تابعنا كما تابع كل المصريين الأسبوع قبل الماضى عمليات إزالة التعديات على الشوارع والأرصفة من قبل الباعة الجائلين وأصحاب المحلات، والحقيقة أننا سررنا جميعا لما رأيناه من تحرك قوى من جانب الحكومة الجديدة وصدق عزمها على عودة هيبة الدولة مرة أخرى بعد غيابها طيلة السنوات الثلاث الأخيرة. وقد قامت وسائل الإعلام المختلفة وقتها بتسليط الضوء على ما يحدث من عمليات تطهير للشوارع والأرصفة، وهناك الكثيرون من الإعلاميين الذين هللوا لهذه العملية وبجلاء الباعة الجائلين وتحرير الأرصفة من الاحتلال.
وأكثر ما أسعدنا وأدهشنا فى نفس الوقت ذلك المشهد الذى رأينا فيه رئيس وزراء مصر ووزير الداخلية وهما يتحدثان بنفسيهما مع الباعة الجائلين وذلك لإقناعهم بترك الأرصفة بدلا من العودة إلى أساليب النظام السابق .
ولم نصدق أنفسنا حينما رأينا الباعة الجائلين وهم يرفعون بضائعهم ويجلون عن الرصيف ولأول مرة نرى ملامح أرصفة وسط البلد، ولكن يا فرحة ما تمت فلم يستمر هذا المشهد أكثر من 12 ساعة فقط ففوجئنا فى الصباح الباكر بعودة الباعة الجائلين مرة أخرى لاحتلال الأرصفة وللأسف لم نجد أى ردة فعل من جانب الحكومة وكأن الحكومة قد اختارت العودة إلى مرحلة الدولة الرخوة مرة أخرى!
ثم تواترت الأخبار بعد ذلك عن عزم الحكومة تخصيص أماكن لهؤلاء الباعة فى جراج الترجمان بمنطقة رمسيس. الكلام جميل ولكن «الحقيقة الغائبة» عن الحكومة هى أن مشكلة هؤلاء الباعة ليست فى إيجاد مكان بديل لهم وإنما هو ذلك المكان تحديدا «وسط العاصمة» فهو المكان الذى تأتى منه الأرباح الطائلة والمبيعات الرهيبة نظرا لوجود كثافة من البشر وهى بطبيعة الحال سوق رائجة لا جدال فى ذلك والباعة أنفسهم يدركون ذلك.
الأيام القادمة ستثبت أن هؤلاء الباعة سيأخذون أماكن لهم فى جراج الترجمان ثم سينزلون مرة أخرى إلى الشارع لأن معظم هؤلاء الباعة ليسوا ناس غلابة وإنما وراء هؤلاء الغلابة تجار وبلطجية ولهم أيضا من داخل جهاز الشرطة من يساعدونهم نظير شهرية تدفع لهؤلاء الفسدة من رجال الشرطة فويل لمن يمس ذلك المولد العظيم!
فهل ستعجز الدولة عن التعامل مع ذلك الملف؟! نقول وقتها: مرحبا بعودة الدولة الرخوة!