اتربينا على كلام كتير أوى ومتعلمناش منه حاجة زى مثلاً «اللى يخاف من العفريت يطلعله» دى مقولة من تراثنا والفلكلور الشعبى المصرى كلنا خايفين يطلعلنا العفريت بس الغريبة أننا طول الوقت بنعمل حاجات تزود خوفنا من العفريت وتزود صعوبة الحياة فى عيوننا.. العفريت اللى أقصده هو مستقبلنا.. نقلق من مستقبلنا ومن المعيشة الصعبة ومن الذى سوف يحدث لنا وغالباً ما نتخيل أن القادم سيكون أصعب بمراحل من الحالى مثال آخر فلكلورى تربينا عليه «القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود» القرش هو عملة مصرية قديمة ونستمر فى جمع الأموال دون الاستمتاع بأى منها انتظاراً لليوم الأسود.. ليس معنى كلامى على الإطلاق الاستمتاع بالحياة الآن ونسيان المستقبل بالعكس ما أقصده تحديداً من المثالين هو التخلص من خوف المستقبل.
الإحساس بأن القادم أسوأ وأنه لا مفر من التخلص من العفريت غير مواجهته بتوقع أن الأسوأ قادم لا محالة، والمتوقع طبيعى ومنطقى هو أن يحدث ما نفكر فيه، أن نظل ننتظر العفريت ونتوقع أن القادم أصعب وخاصة فى الفترة الحالية مع الظروف المادية والاقتصادية والسياسية الصعبة التى نعيش فها، وهذا يكون تفكير عدد كبير جداً من الناس فى مجتمعنا وهو السبب المنطقى أن الناجحين أو السعداء فى حياتنا أكيد مش شايفين بكرة عفريت بدليل لو حد بيحلم أن يحصل على جائزة نوبل مش هيفكر أن اليوم الأسود قادم لا محالة، هيشوف بس الخطوات اللى هتوصله لهدفه، لاعب الكرة فى الماتش يبدأ الماتش وهو متوقع تماماً ومؤمن بنتيجة المباراة ويرى نفسه فى خياله وهو سعيد بالفوز وهذا أقوى حافز للحفاظ على استمرارية النجاح مدى الحياة.
اقوى قاتل فى حياتنا هو اعتقادنا تجاه حياتنا هو اعتقادنا تجاه الآخرين بمعنى رؤيتنا لحياتنا هل هى رؤية إيجابية أم سلبية.. درجة تقييمنا لماضينا هل هو خبرات وتجارب لنعيش حياة مستقبلية أفضل أم هو حياة قاسية ستستمر بنفس الطريقة وأمس هو اليوم هو الغد سلسلة من المشاكل المتتالية والابتلاءات التى لا تنتهى؟
جميعاً نعلم جيداً أنه لا توجد مشكلة تستمر ولا حتى كارثة ستستمر لذلك لا حل للتعامل مع مشاكل الحياة إلا أنها ستمر وستنتهى ولكن الأهم من ذلك هو ماذا سوف نفعل بعد انتهاء المشكلة وجهة نظرنا للحياة القادمة هل سنتخيل أن بعد المشكلة ستهدأ الأمور والصحيح أن الأمور لن تهدأ مثلما قال أرسطو: علينا أن نحرر أنفسنا من الأمل بأن البحر يوماً سيهدأ علينا أن نتعلم الإبحار وسط الرياح العاتية، وبالمثل هى حياتنا علينا أن نتعلم أن الحياة صعبة وقاسية ولكن دائماً وأبدا لدينا حلان يا نختار أن نمتلك حياة رائعة هى التى نرغب فيها أو نختار أن ننهار ونعيش دائماً بإحساس أن حياتنا سلسلة من المأساويات التى لا تنتهى ونعيش مثلنا مثل أى شخص آخر ومحملين بكم مشاكل كبيرة لا تنتهى وإحساس قاس بالضياع الدائم دون أى إنجاز أو تجديد فى الحياة.
الفارق هنا هو القرار بأن نتحكم فى حياتنا رغم هذه الصعاب بأن نقوى من أنفسنا لدرجة أننا نتحمل كل هذه الصعاب وليس فقط تحملها ولكن أيضاً التغلب عليها بإصار وعزيمة للنجاح.
