إن كان الكل يتفق على أن الشعب المصرى قادر على مواجهة الحرب الإرهابية لإسقاط الدولة المصرية، فالكل أيضا يتفق على أن موجات انقطاع الكهرباء المريرة التى تعود بنا لعصور الظلام من شأنها زعزعة أساسات الدولة المصرية خاصة أن حل هذه الكارثة لن يأتى إلا قبل منتصف 2018 كما قال وزير الكهرباء المتهم بانتمائه للجماعة «د. محمد شاكر» واكتملت فصول المفارقات السوداء بتحديد مواعيد قطع الكهرباء، وأخذت الأزمة منحنى آخر بعد شماتة الإخوان فى دولة يونيو، خاصة عقب ما كشفه «د. سامر مخيمر» القيادى فى ائتلاف مهندسى الكهرباء حول دور القيادات الإخوانية بالوزارة فى تفاقم الكارثة! «مخيمر» حكى لنا بالتفصيل الدور الإخوانى فى الأزمة بقوله إن ما يتردد عن أن نقص الوقود هو سبب أزمة انقطاع التيار الكهربائى المتكررة غير صحيح، وليست له علاقة بأزمة الوقود فقط، والإخوان لايزالون يلعبون فى وزارة الكهرباء لدرجة تولى المناصب القيادية والاستمرار فيها منذ سنة حكم مرسى، ومن هذه القيادات أكثم أبوالعلا المتحدث الرسمى للوزارة الذى استمر رغم مرور تغيير من وزير وقيادات أخرى إخوانية منهم قيادة مهمة بالكهرباء كان متواجدا فى أحداث رابعة وأصيب برصاصة فى قدمه وعاد إلى موقعه بعد فض اعتصام رابعة، وعدد كبير من قيادات الإخوان فى الكهرباء كانوا مشاركين فى اعتصامى رابعة والنهضة، وكانوا يفكرون فى حال مخطط قطع الكهرباء عن الاعتصامين كيف يواجهون ذلك ورغم كل هذه الأمور التى يعرفها الجميع داخل وزارة الكهرباء لم يتحرك أحد، وأن هناك تصعيدا لأزمة الكهرباء والانقطاع المستمر، وهناك محطات تم إنشاؤها وتكلفت مليارات ثم توقفت عن العمل بلا مبرر، منها مثلا محطة أبوقير التى تكلفت 13 مليار جنيه وتوقفت عن العمل بعد عام، ومحطة طلخا التى تعرضت لهجمات إرهابية إخوانية وتم حرق ثلاث وحدات بها، والمؤسف أن محطة الكريمات التى من المقرر لها أن تنتج ثلاثة آلاف ميجا، لم تنتج إلا 400 ميجا وتعطل ثلثها عن الخدمة.
وأكد د. سامر مخيمر أن السبب فى كل هذه الكوارث يرجع إلى قيادات وزارة الكهرباء السابقين والحاليين على مستوى الوزراء والقيادات، ودخول الإخوان للوزارة هو أكبر كارثة ويجب إحداث ثورة تصحيح فى الوزارة وكل القطاعات الخاصة بها لإنقاذ المحطات وحل المشاكل بطرق علمية بعيدا عن تصفية الحسابات، وقدمنا العديد من البلاغات ضد وزراء سابقين وقيادات إلى مكتب النائب العام السابق والحالى، ولم يتحرك أحد ولابد أن يكون هناك تحرك سريع لإنقاذ الوزارة من فسادها الذى يحتاج إلى مكاشفة ومصارحة.
بينما يرى د. إبراهيم زهران - خبير البترول الدولى - أن الأزمة التى تعانيها مصر فى الكهرباء سببها سوء الإدارة والمحطات القديمة والمتهالكة وعدم وجود صيانة سليمة ودورية لهذه المحطات، بجانب عدم توافر الوقود الكافى لتشغيل هذه المحطات والاتجاه إلى استخدام الفحم بنسبة 30٪ هو أمر جيد، لكنه بحاجة إلى وقت وإن هذه المحطات بحاجة إلى 650 مليون قدم مكعب غاز فى اليوم، وما يتردد عن استخدام المازوت هو أمر غير مقنع لأنه ليس لدينا الموانئ الكافية لاستيعاب المازوت بهذه الكثافة لتشغيل المحطات.
وأضاف د. زهران: يجب الاعتماد على الطاقة البديلة والمتجددة والنووية لحل أزمة الكهرباء فى مصر وأن هذه المحطات متوقع منها إنتاج 28 ألف ميجاوات ولدينا عجز 6 آلاف ميجا، ويجب توفير هذا النقص دون الرجوع إلى افتعال الأزمات، والأمر بحاجة إلى التفكير فى توفير الوقود وصيانة المحطات وإنهاء العمل فى المحطات التى يتم إكمالها.
ومن جانبه أكد د. إبراهيم العسيرى - مستشار وزارة الكهرباء للشئون النووية: إن الطاقة النووية لا بديل عنها لحل أزمة الكهرباء ومعروف أن مصادر الطاقة غاز وبترول ومساقط مائية وفحم ونووية، ونحن فى مصر لا نملك البترول أو الغاز واستخدمنا المساقط المائية، ويجب علينا أن نحافظ على ما لدينا وأن ننشئ محطة نووية وهو الحلم الذى انتظرناه طويلا منذ 60 عاما ولا نعرف سبب تأخر إنشاء هذه المحطة، والمحطة النووية آمنة، وأرخص لإنتاج الكهرباء.
والأمر المثير للغرابة أن نفكر فى استيراد الفحم لتوليد الكهرباء وهو أمر لا يوصف إلا بالغباء السياسى لأن الدول الأولى فى العالم التى تنتج وتخزن الفحم مثل أمريكاوالصين وأوكرانيا تنشئ محطات نووية وهناك دول عربية لديها محطات نووية مثل الإمارات لديها محطتان وتنشئ اثنتين أخريين، والسعودية رصدت مائة مليار دولار لإنشاء 16 محطة نووية رغم أن لديها 35٪ من مخزون البترول فى العالم.
ويضيف د. العسيرى أن الصين وهى أول دولة مصدرة للفحم لديها 28 محطة نووية ومصر غائبة عن العالم لعدم وجود محطة نووية وإيران التى لديها البترول والغاز لديها محطة نووية، ونتجه نحن فى مصر إلى استيراد الفحم وأمريكا أكبر دولة فى احتياطى الفحم لديها مائة محطة نووية وتعد لأربعة أخر، ولا أحد فكر فى كيفية تخزين الفحم أو نقله إلى مصانع الأسمنت وأضرار البيئة وانخفاض عدد السياح بسبب استيراد الفحم، والحل هو الاتجاه إلى المحطات النووية لأنها الأفضل والأسهل وللحفاظ على البيئة وحل مشاكل مصر وانتظار الحلم الذى تأخر سنين طويلة بفعل ضعف الإرادة السياسية واستمرار ضعفنا وتأخرنا عن العالم.