خلال أيام، يعود لنا «البرادعى» وسط أجواء ضبابية من تفاصيل هذه العودة المريبة، والتى يعول الكثيرون على تحليل أبعادها خلال الفترة الأخيرة، خاصة أن النشاط الأمريكى ملحوظ بملف المرحلة الانتقالية المصرية رغم أزماتها الداخلية، «روزاليوسف» من ناحيتها حاولت البحث فى كواليس أسرار هذه العودة التى لم يتصور الكثيرون أنها ستكون بهذه السرعة، وبالذات أن أغلب القوى، والشارع ضد «البرادعى» بشكل صريح خاصة بعد مشاركته اجتماعا للتنظيم الدولى للمحظورة فى ظروف غامضة جدا أو بجمل معادية جدا لثورة يونيو وللدولة المصرية! هذا «المستعرب» الذى ناصر ثورة يونيو شكلا وعارضها موضوعا، ودعم الإخوان بقوة بشكل صادم لشباب الثورة الذين كانوا يعتبرونه «رمزا لهم».
تخلى عن بلده ورفض تحمل المسئولية والاكتفاء بمحاولة الحفاظ على صورته الداخلية أمام العالم أجمع دون النظر إلى مصر ومستقبلها، ولم يقل رأيه داخليا وفضحنا عالميا وتخلى عن البلد. هو لم يفهم أن المصريين فى حالة فزع وأن هناك مجموعات إرهابية تهاجمهم وبرأ نفسه على طريقته المريبة!
«البرادعى» يمثل خطرا على الشعب والدولة، وفق كثير من التحليلات، فهذا الرجل السبعينى، كما وصفه «جمال الغيطانى» فى مقالاته الشهيرة ضد البرادعى «رجل المتناقضات» يعمل على إعادة القوى المتاجرة بالدين إلى الحياة السياسية.
«عمليا» يعمل على هدم ثورة يونيو الآن، ولم يبذل من أجلها أى تضحية تذكر.
راقبنا «البرادعى» من بعيد بهيئته الدبلوماسية وملابسه الأنيقة، وتعاليه على الخلق، حتى إن بعض الحراس الريفيين بالمنتجع الذى يسكن فيه قالوا لى يوما: دا راجل قلبه قوى.. ما بيقولناش سلاموا عليكم.
هذا الرجل كان من الممكن أن يكون زعيما لمصر، لكن كيف يصبح سعد زغلول آخر، وهو حريص على سلامة ياقة قميصه أكثر من حرصه على الثورة نفسها كما قال «جمال الغيطانى». الكل يتساءل عن مدى الروابط بين البرادعى وتيارات الإخوان والإسلام السياسى؟!، والخوف من أمثال البرادعى لأنه متردد غير مستعد للتضحية بأى مستوى، رغم أنه احتل كل هذا القبول من قبل شباب الثورة، فالرجل لم نجده على رأس مظاهرة أو مسيرة، لم يسجل موقفا له شأن.. يدلى فقط بالتصريحات الحذرة من بعيد، وعندما نصحه البعض بضرورة الظهور فى التحرير قصد الميدان فى اللحظات الأخيرة، دخله من الطرف الأبعد محاطا بشباب من مريديه.
جاءت ثورة 03 يونيو لتقدم للبرادعى فرصة نادرة لاقتطاف الثمار، فراح يستغل أعظم الثورات لتقديم نفسه للعالم بأنه الحاكم الحقيقى لمصر.. هذا جوهر أحاديثه إلى الغرب.. الأخطر أنه يعمل لإجهاض الثورة، ليس فى ذلك أى مبالغة.
الإخوان لا يزالون محشورين فى زاوية رابعة، ويبدو أن البرادعى دخل هذا الركن، ولا نستبعد أن يعود لنا رافعا شعارها فى مطار القاهرة.
البرادعى يؤمن إيمانا جازما بضرورة إنهاء كل مظاهر الخروج على القانون وفض الاعتصامات والاستعداد للانطلاق إلى المستقبل، كما يعلن والخطر فيه أن سيكون عنوانا للتدخل الدولى فى مصر، وقتها سندخل النفق المظلم سواء سميناه صراعا مسلحا أو حربا أهلية أو مطاردات على غرار ما حدث فى التسعينيات، وسيتم تصنيفنا باعتبارنا دولة فاشلة، وسيتم تأجيل كل الكلام عن الاقتصاد والحياة العادية.
ورأي الكاتب المخزنجى الذى هجر مكانه فى الشروق لأسباب يعلمها الجميع سيكون مهما فى حالتنا هذه، خاصة أنه سبق ودافع عن البرادعى واعتبره نموذجا جديدا من «شجاعة الوداعة»، فالرجل الهادئ يتلعثم قليلا ولا يكاد صوته يرتفع، إنما يشع بجسارة لا يتمتع بها مشاهير الرفض الحنجورى، وهو برغم هدوئه وصوته الخفيض، صحيح أنه لم يكن مناضلا ميدانيا، لكنه لم يتراجع لحظة فى طرحه.
البرادعى يتحمل المسئولية السياسية عن إراقة دماء المصريين رغم أنه حاول أن يظهر أمام العالم بهروبه أنه طاهر اليدين، والمهم القادم الآن خاصة أن ثورتنا تمر باختبار قاس، لأن عودة البرادعى ستزيد انقسام المجتمع، وتسرع وتيرة وصول وتنفيذ التعليمات الخارجية لمصر ضد الثورة.