رباعية رائعة لصلاح جاهين يقول فيها: يأسك وصبرك بين إيدى وأنت حر، تيأس ما تيأس الحياة راح تمر، أنا دقت من دا ومن دا عجبى لقيت، الصبر مر وبردك اليأس مر.. نفس المجهود العقلى المبذول للنجاح الساحق هو نفس المجهود الذى نبذله لنستسلم وننهار رغم أنها معلومة غريبة ولكنها حقيقية جداً لأننا نقرر الاستسلام سيستمر إحساسنا بالضعف والحزن يأخذ حياتنا لأنه يدخلنا فى دائرة مفرغة نستمر فى السير فيها دون أن نشعر ويأخذ من وقتنا ووقتنا هو حياتنا فالحزن يأخذ حياتنا، لأن ببساطة المخ حينما يتعود على شىء يستمر فيه ويقوم بتكراره دوماً، إذا سيطرت على المخ فكرة معينة سيستمر المخ فى تعذية تلك الفكرة إذا أحسست أنك عبقرى وأنك شخص مفيد جداً للناس ولنفسك فسيدعمك مخك جداً بأشياء تغذى هذه الفكرة مثل أن يوفر لك أصدقاء يساعدونك على النجاح سيجبرك على التعلم المستمر وتنمية ذاتك دائماً ويزيد من قدرتك على التخيل ورؤية حياتك بشكل أفضل وأحسن والعكس صحيح.
يقول ديل كارنجى «أن 93٪ من الأحداث التى نعتقد أنها ستتسبب فى الأحاسيس السلبية لن تحدث أبداً وأن فقط 7٪ أو أقل لا يمكن التحكم فيها مثل الجو أو الموت».
معنى ذلك أننا نتوقع الأحداث السلبية واستمرارها وتراكماتها أكثر من اللازم بكثير. الخطوة الأولى فى التغيير هى الإدراك، كيف ندرك أن حياتنا سنعيشها مرة واحدة فقط كل يوم يمر لن يعود ثانية استثمارنا الجيد لوقتنا يحمينا من أن نشعر ولو للحظة أن عمرنا مر دون هدف أو دون جدوى أو أننا كنا نحلم أحلاماً ولم يحدث منها شىء، للحفاظ على أنفسنا من أن نشعر هذا الإحساس هو أن نستغل كل لحظة تمر فى حياتنا أن تكون خطوة إيجابية تجاه ما نحلم به.
الخطوة الثانية هى وضع رؤية أو طريق نمشى فيه يوصلنا لأهدافنا، لكى نضمن أن عقلنا ينفذ ما نريده يجب أن نبلغه بما نريده تحديداً، أين نريد أن نصل، نحن علينا السعى دائما تجاه ما نريده والسعى بأقصى قوة لتحقيقه وإلا سنكون جزءا من حياة أشخاص آخرين إن لم نكن نعلم تحديداً أين نريد أن نذهب.
الخطوة الثالثة الهامة هى التخطيط للمستقبل، الخطة هى الخطوات الواضحة التى نبلغ بها عقلنا لكى يوصلنا لما نريد دون ضياع وقت واستثماره واستغلال كل الإمكانيات المتاحة لدينا للوصول لأهدافنا.
كثير من مشاكلنا تكمن فى عدم تنفيذ الخطوة الرابعة وهى التنفيذ، بمعنى أن بعض الناس أحياناً يضيع منهم وقت كثير فى التخطيط دون التنفيذ، كثير منا يرغب فى تحسين لغة عنده أو تعلم شىء جديد ولكنه يتمنى فقط ذلك ويبلغ نفسه دائماً أنه عندما يجد وقتاً سيقوم بفعل كذا أو كذا ولكن لن يأتى هذا الوقت أبداً لأنك إذا أردت أن تفعل شيئاً افعله الآن، إذا خططت لحياتك أن تفعل شيئاً قرر الآن أن تفعله لأنه ببساطة شديدة المخ سينشغل دائماً بما هو طارئ عليه وينسيك ما تخطط له الحل الوحيد هو القرار حالاً، أن تصنع لنفسك حياة رائعة سيأخذ منك ذلك مجهوداً كبيراً ولكن تذكر دائماً أن حياتك هى ملك لك أنت فقط عشها بالشكل الذى ترغب فيه بالشكل الذى تتمنى أن تكون عليه، المجهود الكبير الذى تبذله لن تشعر به عندما تنجح ولكن تذكر أن البدايات دائماً هى أصعب الخطوات التى نمر بها، لا تنتظر الوقت المناسب لتفعل كذا وكذا لن يأتى الوقت المناسب، لكن اجعل كل يوم خطوة هامة فى طريق مستقبلك، لا تركز مع أحد ركز على نفسك وعلى مستقبلك اترك أى شخص يقلل منك، واترك أى فكرة سلبية تصل إليك من أى طريق.
أخيراً.. لا ينغص تحقيق أهدافنا فى الحياة غير الالتزام والصبر على ما نريد يقول إيدسون: «يخسر الناس معظم الفرص لأنها على هيئة مشكلات بملابس العمل، فلا توجد فرص مجردة من الجهد إلا الأحلام، ولا يرى الفرص فى الأحلام إلا النيام».