لن يتوقف الجدل حول أحكام الإعدام فى الساحتين المصرية والعالمية، هذا الجدل الذى جعل وزير العدل، يعقد مؤتمرًا صحفيًا ظهر الأربعاء الماضى معترضا على التعليق على الأحكام القضائية، مؤكدا رفض جميع قضاة مصر ووزارة العدل تدخل أى جهة أو دولة أجنبية فى شئون مصر الداخلية فى انتقادات للأحكام القضائية الصادرة من المحاكم المصرية، وطالب الوزير باحترام الأحكام القضائية وعدم التعليق عليها لوجود طرق قانونية للطعن عليها من خلال محكمة النقض. الوزير أكد أن غالبية من صدرت ضدهم أحكام بالإعدام أو إحالة أوراقهم للمفتى وتمت محاكمتهم غيابيا وفى حالة محاكمتهم حضوريا من حقهم الدفاع عن أنفسهم أمام المحكمة ومن واجب المحكمة السماع إليهم بإعادة إجراءات نظر القضية مرة أخرى أمام ذات المحكمة. هذا الجدل جعل وزير الخارجية «نبيل فهمى» أثناء زيارته لأمريكا يرد على جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية عندما علق على حكم إعدام الإخوان وقال إن السلطة التنفيذية فى مصر لا دخل لها بالسلطة القضائية مؤكدا أنه لاتعليق على الأحكام!
∎ أمريكا وبعض الدول الأوروبية المعترضة على الأحكام طبقت المثل المصرى الأصيل الذى قال أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب بجدارة.
من جانبه قال المستشار عبدالعظيم العشرى مساعد وزير العدل والمتحدث الرسمى للوزارة إن أحد المبادئ الأساسية لأى نظام ديمقراطى هو مبدأ الفصل بين السلطات والتأكيد على استقلالية القضاء وعدم تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية وعدم جواز التعقيب على أحكام القضاء بتاتا سواء من جانب أطراف داخلية أو أطراف خارجية أيا كان، لأن هذا يمثل مساسًا باستقلال القضاء.
ولا بد أن نؤكد - والكلام للمستشار العشرى - على إن المتهمين جرى محاكتهم أمام محكمة عادية وأمام قاض طبيعى وليس أمام محكمة استثنائية وأن القاضى أصدر الحكم بعد سماع شهادة الشهود وأن من حق المتهمين الطعن على الحكم أمام محكمة النقض.
محمد زارع المحامى ورئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى قال لنا إن العالم يحترم القضاء المصرى ومصر عضو فى الأممالمتحدة، وعضو فى الغالبية العظمى فى المنظمات العالمية ولا يوجد تدخل فى السلطة القضائية ولكن القضاء كمؤسسة فى الدولة من الممكن يحدث فيها أخطاء مثل حكم محكمة جنايات المنيا بإعدام 73 إخوانيًا.
والمشكلة ليست فى الحكم بالإعدام فأنا والكلام مازال لزارع أؤيد حكم بإعدام أى شخص قتل أو خرب المهم قبل الحكم أن تتخذ المحكمة الإجراءات القانونية والخطوات الإجرائية التى تتخذ قبل إصدار الحكم فى أى قضية ولا بد أن يعطى القاضى للمتهم حق الدفاع عن نفسه والإطلاع على المستندات وفض الأحراز ومشاهدة الفيديوهات كما يحدث مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك الذى مازال يحاكم منذ أكثر من عامين والرئيس السابق محمد مرسى الذى مازال يحاكم منذ أكثر من ثمانية أشهر، ولكن للأسف كل هذا لم يحدث قبل أن يصدر الحكم بالإعدام على 73 من محكمة جنايات المنيا فالحكم بالإعدام صدر من أول جلسة.
المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة استئناف القاهرة قال لنا المحظور قانونا والواجب العقاب عليه هو التعليق على إجراءات المحاكمة سواء بتوجيه الرأى العام أو خلق ضغوط إعلامية على القضاة والمحققين، وحذر المشرع صراحة من ذلك حرصا على حيادية إجراءات التحقيق والمحاكمة وعدم خلق محاكمات موازية فى القضائيات والصحافة من شأنها زعزعة ثقة المواطنين فى القضاء الذى عهد إليه الدستور بتحقيق رسالة العدل.
ويقول الخطيب أما بعد صدور الأحكام فمن الطبيعى أن يتم تداولها ومناقشتها فى الأوساط الشعبية المعنية بالشأن العام والأوساط القانونية المختصة بالقانون والأوساط العلمية والبحثية التى تقوم بالاستعانة بالأحكام لشرحها وتوضيح الفقه القانونى المستند إليها.
ومن الطبيعى كما يقول الخطيب أن الأحكام لا ترضى جميع الأطراف لأنها تصدر فى مصالح متعارضة ومتضاربة وليس لها سوى منطوق واحد ووجه واحد يلقى القبول من طرف والرفض من طرف آخر، وأكد المستشار أن ظاهرة التعليق على الأحكام تجسدت بصورة واضحة فى مصر فى الفترة الأخيرة عندما كانت تخرج بعض الأصوات وتهلل بأحكام قضائية ترى فيها مصالحها وتشيد بالقضاء وبعد ذلك عندما تصدر أحكام تتعارض معها يتغير المشهد تماما إلى استهجان ورفض وهو ما يؤكد أن التعامل مع الأحكام يتم بصورة انتقائية حسب مصلحة المتلقى وهذا الأمر لا يمكن السيطرة عليه أو إيقافه، أما على الصعيد الرسمى والقانونى فإن الاعتراض على تلك الأحكام وحتى ينتج أثره يجب أن يكون من خلال الطعن عليها بالقواعد المقررة قانونا حتى يتم تعديلها أو إلغاؤها.
وقال المستشار الخطيب بالنسبة لتعليق الدول الأجنبية على الأحكام التى يصدرها القضاء المصرى فالموضوع له شقان.. شق خارجى لا يمكن السيطرة على التصريحات الصادرة من تلك الدول وعلى الدولة المصرية من خلال وزارة الخارجية ودبلوماسييها الرد على تلك التصريحات، أما الثانى فهو الداخلى ويتعلق بأبناء الوطن الذين يتعين عليهم الوقوف فى مواجهة تلك التصريحات الصادرة من الدول الأجنبية!