمانية، وعلق أحد القراء باللهجة المحلية بقوله: والله السيسى يستاهل أحلى قبلة على راسه، من جد صورة يقشعر لها البدن، الله عليك ياسيسى بطل ورجل واثق من نفسه أن هذه القبلة لن تنزل من قدره كرئيس دولة، إن شاء الله يكون تحالفنا مع مصر أزلى خصوصاً أنها جارتنا وعلى حدودنا البحرية، فيما قال آخر: نشكر فخامة الرئيس على تقبيل رأس والده الملك عبدالله وهذا خلق إسلامى رفيع.. وهو احترام الكبير.. أما الإخوان فقد ولى عهدهم ويكفى أن علماءنا الربانيين تبرأوا من منهجهم.. ابحث فى يوتيوب واسمعوا ما الذى يحاك ضدكم من الإخوان المسلمين فى السعودية، وعلق ثالث:
شكرا أبو متعب على ما قمت به من واجب الوفاء لمصر وشعبها والشكر موصول لعبدالفتاح السيسى الذى قابل الوفاء بالوفاء ولا عزاء لأعداء الأمة العربية أينما كانوا.
حفظ الله المملكة العربية السعودية بيت العرب الكبير وحفظ أرض الكنانة من كل سوء.
وقال آخر: تبوس رأس شخص كبر أبوك هذى ما يعرف معناها ولا يسويها إلا واحد أصيل من عائلة أصيلة، وعلق مشارى بقوله: كل الشعب السعودىئيقبل رأس الرئيس عبد الفتاح السيسى، ويقول: أيها البطل لا يحترم الكبار إلا الكبير. الله يحفظ مليكنا فى حله وترحاله، اللهم احفظ آل سعود.
تفاعل وتقدير كبير من الشعب السعودى بنخبه وعامته للحفاوة التى استقبل بها الرئيس عبد الفتاح السيسى ضيفه الكبير والاستثنائى خادم الحرمين الذى آل على نفسه رغم الهرم والمرض إلا أن يذهب لتهنئة رئيس مصر الجديد، محيى أمل العرب فى الخلاص من المؤامرات التى تحاصرهم من كل جانب.. إن دول الخليج تعول الكثير على مصر التى لم تتخلف يوما فى استنهاض عزيمتها، والتخلص مما يكبلها، وشحن طاقتها من جديد من أجل صيرورة التاريخ التى تحتم أن تحيا الأمة أبية حرة وعزيزة كريمة.