لا أصدق أن قناة فضائية فى ضوء المنافسة الشرسة يشغلها التليفزيون المصرى أو أنها مهمومة بريادته الغائبة لأن معظم هذه المحطات قامت على جثة قنواته الأرضية والفضائية سرًا وعلنًا ولهذا لم أتعاطف مع الهجوم الحاد الذى شنه الإعلامى أحمد موسى فى برنامجه «الشعب يريد» بقناة التحرير الأسبوع الماضى على وزارة الإعلام وبالتحديد ماسبيرو والتليفزيون.. «قال»: لأنها أغفلت أحداثًا مهمة كان يتمنى أن يراها عبر شاشاته ولكنه وجدها فى محطات منافسة!؟ القضية هنا ليست دفاعًا عن الإعلام المصرى الذى خيب الآمال بعد ثورة 30 يونيو بتعثره فى استعادة عرشه وغيابه الغريب من الشارع المصرى رغم إمكانياته البشرية الهائلة وقواته التى انشغلت بالمناصب وهواجس التطهير والهيكلة وأهملت الرسالة الإعلامية والزعامة والتاريخ وتراجع شعب ماسبيرو الذى وصل إلى 24 ألف موظف إلى الصفوف الخلفية التى تشبه قنوات الترسو بعدما أنهكته الأنظمة الساقطة بحسابات وسياسات إلى جانب المحسوبية والمجاملات التى أفقدته توازنه وبريقه ويدفع القائمون عليه فاتورة كل هذا الإرث الثقيل ومنهم الوزيرة د. درية شرف الدين وهى من الشخصيات المتزنة والهادئة والتى تفاءل البعض فى تسجيل طفرة جديدة بحكم خبرتها بأهل ماسبيرو ومشاكله.. لكنها اصطدمت بعلاج الأمراض على حساب مصالح الوطن.
فى أحداث خطيرة ومهمة ضلت الطريق مع غياب شبه كامل عن المشهد الإعلامى وتطمين الرأى العام وهى مهمة هذه الوزارة الخطيرة وهى نفسها التى دافعت عن الاستبداد طوال 30 عامًا ولكنها استمرت فى غيبوبة بعد وصول سفينة الوطن إلى بر الأمان بعد ثورة 30 يونيو المجيدة.
«أحمد موسى» أغرته الانفرادات والفقرات اللامعة التى أذاعها فى برنامجه وراح يسب ويلعن التليفزيون المصرى وقياداته ووزيرته بل إنه طالب بحرق هذا المبنى - يقصد ماسبيرو - وتاريخه وتراثه العريق.. «موسى» خرق مواثيق الشرف الإعلامى وخالف ضميره المهنى بالهجوم الفريد من نوعه على الإعلام المصرى فى وصلة ردح لم نشهد لها مثيلا فى تاريخ الإعلام المرئى، روزاليوسف انتقدت الأداء الإعلامى بعد ولاية د. درية ولكننا لم نخرج عن النص بالتجريح والتشهير ضد جهاز قومى يريد التغيير ومواصلة رسالته وتصحيح تاريخه العريق والرائد، ليس فى مصر بل المنطقة العربية، وكان هدفنا من انتقاد الأداء هو الغيرة على هذا الكيان العملاق لاسترداد عرشه وإزالة الغبار من أركانه كما أنها دافعت عن «موسى» عندما انهال عليه «باسم يوسف» بوابل من السخرية ولكنه لم يتعلم من الدرس بعد هجومه المستفز على جهاز وطنى.
مازال أمام ماسبيرو فرصة ونحن على أعتاب فترات حساسة من عمر الوطن للرد العملى على المزايدات والتشهير والحلول بسيطة بالاستعانة الحقيقية بكوادره وكفاءاته وبعد تولى رئيس جديد للتليفزيون وأن يرد الاعتبار فى معركة الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية وقبلها الرئاسية وهى من أخطر المراحل فى تاريخ مصر.. ماسبيرو قادر على الرد العملى رغم معاناته المادية وأمراضه المزمنة ومواجهة توحش وطمع واستعراض بعض المحطات الفضائية.. وهنا لابد من الاستعانة بالرموز الإعلامية والصحفية والثقافية وأيضًا نجوم الشعب من كبار الفنانين والمبدعين والكتاب للمساهمة فى خروج الإعلام المصرى من أزمته لمواجهة إعلام خاص لا يهم بعضه إلا التضخيم والتشهير والتجريح و«الردح» وبالتالى تشتيت المواطن المصرى وإرباكه وصرف نظره عن المصالح العليا فى هذه الفترة الدقيقة من عمر هذا البلد الأمين.
التليفزيون المصرى الوطنى قادر على العودة ووقتها لن يمانع أحد فى فرض ضريبة ولو بمقدار جنيه واحد على فاتورة الكهرباء أو لأصحاب السيارات وتخصيصها لإعلام مسئول لا يتاجر أو يزايد بل يدافع عن وطن يستحق الفداء.