أمي –رحمة الله عليها– كانت تقول لي دومًا: "حبب الله فيك خلقه"، وهو الدعاء الذي بالتأكيد كانت والدة الكابتن الكبير حسن شحاتة تدعو الله به لابنها، فالرجل الذي اجتمع المصريون على حبه لم يكن مجرد لاعب أو مدرب ناجح، بل كان رمزًا للخلق والوفاء والانتماء للوطن. الوعكة الصحية التي ألمّت ب"المعلم" مؤخرًا أيقظت في قلوب المصريين مشاعر التقدير والحنين إلى زمن جميل، حيث صدحت مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوات له بالشفاء، وتدفقت زيارات الحب والوفاء إلى المستشفى الذي يرقد فيه نجمنا الكبير. كان في مقدمة الزائرين من رموز الكرة المصرية الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، ووفد من لاعبي الأهلي بقيادة الكابتن وليد صلاح الدين، مدير الكرة بالنادي، والكابتن حازم إمام، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة سابقًا، وإبراهيم حسن، ومجدي عبد الغني، وأحمد حسن، ومحمد زيدان، إلى جانب نجوم جيله مثل فاروق جعفر، وغيرهم ممن تتلمذوا على يديه أو شاركوه الإنجازات. وعلى المستوى الرسمي، كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بزيارة المعلم شحاتة في المستشفى ومتابعة حالته الصحية حتى تمام التعافي. حسن شحاتة لم يكن يومًا مجرد مدرب ناجح، بل كان صانعًا لفرحة وطن. فقد قاد المنتخب المصري لتحقيق ثلاث بطولات أمم إفريقيا متتالية (2006 – 2008 – 2010)، في إنجاز لم يسبقه إليه أحد في القارة السمراء، وترك بصمة لا تنسى في تاريخ الكرة المصرية والعربية. تحت قيادته، عرفت الجماهير معنى الأداء الرجولي والانضباط التكتيكي والروح القتالية، وكانت كلمته الشهيرة "اللعب للمنتخب شرف ومسؤولية" بمثابة دستور لجيلٍ ذهبي لم ينسَ حتى اليوم. ورغم اعتزاله التدريب وابتعاده عن الأضواء، بقي المعلم حسن شحاتة حاضرًا في وجدان المصريين كأبٍ روحي للكرة الجميلة، وإنسان جمع بين الحزم والتواضع، بين القوة والرحمة. لذلك لم تكن موجة الحب الأخيرة سوى انعكاس لما زرعه من طيبة ووفاء في قلوب الناس على مدى عقود. لقد صنع حسن شحاتة إرثًا إنسانيًا لا يقل قيمة عن إنجازاته الرياضية. فكل من تعامل معه يروي عن إنسان قبل أن يكون مدربًا، رجل يحرص على غرس القيم قبل المهارة، ويؤمن بأن الأخلاق هي الطريق الأول إلى الانتصار. لم يكن يرفع صوته إلا دفاعًا عن لاعب مظلوم، ولم يقصِ أحدًا إلا بعد أن يمنحه الفرصة تلو الأخرى. كان أبًا حقيقيًا لكل من ارتدى قميص المنتخب، يقوم من يخطئ، ويحتضن من يتألق، ويعامل الجميع بميزان العدل والاحترام. هذا النهج الإنساني ترك بصمته العميقة في جيل كامل من اللاعبين الذين صاروا اليوم مدربين وإعلاميين ومسؤولين، يحمل الكثير منهم فكر "المعلم" في داخلهم. كثيرون منهم يعترفون بأنهم تعلموا منه معنى الانتماء، ومعنى أن تضع شعار بلدك فوق كل اعتبار. لذا، فإن تأثير حسن شحاتة لا يتوقف عند البطولات الثلاث، بل يمتد إلى عقلية مصرية أعادت للجماهير ثقتها في منتخبها، وأثبتت أن النجاح الحقيقي يُبنى بالإخلاص قبل التخطيط. ويبقى "المعلم" رمزًا نادرًا في زمن قلت فيه النماذج الرياضية التي تحبها القلوب قبل أن تصفق لها الأيدي. فمهما تغيرت الأجيال وتبدلت النجوم، سيظل اسم حسن شحاتة محفورًا في الذاكرة، كأيقونة للوفاء، ومعلم من طرازٍ لا يتكرر. اليوم، ونحن نتابع حالته الصحية ونتمنى له الشفاء العاجل، ندرك أن حب الناس لا يُشترى بالبطولات فقط، بل يكتسب بصدق النية وصفاء القلب. وهذا ما جعل المصريين جميعًا يرفعون أيديهم للسماء داعين بالشفاء العاجل لمعلم الكرة المصرية حسن شحاتة.