سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أصداء الاستقالة.. أعمق خلاف بين «البرادعى» و«شباب الثورة» للمرة الأولى منذ 25 يناير «الليبراليون» و«اليساريون» يُجمعون على رفض موقفه الأخير: خذلنا جميعاً وتخلى عن مسئوليته واعترض على فض بؤر الإرهاب
طالما ظهرت الخلافات واختلفت المسافات بينهما فى محطات مختلفة من مسيرة الثورة المصرية، لكنها لم تكن أبداً بالعمق الذى بدت عليه بعد استقالة الدكتور محمد البرادعى المفاجئة، أمس الأول، من منصب نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية، اعتراضاً على فض اعتصامى أنصار الرئيس المعزول، فى رابعة والنهضة، بالقوة. فيما مضى بدا أن مصدر الخلاف هو التفاوت المعتاد بين الحماسة المعروفة والزائدة أحياناً للشباب وبين «تعقل وحكمة الشيوخ»، أما أمس الأول، فبدأت أطياف عديدة من «شباب الثورة» تتحدث ربما للمرة الأولى عن أن الرجل الذى اعتبروه ملهماً للثورة واعتادوا أن يصفوه ب«أيقونتها»، خذلها وأضرها كثيراً بموقفه الأخير. فالشباب المنتمى لقوى وحركات سياسية عديدة من القوى الطليعية فى ثورة يناير 2011 وموجتها فى 30 يونيو 2013، والذى أصدر تفويضات عديدة للبرادعى لقيادة المرحلة الانتقالية فيما بعد الإطاحة بنظام محمد مرسى والإخوان، وجد فجأة أن الرجل تركهم، دون استشارتهم حتى، فى ظل لحظة مفصلية ومواجهة محتدمة مع قوى النظام القديم الذى اتفقوا على انحرافه بمسار الثورة وتجارته بالدين. وحسب ما قاله «البرادعى» نفسه فى استقالته «أصبح من الصعب علىّ أن أستمر فى حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها ولا أستطيع تحمل مسئولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميرى ومواطنى خصوصاً مع إيمانى بأنه كان يمكن تجنب إراقتها.. وللأسف فإن المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفاً وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله». لكن الكلام السابق لم يلقَ قبولاً لدى القوى التى سبق أن فوضت البرادعى للحديث باسم الثورة، حيث رفضت حملة تمرد على صفحتها الرسمية على الفيس بوك، الاستقالة واعتبرت أنها «تخلى عن المسئولية»، وقالت فى بيان: «إن استقالة الدكتور البرادعى فى هذه اللحظات التاريخية هروب من المسئولية. وكنا نتمنى أن يؤدى دوره لإيضاح الصورة للرأى العام العالمى والمجتمع الدولى وشرح أن مصر تواجه إرهاباً منظماً خطورته كبيرة على الأمن القومى المصرى». وأعلنت جبهة 30 يونيو عن «بالغ خلافها» مع البرادعى، وقالت فى بيان: إن «القوى الشبابية المنتمية لخط ثورة 25 يناير وموجته الأعظم لتصحيح المسار واستكمال الثورة فى 30 يونيو، تعرب عن بالغ خلافها العميق مع قراره بالاستقالة من موقعه، وتؤكد أن خلافها مع القرار، ومع توقيته، ومع طريقة اتخاذه، فضلاً عن الخلاف أيضاً مع أسبابه المعلنة رغم التقدير والتفهم له»، وإن أكدت فى الوقت نفسه على احترامها لشخصه، رغم خلافها السياسى معه. ونشرت الجبهة نص خطاب أرسلته للبرادعى يمثلها هى وعدد من شباب الثورة، لدعوته للتراجع عن استقالته، والتى تحمل عتاباً من قبيل: «إننا إذا كنا جزءاً من قرار تفويضك وتوليك لهذا الموقع، فقد كنا نتوقع أن نكون جزءاً من التشاور قبل اتخاذ أى قرار بخصوص ترك الموقع فى هذا التوقيت الخطر والحرج والحساس». وأضاف الشباب فى رسالتهم: «رغم أننا قد نتفهم وندرك بعض دوافع قرارك وأسبابه، لكننا نراه خطأ مؤكداً، ليس فقط على مستوى توقيته، ولا طريقة اتخاذه، وإنما -وهو الأهم- على مسار المرحلة الانتقالية، وعلى مسار الثورة كلها، خصوصاً أن مثل هذا الموقف سيفسَّر فى عقول وقلوب ملايين المصريين بأن الثورة ورموزها لا تقدر على الحكم، ولا المواجهة ولا تحمل المسئولية». لكن حتى هذه الرسالة لم تلق قبولاً لدى أطراف من الشباب الغاضب، ومن بينهم اتحاد الشباب الاشتراكى؛ التابع لحزب التجمع اليسارى، والذى أعلن فى بيان أن «الرسالة التى وصلت للبرادعى باسم شباب الثورة لا تمثله». وقال أحمد بلال، القيادى بالاتحاد وعضو تنسيقية 30 يونيو: «إن الاتحاد رفض هو وآخرون أن تحمل الرسالة توقيع التنسيقية، لما فيها من استجداء للبرادعى، لعودته إلى منصبه»، إلا أنهم فوجئوا بإقحام اسم التنسيقية فى الرسالة. وأضاف: «البرادعى ارتكب خطيئة ضربت الثورة فى مقتل، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، وحتى لو عاد فى قراره فلن يُغير من الأمر شيئاً، فقد خذلنا جميعاً، بعد أن قررنا التوافق عليه ليكون ممثلاً عن الثورة فى الحكم، بالعكس لم يُقدر ذلك واتخذ قراره منفرداً دون الرجوع لأحد أو إطلاع أحد حتى على مبررات قراره إن كان له مبررات». وفى السياق نفسه جاء رد «جبهة الشباب الليبرالى» التى تضم عدداً من شباب الأحزاب الليبرالية، التى أعلنت عن تضامنها ودعمها لقرارات مجلس الأمن القومى وإدانتها لاستقالة البرادعى. وقالت الجبهة فى بيان: إنها «تعلن عن تضامنها ودعمها لمجلس الأمن القومى لما اتخذه من قرارات تم تطبيقها بمنتهى الحزم من أجل فض البؤر الإرهابية والتى كانت تتمركز بميدانى رابعة العدوية والنهضة والتى ثبت بما لا يدع أى مجال للشك تورط روادهما بارتكاب كل أعمال العنف والإرهاب من أجل تقويض الوطن ومؤسساته». وأدانت الجبهة ما وصفته ب«استقالة البرادعى من منصبه اعتراضاً على فض بؤر الإرهابية بميدانى رابعة العدوية والنهضة بالقوة وتخليه عن مسئوليته تجاه تلك الأزمة الحرجة التى يمر بها الوطن»، مشيرة إلى أنها ترى «إعلاء مصلحة الوطن فوق كل شىء حتى لو اضطررنا للاختلاف مع رموز ثورتنا، وإذا ارتعشوا لا ننسى أننا فى مواجهة مفتوحة مع الإرهاب الذى لا يريد لنا سوى العودة إلى عصور الظلام».