تزامنا مع التظاهرات التى تجتاح أوروبا وأمريكا وعددا من دول العالم العربى شن عدد من الضباط والجنود الأمريكيين انتقادات حادة على إدارة أوباما، رافضين قراره بشن هجوم عسكرى على سوريا وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعى. وفى الوقت الذى تحدث أوباما عن ضربة جوية مؤكداً أنه لن يكون هناك هجوم برى يعلن العديد من الجنود والضباط أنهم لا يصدقونه ويرفضون التدخل العسكرى الأمريكى فيما وصفوه بالحرب الأهلية الدائرة فى سوريا على مدار العامين الماضيين.
صحيفة «بيزنس إن سايدر» نشرت تعليقات لعدد من الجنود الأمريكيين المعارضين للحرب على سوريا. تحدث أحد الجنود المتخصصين فى المفرقعات حول الدور الذى يمكن أن يلعبه هو ورجاله فى تفكيك الأسلحة الكيماوية فى سوريا،مشيرا إلى أنه يرفض تعريض حياته وحياة رجاله لهذا الخطر لأنها ببساطة ليست مهمتهم فى الجيش الأمريكى، خاصة أن هذه المهمة مرهقة وتستغرق وقتا طويلاً فضلاً عن خطورتها الشديدة.
بينما استشهد أحد ضباط المارينز المتقاعدين بشعوره وزملائه أثناء حرب العراق عندما كان الضباط القدامى الذين شاركوا فى حرب فيتنام يرفضون التدخل العسكرى الأمريكى فى العراق وينتقدون بوش بينما كان هو وزملاؤه لا يعبأون بهذا الحديث ويرون أنهم على حق. لكن بعد مرور عشر سنوات يشعر هو بالندم ويؤكد أن حرب العراق كانت منتهى الحماقة وكلفت البلاد الكثير،سواء خسائر مادية أو خسائر فى صفوف أبناء الجيش وهو الأهم.
الضباط والجنود الأمريكيون استخدموا أسلوبا مبتكرا للتعبير عن رفضهم للحرب، إذ قاموا بالتصوير مرتدين زيهم العسكرى الكامل ورافعين يافطات تحمل عبارات منددة ورافضة للحرب على سوريا. كتب أحد هؤلاء: أنا لم ألتحق بالجيش بهدف الدخول فى حرب على سوريا يستفيد منها تنظيم القاعدة بينما كتب جندى آخر: لن أحارب من أجل القاعدة. وكتب ضابط بالمارينز: أنه لم يلتحق بالبحرية الأمريكية للتدخل فى الحرب الأهلية فى سوريا. الضباط أعلنوا بعبارات بسيطة عن رفضهم الدخول فى حرب جنبا إلى جنب مع تنظيم القاعدة. الصورة الواحدة لكل جندى كان يعاد نشرها عبر موقع فيس بوك وحده أكثر من 16 ألف مرة.
صغار الضباط الذين نشروا صورهم الشخصية لإعلان موقفهم الرافض لأى تدخل عسكرى لبلادهم فى سوريا لا يقفون وحدهم بل يساندهم كبار الضباط الحاليين والمتقاعدين إلى جانب الضباط الذين شاركوا فى حرب العراق وندموا على ذلك.
من ناحية أخرى تعرض موقع المارينز الأمريكى للاختراق، الهاكرز الذين اخترقوا الموقع بعثوا برسالة إلى جنود المارينز، مفادها أن الجيش السورى يحارب إرهابيين تابعين لتنظيم القاعدة على مدى السنوات الثلاث الماضية. وتشير الرسالة إلى أن أوباما خائن يريد أن يعرض حياة قواته للخطر لإنقاذ أرواح مقاتلى القاعدة،مؤكدين أنهم يحترمون حب المارينز لوطنهم الولاياتالمتحدة ويتمنون أن يتفهم المارينز حب أبناء الجيش السورى لبلادهم.
عضو الكونجرس الأمريكى «جاستن أماش» كتب بعض التعليقات على كلمة أوباما عبر حسابه على تويتر فجاءت التعليقات من ضباط أمريكيين رافضين لموقف أوباما وإدارته. فأشار أحدهم إلى أنه يجب التوقف عن إرسال أبناء الجيش الأمريكى للموت فى حرب تخص دولة أخرى وكتب آخر: بصفتى ضابطًا بالجيش الأمريكى أطالب بوقف هذه الدعوة للتدخل فى شأن دول أخرى.
الموقف الحالى لضباط الجيش الأمريكى ليس الأول من نوعه فقد سبقهم إلى الموقف ذاته ضباط سابقون أعلنوا موقفهم الرافض لحرب العراق بل ورفضهم استكمالها، وذلك بعد أن اكتشف الضباط أنهم خدعوا بأنهم شنوا حربا ضد العراق لامتلاكه سلاحا نوويا لكن بعد دخولهم تأكدوا أنه لا وجود لهذه الأسلحة إلا فى خيال إدارة بوش.
وقبل ذلك قام الضباط الأمريكيون بتشكيل حركات لمعارضة حرب فيتنام وقادوا تظاهرات حاشدة وأنشأوا مقاهى أمام كل قاعدة عسكرية ليجتمع الجنود بها ويناقشوا كيفية الضغط من أجل إنهاء الحرب. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قام عشرات الآلاف من الجنود بترك الجيش والهروب إلى كندا والسويد وفرنسا، بينما تم سجن آلاف الجنود لرفضهم تنفيذ أوامر قادتهم. كان الأمر تمردا حقيقيا داخل صفوف الجيش الأمريكى. وكانت بداية مشاركة أبناء الجيش فى تظاهرات وإعلان مواقفهم من قرارات الحرب.
الغريب هنا أن جون كيرى الداعم للتدخل العسكرى فى سوريا كان من أشد المعارضين لحرب فيتنام التى شارك بها ثم اكتشف مآسى الحروب فتراجع وقرر إعلان رفضه لها، سواء وسط زملائه أو فى مؤتمرات صحفية لقدامى محاربى فيتنام.
فى أعقاب حرب فيتنام تأسست جمعية محاربي فيتنام ضد الحرب وعلى نفس الخطى سار ضباط حرب العراق فشكلوا جمعية محاربي العراق ضد الحرب. الجمعيتان اللتان لا تزالان قائمتين وتنظمان فاعليات للتذكير بخسائر الحرب المادية والبشرية والنفسية اعلنتا رفضهما لقرار أوباما بشأن الضربة الجوية على سوريا. والسؤال الآن هل نتوقع تأسيس جمعية ضباط ضد حرب سوريا؟. إذا حدث ستكون سابقة أن تشكل الجمعية قبل بداية الحرب وليس بعد بدئها كما حدث فى حربى فيتنام والعراق.